تطالعنا المواقع الإلكترونية الخاصة بالطهي والطعام بصرعة جديدة للأكل الصحي كل عام، فما السر وراء ذلك الهوس بالأكل الصحي، وهل علينا تغيير الأطعمة التي نتناولها من عام لآخر؟
تقول خبيرة الطهي العالمية آمي ريولو، وهي أميركية ذات أصول إيطالية، وخبيرة تغذية متخصصة في النظام الغذائي لدول البحر المتوسط، لـ«الشرق الأوسط»: «تتغير صرعة الأكل الصحي كل عام لسببين؛ الأول: أن الأبحاث العلمية الحديثة تؤكد أن هناك نوعيات محددة من الطعام صحية وأخرى غير صحية، وبالتالي نبدأ في تناول مزيد من الأطعمة التي قيل عنها إنها صحية، أو نتوقف عن تناول المأكولات التي ثبت أنها تضر بالصحة على المديين؛ سواء القريب أو البعيد. والسبب الثاني: أن نمط حياتنا السريع وضيق الوقت يجعل الناس تتطلع لحلول سريعة لمشكلاتهم الصحية، وذلك رغم علمنا بأن أفضل وسيلة لتناول الطعام هي أن نتناول كل شيء ولكن بحدود ودون الإكثار منه».
خبيرة الطعام ريولو، حازت جوائز كثيرة وصنفت مؤلفاتها ضمن الكتب الجديرة بالاقتناء من قبل جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، كان أولها «Arabian Delights: Recipes and Princely Entertaining Ideas from the Arabian Peninsula»، الذي يتناول مطابخ الجزيرة العربية ومنها المطبخ السعودي والمطبخ البحريني، والكويتي، والإماراتي، والقطري، واليمني، والعماني. و«Nile style» تتناول فيه أسلوب الطبخ المصري وأشهى المأكولات الشعبية والعادات الغذائية المرتبطة بالثقافة المصرية وطقوس المصريين الغذائية في الاحتفال بالأعياد والمناسبات، سواء اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية. و«The Mediterranean Diabetes Cookbook»، ويضم وصفات مبتكرة شهية منخفضة السعرات الحرارية تناسب نمط حياة مرضى السكري. و«The Cuisine of Karabakh; Recipes، Memories، and Dining Traditions from Azerbaijan’s Cradle of Culture»، وتتناول فيه تأثير الثقافة الأرمينية التي نزحت مع المهاجرين إلى أذربيجان. وريولو تتقن 5 لغات: الإنجليزية والعربية والإيطالية والإسبانية والفرنسية، مما مكنها من عمل علاقات طيبة بشعوب من شتى بقاع الأرض.
وتنبه ريولو إلى أن ظاهرة «الأكل الصحي» وانتشارها حول العالم يجب أن لا تثير القلق بضرورة اتباع النصائح المنشورة هنا وهناك، وتقول: «في كثير من الأحيان، تكون هناك تقارير متضاربة حول المأكولات نفسها، ويظن البعض أنها جيدة والبعض الآخر يعزف عن تناولها. في هذه الحالة يجب أن يتبع الناس حدسهم ويأكلون ما يناسب احتياجاتهم الجسمانية التي تختلف بالطبع من شخص لآخر».
وتضيف: «رغم أننا كل يوم نتعرف على فوائد بعض الأعشاب والخضراوات من مراكز أبحاث الغذاء، فإنه عادة تكون تلك المعلومات ليست بجديدة. فمثلا: نجد أبحاثا جديدة تظهر لنا نتائج حول أهمية وفوائد القرفة في تنظيم مستوى السكر في الدم، وأن الكركديه يساعد على رفع أو زيادة ضغط الدم، لكن صدقت أم لا؛ تقريبا 70 في المائة من العلاجات الحديثة تم ذكرها في النصوص المصرية القديمة التي تعود لعهد الفراعنة».
وتعتقد ريولو أن «مثل هذه الأطعمة المفيدة صحيا يمكنها أن تلعب دورا أساسيا في الصناعات الضخمة التي تدر أموالا لا تحصى، ويمكن لرجال الأعمال والمستثمرين أن يضيفوا تلك المكونات التي ثبت نفعها الكبير للصحة، وبالطبع سيمكنهم ذلك من تحقيق مزيد من الأرباح والمبيعات، نظرا لتهافت المستهلكين عليها».
كما ترى ريولو أن اتجاهات النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي أصبح أمرا شائعا جدا حول العالم في الوقت الحالي. وتقول: «المنتجات الخالية من الغلوتين الأكثر شيوعا وهي الصناعة الأكثر نموا في مجال صناعة المواد الغذائية المتخصصة الأميركية، ونحو واحد من كل 110 أميركيين يعاني من مرض الاضطرابات الهضمية، لذلك هم بحاجة للمنتجات الخالية من الغلوتين الخاصة التي لن تسبب خطرا على صحتهم. هذا المرض كان موجودا منذ فترة، ولكن نسمع عنه أكثر الآن، لأن الناس أصبحت أكثر وعيا به وبأعراضه، ويجرون التحاليل اللازمة لتشخيصه». وتلفت إلى أن ذلك أدى لتغيرات جذرية في طريقة زراعة القمح وإنتاج الأغذية الأخرى في الولايات المتحدة.
وأضافت أن «مرض السكري أحد الأمراض التي تنتشر بشكل واسع وبسرعة في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وحول العالم، وواحد تقريبا من كل 10 أميركيين يعاني من مرض السكري، وهو منتشر جدا في مصر والإمارات العربية المتحدة أيضا». وقد كتبت مجموعة كتب تدور بأكملها حول هذا الموضوع لمساعدة مرضى السكري على تناول الطعام بـ«الهنا والشفا»، كما يقال في مصر.
وتنصح آمي ريولو في محاضراتها في الولايات المتحدة وخارجها بتناول النظام الغذائي لقاطني منطقة البحر المتوسط الراغبين في تحسين صحتهم، وتقول: «يحتوي غذاء سكان منطقة حوض البحر المتوسط على كثير من الأعشاب والخضراوات والفواكه الطازجة والبقوليات والحبوب الكاملة، جنبا إلى جنب مع الدهون المفيدة وأشهرها: زيت الزيتون البكر، والمكسرات والبذور والزبادي التي تحقق فوائد غذائية كبرى لأجسادنا. ودائما ما تروج كبرى المجلات الغذائية المتخصصة والأقسام الخاصة بالغذاء في (نيويورك تايمز) و(بي بي سي) وغيرها لأحدث الأبحاث التي تؤكد على فعالية النظام الغذائي المتوسطي وروعة أطباقه».
* النصائح الخمس
1- يجب تناول مجموعة من الأطعمة التي يطلق عليها الخبراء تغذية Super Foods، ومنها: اللفت، والرمان، والتوت الأزرق، والشاي، وسمك السلمون، وهي أطعمة غنية بمضادات الأكسدة ومتوافرة.
2- البذور: مثل الشيا والكتان والقنب والسمسم، وهي تستخدم بكثرة لدى كثير من سلاسل المطاعم، كما يدعم استخداماتها المتعددة كثير من المجلات والمواقع الصحية وتوصيات اللياقة البدنية. ويسهل إضافتها لوجبات الطعام المختلفة، مثل: دقيق الشوفان، والسلطة، واللبن أو الزبادي.
3- تناول أطباق من مطابخ شعوب البحر المتوسط، ففضلا عن أنها أطباق شهية ولذيذة، فهي فعالة لصحة أفضل وعمر مديد.
4- أما لأصحاب الأنظمة الغذائية الخاصة، مثل الخالي من الغلوتين أو حمية «paleo» أو «raw»، فإن هذه الأنظمة أصبحت مطلوبة بشدة في أوساط الرياضيين ومن يحرصون على لياقتهم البدنية، وأصبح بإمكانهم الاختيار من بين كثير من الوصفات والمطاعم التي تقدم الأطعمة المناسبة لهم.
5- تناول حبوب الـ«فارو» Farro الإيطالية، وهي نوع من الحبوب الإيطالية الشهيرة التي تستخدم منذ القدم، وتناولها يحافظ على الصحة البدنية. وتوجد هذه الحبوب بكثرة في كثير من فروع محلات السوبر ماركت، ويمكن استخدامها في إعداد السلاطات والمقبلات، كما تظهر في قوائم طعام كثير من المطاعم الإيطالية في وجبة تسمى «farrotto» وفيها تستخدم حبوب الـ«فارو» بدلا من أرز الـ«ريزوتو» الإيطالي، ولها مذاق أشبه بالمكسرات.