قيادات يمنية تتحرك لدى البرلمان الأوروبي لمناقشة قضية الجنوب

رئيس البعثة الجنوبية لدى البرلمان الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: عملنا بوابة إلى المؤسسات الدولية

أحد عناصر المقاومة الشعبية اليمنية في جنوب مأرب أمس (أ.ف.ب)
أحد عناصر المقاومة الشعبية اليمنية في جنوب مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

قيادات يمنية تتحرك لدى البرلمان الأوروبي لمناقشة قضية الجنوب

أحد عناصر المقاومة الشعبية اليمنية في جنوب مأرب أمس (أ.ف.ب)
أحد عناصر المقاومة الشعبية اليمنية في جنوب مأرب أمس (أ.ف.ب)

أقر البرلمان الأوروبي مؤخرًا اعتماد البعثة الجنوبية الدائمة لدى البرلمان الأوروبي بحيث تمارس مهامها ونشاطها السياسي تحت قبة البرلمان وبدعم سياسي برلماني يمكن أعضاء البعثة الجنوبية من إطلاع مختلف الكتل السياسية الأوروبية سواء في البرلمان أو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وفي أميركا الشمالية والمنطقة العربية على قضية شعب جنوب اليمن وحقه في تقرير مصيره بنفسه، حسبما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
وأشارت المصادر إلى أن قرار البرلمان الأوروبي أكد على أن قضية شعب الجنوب تلقى اليوم تعاطفا واهتماما دوليين أكثر من أي وقت مضى وأن صناع القرار السياسي الدولي على استعداد للتعاطي مع مطالب الجنوبيين المشروعة التي ينص عليها القانون الدولي.
وكانت البعثة الجنوبية الدائمة المعتمدة لدى البرلمان الأوروبي قد دشنت عملها يوم 23 سبتمبر (أيلول) الحالي بعدد من اللقاءات مع أعضاء في البرلمان الأوروبي وشخصيات سياسية تناولت مستجدات الحرب في اليمن والتطورات الجارية هناك.
بدوره، قال رئيس البعثة الجنوبية الدائمة السياسي البارز عبده النقيب إن تدشين عمل البعثة الجنوبية لدى البرلمان الأوروبي يعد العمل السياسي في الخارج ركيزة مهمة للثورة الجنوبية لما له من خصوصيات تميزه عن النضال السياسي داخل الجنوب لأسباب كثيرة أهمها أن الجنوبيين ينتشرون بكثرة في دول الجوار الخليجية والسعودية فكانوا هم خير عون لإخوانهم واستطاعوا تمويل الحراك الثوري السلمي على مدى عشر سنوات مضت وكانوا في الحرب المصدر الرئيسي لتمويل المقاومة الجنوبية بما هو ضروري من غذاء ودواء وأموال تمكنهم من شراء الأسلحة والذخائر وإسعاف الجرحى.
وأشار النقيب في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى دور قطاع المشردين الجنوبيين في أوروبا وأميركا الشمالية الذي كان له أهمية خاصة لوجود أجواء الحرية التي مكنتهم من التحرك السياسي وساعدهم وجود وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والهواتف الجوالة فاستطاعوا إبراز القضية الجنوبية وتهييج الشارع وكسر حواجز الخوف والتعتيم حتى تحول الشارع الجنوبي إلى مسيرات واعتصامات يومية ثم تطورت إلى مواجهات متقطعة بسبب القمع والتعسف الذي مارسته القوات اليمنية على الحراك السلمي الجنوبي وكل هذا أفسح المجال للتحرك الخارجي وكسب التأييد من قبل قطاعات واسعة إعلامية وسياسية وجماهيرية أوروبية وأميركية وعربية.
واستطرد قائلاً إنه في نفس الوقت ساهم هذا الحراك المكثف والمستمر منذ سنوات طويلة في تقويض دعامات النظام وخلق الصعوبات الاقتصادية وزيادة التوترات السياسية التي أربكت النظام وأدخلته في دوامة الصراعات المهلكة التي أفضت إلى الفشل التام والانهيار الكامل لمنظومته السياسية والاقتصادية والتفكك الذي قاد إلى الحرب المدمرة التي يعيشها اليمن الآن.
وأضاف النقيب أنه من هذه اللوحة القاتمة ولدت القناعة لدى الدول المجاورة التي كلت من تحمل أعباء الإبقاء على النظام السياسي اليمني حيا وكذلك المؤسسات الدولية بضرورة البحث عن حلول للمشاكل الخطيرة التي ولدها انهيار النظام السياسي والاجتماعي اليمني وخاصة مع بروز بؤر الإرهاب التي باتت تشكل خطرا محدقا بالأمن والاستقرار في المنطقة التي تمثل مصالح حيوية كبيرة للمجتمع الدولي.
وأشار النقيب إلى أنهم في التجمع الديمقراطي الجنوبي تمكنوا من خلال عملهم الدؤوب على مدار 11 عاما مضت من تكوين علاقات سياسية مهمة مع عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية والأكاديمية في أوروبا وأميركا وفي نفس الوقت أكسب هذا العمل والتراكم الطويل كوادر «نتاج» خبرات طويلة للعمل في الخارج واستطاعوا اقتناص الفرصة في وقت قصير والتسلل إلى المؤسسات السياسية الأوروبية وبدرجة أولى البرلمان الأوروبي الذي يضم كتلا من مختلف الأحزاب السياسية ومن مختلف البلدان الأوروبية وخاصة تلك التي تتبوأ مكانة مهمة في مجلس الأمن الدولي كبريطانيا وفرنسا. وأوضح النقيب أن إقرار البرلمان الأوروبي اعتماد البعثة الجنوبية الدائمة لدى البرلمان كان له أهمية كبيرة بالنسبة للثورة التحررية في الجنوب اليمني، مضيفا أنه ربما يبدو غريبا للبعض أن يكون هناك تمثيل لدى البرلمان الأوروبي لحركة ثورة أو مقاومة لا تمتلك دولة، وهو أمر مستجد نتيجة للمراجعات التي جرت على السياسية الأوروبية والتي رأت أنها أخفقت في الماضي وخاصة في دول الشرق الأوسط.
وأكد النقيب أن وجود البعثة بما تمثله من عمل وطني يشارك فيها الجنوبيون من مختلف المكونات الاستقلالية التي تدعو للحفاظ على الهوية الوطنية للجنوب سيكون بمثابة بوابة للعبور إلى أروقة المؤسسات الدولية لتأمين الدعم الدولي الضروري لقضية شعب الجنوب ومطالبه العادلة في الحرية والاستقلال.
وتشكلت البعثة الجنوبية من النقيب رئيسا والدكتور عبد الله عبد الصمد وجلال عبادي والدكتور حسين السقاف. كما تضم المحامي الدولي مايكل جريفز، مستشارا قانونيا لها، والدبلوماسي ستيقن اتكينسون منسقا للبعثة وعددا من البرلمانيين برئاسة النائب الأوروبي جميس كارفر عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي.
وقالت البعثة الجنوبية في بيان مؤخرا بأن نضال أبناء الجنوب في الخارج هو جزء هام وأساسي غير منفصل عن نضال شعب الجنوب وقواه السياسية الحية في الداخل وهي جبهة لها أهمية كبرى تمتلك خصوصية عن تلك التي تؤلف قوى الثورة في طول وعرض الجنوب وهي إفراز لمخاض نضال الجنوبيين الذي استهله مباشرة بعد كارثة ومؤامرة مايو (أيار) 1990 التي نحصد ثمارها المرة حتى اللحظة.
وأكدت البعثة الجنوبية على أن الأمن والاستقرار لن يتحققا في ربوع الجنوب إلا بنيل شعب الجنوب حقه في الحرية دون إبطاء وأن محاولات طرفي النزاع على السلطة في منظومة الاحتلال اليمني بالعودة إلى الجنوب بمسميات مختلفة تمثل خطرا كبيرا وستؤدي إلى القضاء على كل ما حققته الثورة الجنوبية من انتصارات عسكرية وسياسية جبارة، لهذا لا بد من دخول المقاومة الجنوبية كطرف في المعادلة السياسية القائمة للتحاور الفوري حول مستقبل الجنوب قبل أن نتعامل مع أي طرف يمني مهما كان وأننا سنواصل العمل المسلح حتى نحرر ما تبقى من أراضي الجنوب منهم.
يذكر أن عددا من القيادات الجنوبية المنفية في الخارج منذ حرب صيف 1994 قد بادرت بعد هزيمة الجنوب إلى تشكيل جبهة وطنية للعمل سياسيا على استعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي أعلنها الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض في 21 مايو 1994 بعد 4 أعوام من وحدة اندماجية طوعية بين الشمال والجنوب لم يكتب لها النجاح.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.