الرئيس السوداني يؤكد أهمية الحوار الوطني للحفاظ على وحدة البلاد

المهدي يدعو لتسوية تتضمن طي ملف «الجنائية الدولية»

الرئيس السوداني يؤكد أهمية  الحوار الوطني للحفاظ على وحدة البلاد
TT

الرئيس السوداني يؤكد أهمية الحوار الوطني للحفاظ على وحدة البلاد

الرئيس السوداني يؤكد أهمية  الحوار الوطني للحفاظ على وحدة البلاد

جدد الرئيس السوداني عمر البشير التأكيد على حاجة بلاده للحوار الوطني، ولإقراره كوسيلة وقيمة للحفاظ على وحدتها ووحدة مواطنيها، باعتباره القضية الراهنة الأكثر إلحاحا من بين القضايا التي تواجه السودان. وتعهد بأن تسعى حكومته لخلق أمة سودانية ووطن معافى من آفات الفرقة والشتات، كما هنأ قواته المشاركة في الدفاع عن الشرعية في اليمن بعيد الفداء، معتبرا مشاركتها دفاعا عن الحرمين الشريفين والشرعية في اليمن.
بينما دعا المعارض البارز الصادق المهدي الرئيس البشير للاستجابة لنداء قوى المستقبل، ولقبول عملية سلمية شاملة تحقق التحول الديمقراطي، مقابل تسوية تتضمن طي ملف المحكمة الجنائية الدولية وإعفاء الديون، وتوفق بين مبدأ المساءلة والاستقرار في البلاد.
وقال الرئيس عمر البشير، في كلمته أمس بمناسبة عيد الأضحى المبارك، إن استقرار السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق التنمية الشاملة ومجابهة التحديات التي تواجهه ضمن محيط عربي وأفريقي ملتهب، تعد من أهم تحديات المرحلة. وهنأ قواته المشاركة في إعادة الشرعية إلى اليمن، معتبرا مشاركتها دفاعا عن أمن الحرمين ولإعادة الأمل والشرعية لليمن. كما هنأ الشعب الفلسطيني، وقال إنه يتعرض هذه الأيام للعدوان والاعتداء. ودعا جميع الحكومات والشعوب لمساندة فلسطين حتى تتمكن من صد العدوان. وبعد ذلك توجّه البشير بالتهنئة للسوريين واليمنيين في السودان، مرحبا بهم في وطنهم السودان، كما رحب بكل الجاليات العربية والإسلامية، وكل الوجود الأجنبي المسلم في السودان.
من جهته، دعا الزعيم الديني والسياسي رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي في خطبته لعيد الأضحى التي تليت على أنصاره، الرئيس البشير للاستجابة لدعوة من سماها قوى المستقبل، والاتفاق على «ميثاق» يحدد مصير السودان السلمي والديمقراطي الفيدرالي، المستفيد من التجارب الإسلامية الناجحة، ويستوعب التنوع الثقافي والإثني.
ودعا المهدي إلى إقامة هيكل موحد لقوى المستقبل تعلن من خلاله خريطة طريق للمستقبل الوطني، منتقدا محاولات نظام حكم الرئيس البشير لما سماه تجزئة الحوار الوطني إلى ثلاثة حوارات بين المعارضة المدنية والمسلحة في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق منفردين، بما يمكنه من السيطرة عليه وفرض أجندته. وقال في هذا الشأن إن النظام «يجعل نفسه بهذه الطريقة عمدة الحوار ليبرم اتفاقيات ثنائية تحافظ له على ثوابته، وهذا النهج غير مقبول، وهو معزول وطنيا، وإقليميا، ودوليا». وجدد المهدي عزمه على العمل مع قوى المستقبل الوطني من أجل «ربيع سوداني»، يحقق أهداف الشعب السوداني المشروعة ويطبق الميثاق الوطني المنشود. وقال إن مجلس السلم والأمن الأفريقي تبنى رؤية المعارضة للحوار الوطني، التي تبدأ بلقاء تحضيري جامع خارج السودان للاتفاق على إجراءات بناء الثقة، وعلى خريطة طريق، ثم ملتقى جامع داخل السودان، وهو ما يرفضه الرئيس البشير وحزبه، ويصر على عقد الحوار داخل البلاد.
ودعا المهدي مجلس الأمن الدولي لتوسيع قراره رقم 2046، واتخاذ قرار جديد تحت عنوان «السلام العادل الشامل والاستقرار الديمقراطي في السودان»، مقابل تقديم منافع للسودان، تتضمن تسوية مسألة المحكمة الجنائية الدولية، بما يوفق بين المساءلة والاستقرار في السودان، والتوصية بإعفاء الدين الخارجي السوداني ضمن برنامج إلغاء ديون البلاد الفقيرة المديونة، ورفع العقوبات الاقتصادية، وفك تجميد الدعم التنموي. كما رحب المهدي بإعلان الرئيس البشير وقف إطلاق النار، والعفو عن قادة الحركات المسلحة الذي أصدره أول من أمس الأربعاء.
لكنه سخر من مزاعم تفتت السودان ونشوب حرب أهلية، حال قيام ثورة شعبية ضد نظام البشير، بقوله إن السودانيين اختبروا مخاوف مماثلة في معركة نيل الاستقلال وثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1964، وانتفاضة أبريل (نيسان) 1985 وتجاوزوها، وقال مخاطبا البشير: «أمامك فرصة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه: أن تستجيب لنداء الوطن، وترسم معنا خريطة طريق لسلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، بأسلوب لا يعزل أحدا ولا يهيمن عليه أحد». وأضاف: «تجاوب أيها الأخ مع هذه الفرصة التاريخية، ونحن نضمن لك الوفاء بالتزاماتنا كاملة إن شاء الله».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.