الأمين العام للحزب الحاكم في جنوب السودان يتهم الرئيس بمحاولة إنهاء اتفاق السلام

«أموم» أكد أنه لن يعود إلى بلاده قبل بدء الفترة الانتقالية

الأمين العام للحزب الحاكم  في جنوب السودان يتهم الرئيس بمحاولة إنهاء اتفاق السلام
TT

الأمين العام للحزب الحاكم في جنوب السودان يتهم الرئيس بمحاولة إنهاء اتفاق السلام

الأمين العام للحزب الحاكم  في جنوب السودان يتهم الرئيس بمحاولة إنهاء اتفاق السلام

اتهم باقان أموم، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان، رئيس بلاده سلفا كير ميارديت بمحاولة إلغاء اتفاقية السلام التي تم توقيعها مؤخرًا مع زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، ومجموعة من المعتقلين السياسيين الذين يتزعمهم أموم نفسه، معلنًا عن توجهه إلى نيويورك، تزامنًا مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومع اللقاء المخصص لجنوب السودان، بحضور رؤساء عدد من الدول الأفريقية والمجتمع الدولي، لحشد الدعم لتنفيذ اتفاق السلام، وذلك بحضور نائب الرئيس جيمس واني إيقا، وزعيم التمرد رياك مشار في 29 من الشهر الحالي.
وقال الأمين العام للحزب الحاكم في جنوب السودان إنه لا يستطيع العودة إلى جوبا قبل تشكيل الحكومة الانتقالية بسبب تهديدات من قبل الحكومة، التي وقعت اتفاق السلام مع المعارضة المسلحة ومجموعة المعتقلين السابقين الشهر الماضي، موضحًا أن لغة الحكومة أصبحت معادية بشكل واضح ضد مجموعته التي وقعت على الاتفاقية، وأنه أصبح يتعامل مع التهديدات على محمل الجد، كما شدد أموم على أن حكومة سلفا كير بدأت توظف توقيع مجموعته، المكونة من عشر من قيادات الحركة الشعبية، على اتفاق السلام لممارسة الاغتيالات الشخصية، وقال إنه أبلغ الحزبين الحاكمين في تنزانيا وجنوب أفريقيا، اللتين توسطتا بين فصائل الحركة الشعبية في الحكومة والمعارضة المسلحة ومجموعته، حول ما يسعى إليه الرئيس سلفا كير، داعيًا الوسطاء إلى المساعدة في إعادة توحيد الحزب مرة أخرى بتنفيذ اتفاق أروشا.
وأضاف أموم في تصريحات صحافية من نيروبي أن اجتماع نيويورك الذي سيجمع نائب رئيس جنوب السودان جيمس واني ايقا، وزعيم المعارضة المسلحة إلى جانبه، يمثل فرصة مهمة لحشد الدعم لاتفاق السلام، لكنه اتهم رئيس بلاده سلفا كير بالعمل بشكل سلبي على تنفيذ اتفاقية السلام، ومنها تحفظاته التي أعلنها عند توقيعه على الاتفاق، وقال بهذا الخصوص: «لقد زعم كير أن الاتفاق غير مقدس، وهي ذات العبارات التي استخدمها الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري عندما أعلن عن إلغاء اتفاق أديس أبابا للسلام سنة 1972 مع الجنوبيين وقتها»، موضحًا أن كير لا يسعى إلى عدم تنفيذ اتفاق السلام فحسب، بل يريد إلغاءه.. وهذا أمر مؤسف للغاية.
وكشف أموم على أن سلفا كير كان قد اتفق معه بالتوقيع على اتفاق السلام في 17 من أغسطس (آب) الماضي في أديس أبابا، ولكنه رفض التوقيع بصورة مفاجئة، وقال إن الرئيس سلفا كير وافق على تعديلات جوهرية في نسبة تقاسم السلطة في ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط، وذلك بمنح الحكومة 40 في المائة، بدلاً من 33 في المائة، والمعارضة المسلحة 46 في المائة بتعديلها من 53 في المائة، بالإضافة إلى احتفاظ مجموعة المعتقلين السابقين والقوى السياسية الأخرى بنسبة 14 في المائة، وتابع موضحًا: «هناك مجموعة حول الرئيس سلفا هي التي عملت على تغيير موقفه في اللحظة الأخيرة، وطلبت منه عدم التوقيع.. وتحفظات كير دليل على أنه غير مستعد لتنفيذ اتفاق السلام»، لكنه لم يسم هذه المجموعة، واكتفى بالإشارة إلى أن رئيس حزبه يعمل على إفشال اتفاق أروشا (تنزانيا) حول توحيد حزب الحركة الشعبية الحاكم.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.