الانقلابيون في بوركينا فاسو يرفضون الاستسلام.. ويؤكدون قبولهم بالوساطة

الاتحاد الأوروبي يطالب بتسليم السلطة فورًا إلى السلطات المدنية الشرعية

مؤيدون للجنرال جيلبير ديانديريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو في مظاهرة داخل شوارع واغادوغو أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للجنرال جيلبير ديانديريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو في مظاهرة داخل شوارع واغادوغو أمس (أ.ف.ب)
TT

الانقلابيون في بوركينا فاسو يرفضون الاستسلام.. ويؤكدون قبولهم بالوساطة

مؤيدون للجنرال جيلبير ديانديريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو في مظاهرة داخل شوارع واغادوغو أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للجنرال جيلبير ديانديريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو في مظاهرة داخل شوارع واغادوغو أمس (أ.ف.ب)

رفض الجنرال جيلبير ديانديريه، زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو، أمس، الاستسلام بناء على طلب الجيش، الذي انتشر في وقت متأخر من مساء أول من أمس في العاصمة، لكنهم وعدوا بأنهم سيقبلون بقرارات وساطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تجتمع اليوم في نيجيريا.
وقال الجنرال ديانديريه، قائد لواء الأمن الرئاسي، الذي قاد الانقلاب للصحافيين أمس: «نحن لا نرغب في القتال، لكن سندافع عن أنفسنا بالتأكيد.. لقد بدأنا محادثات وتبادلنا آراء مثمرة جدًا، وهذه المحادثات تواصلت صباح اليوم (أمس) لنجد حلاً لهذه المشكلة».
وأضاف ديانديريه مؤكدًا رغبته في حقن الدماء: «نحن لا نرغب في سفك الدماء للبقاء في أي سلطة، وسفك الدماء والمجازر لا تفيد في شيء.. نريد أن نناقش وأن نجد معهم أرضية للتفاهم بشكل سلمي قدر الإمكان لتجنب التسبب في مشكلات للسلام».
وقبل ساعات على هذه التصريحات، أفرج الانقلابيون عن رئيس الوزراء الانتقالي إسحاق زيدا، إذ قالت مصادر رسمية إن زيدا الذي كان من الشخصيات الأساسية في المرحلة الانتقالية، غادر القصر الرئاسي، حيث كان يخضع «للإقامة الجبرية» إلى مقر إقامته الرسمي في حي الوزارات بالعاصمة.
وكان زيدا قد تولى منصب رئيس الدولة لفترة قصيرة بعد سقوط الرئيس كومباوري، الذي أطاحته مظاهرات الشارع في 2014، وكان قبل الانقلاب على خلاف مع لواء الحرس الرئاسي، مع أنه كان مساعد قائده.
وكان ديانديريه قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه يجري مفاوضات مع القادة العسكريين في البلاد لضمان انسحاب الوحدات العسكرية من العاصمة، وقال بهذا الخصوص: «نحن نواصل المفاوضات لدفعهم إلى الرحيل»، مؤكدًا أن الانقلابيين سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم، وأن مئات العسكريين الذين تدفقوا على العاصمة «تأثروا سلبًا ببعض الأشخاص، ولم يتم إطلاعهم بشكل صحيح على المعلومات»، لكن من دون أن يضيف أي تفاصيل.
إلا أن الجنرال ديانديريه، الذي وصل إلى السلطة بانقلاب في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، أكد بالمقابل أنه «سيأخذ في الاعتبار أي قرار تتبناه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا».
وينص مشروع الخروج من الأزمة، الذي تقدمت به مجموعة غرب أفريقيا، وتم تدارسه أمس في قمة طارئة في أبوجا، على إعادة السلطة الانتقالية، والعفو عن الانقلابيين، ومشاركة مقربين من الرئيس السابق بليز كومباوري في الانتخابات، وهو مطلب أساسي للانقلابيين.
لكن مشروع الاتفاق هذا يثير غضب المجتمع المدني، حيث أكد معظم السكان الذين تم استجوابهم بهذا الخصوص أن الخطة «غير مقبولة».
وأفادت حصيلة طبية أن أعمال العنف التي رافقت الانقلاب أسفرت عن سقوط عشرة قتلى على الأقل، و113 جريحًا، بينما انتشرت القوات التابعة للجيش، التي دخلت العاصمة ليل الاثنين من دون مقاومة، والتي تلقى دعمًا شعبيًا، في ثكنات واغادوغو.
وفي هذا الشأن قال الكولونيل سيرج الآن ويدراوغو، نائب قائد الدرك، إن «كل الوحدات التي تحركت الاثنين لدخول العاصمة دخلت إلى واغادوغو، والآن يجب الحصول على استسلام لواء الحرس الرئاسي من دون إطلاق نار». من جهته، أعلن ديانديريه أن جنديًا من لواء الأمن الرئاسي قتل مساء أول من أمس، وجرح آخر في هجوم في محيط واغادوغو، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بأي اشتباك مع الجيش.
وساد الهدوء أمس محيط القصر الرئاسي، الذي تحميه قوات لواء الأمن الرئاسي في أجواء من الانفراج. وفي ساحة الثورة، التي كانت مركز الحركة الاحتجاجية في 2014 للمطالبة برحيل كومباوري، تجمع مئات الأشخاص للتعبير عن دعمهم للجيش الموالي للنظام الانتقالي، وشجعوا بهتافاتهم الجنود عند مرورهم.
وبهذا الخصوص قال فوسيني تراوري، العاطل عن العمل: «نحن هنا لتشجيع القوات ونحن مستعدون للموت. أريد بالتأكيد أن أقاتل في صفوف الجيش. نحن نموت حاليًا وعلى الأقل سيكون لموتي معنى».
ومنذ الانقلاب بقي الجيش متحفظًا، وقد استولى الجنرال ديانديريه القريب من كومباوري على السلطة، نافيًا في الوقت نفسه أن يكون يتحرك بأوامر من الرئيس المخلوع. وخلال تقدمه في المناطق خارج العاصمة، لقي الجيش ترحيبًا من السكان، الذين اصطفوا على جانبي الطريق لتحيته، كما ذكر شهود عيان على الطرق من الشرق والغرب.
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي أفراد الحرس الرئاسي إلى «تسليم أسلحتهم بلا شروط»، إذ قالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني في بيان، إن «الاتحاد الأوروبي يوجه نداء من أجل فعل كل شيء لتجنب مواجهات مسلحة»، مضيفة أن الاتحاد «يطلب من أعضاء لواء الحرس الرئاسي تسليم أسلحتهم بلا شروط، وتسليم السلطة فورًا إلى السلطات المدنية الشرعية»، مشيرة إلى «رفض الاتحاد الأوروبي لأي استيلاء على السلطة بالقوة».



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.