شارع «بدارو» يزيّن بيروت بمهرجانه السنوي الثاني

طغى عليه العنصر الشبابي بمشاركة فيه أكثر من 100 عارض وتخللته حفلات موسيقية حيّة

جانب من المعروضات في  المهرجان ({الشرق الأوسط})
جانب من المعروضات في المهرجان ({الشرق الأوسط})
TT

شارع «بدارو» يزيّن بيروت بمهرجانه السنوي الثاني

جانب من المعروضات في  المهرجان ({الشرق الأوسط})
جانب من المعروضات في المهرجان ({الشرق الأوسط})

في آخر أيام الصيفية شهد شارع «بدارو» الواقع جنوب بيروت، حركة غير اعتيادية استعاد فيها أيام العزّ التي عرف بها في السبعينات، من خلال مهرجانه السنوي الذي أقيم تحت عنوان «بدارو أوبن ستريتس».
فبمبادرة من لجنة تجّاره وبالتعاون مع شركة «Public interest design» للهندسة، أقيم في شارع «بدارو» الرئيسي الذي يمتدّ على مدى نحو الكيلومتر الواحد، هذا المهرجان الذي كان بمثابة حفل وداع لموسم الصيف.
أكثر من 100 عارض شاركوا في هذه المناسبة التي لوّنت خريف بيروت بلوحة شبابية بامتياز، إذ كان معظم المشاركين فيه من الشباب أصحاب المواهب الفذّة في مجالات فنيّة كثيرة. فكما الرسم والهندسة الداخلية وتصاميم الحلي والأزياء، برزت فيه أعمال حرفية وأخرى تشكيلية ارتبطت ارتباطا مباشرا بالتقاليد اللبنانية. فمن سلال القشّ إلى الصابون البلدي وصولا إلى وشم الحنّة وأدوات الزجاج المنفوخ والتطريز على اليد ومنتجات المونة اللبنانية وغيرها من الحرف اللبنانية الأصيلة شكّلت مجتمعة العنوان العريض له. «خزانتي يا خزانتي» و«ماستيك» و«جيجيز بيناتاس» و«يللا عالصابون» و«ليمونادا البترون» و«تبقى ميّل تبقى اسأل»، هي بعض أسماء المحلات التي شاركت في هذا المهرجان، من خلال خيم وأكشاك اصطفّت على طول الشارع الرئيسي لمنطقة «بدارو»، فحوّلته إلى كرنفال حمل أفكار خارجة عن المألوف للكبار والصغار معا.
اتسّم المهرجان بمستوى فنّي لافت، فلم تقتصر معروضاته على لبنان فقط، بل شملت دولاً أجنبية وعربية أخرى، بحيث تشاهد هنا أدوات حلي مصنوعة من زجاج الـ«مورانو» الإيطالي، فيما تجد في زاوية أخرى منه تصاميم لحقائب وقبّعات وفساتين استقدمها أصحابها من تركيا والمغرب والولايات المتحدة الأميركية.
وتقول فاطمة التي وقفت على بسطتها تروّج لبيع الأحذية الجلدية وفساتين السبور التي لمّتها من جولات سفر كثيرة قامت بها: «لطالما أحببت السفر إلى بلدان أجنبية وعربية، وكل ما ترونه هنا جلبته معي من جولاتي في تلك البلدان، التي اخترت منها ما تشتهر بصناعته».
وجلس جو كرسي خيزران أمام محلّه التجاري المختص في بيع أدوات ديكور المنازل، وقد فرش أمامه مباشرة بسطة احتوت على تصاميم لوسادات ومقاعد مطعّمة بمشغولات يدوية من «الكانفا»، إضافة إلى كراس وطاولات مصنوعة من «البامبو»، وإلى ألعاب تثقيفية استوحيت من زمن حزازير عودان الكبريت والطابة البلوّرية الملوّنة الصغيرة وغيرها، وأكد في حديثه، وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن معظم الأدوات التي يبيعها تحمل أفكارًا جديدة تختلف اختلافًا تامًا عن التي تباع في محلات ديكورات أخرى، لأنه وقف على تصميمها فريق من المهندسين الداخليين المختصّين في هذا المجال.
وعندما تمرّ أمام الكشك الذي تعرض عليه مي الداعوق، منتجات من الصابون البلدي والهندي والأفريقي فستغمرك رائحة عطور هذه الألواح الصغيرة التي تراوحت ما بين روائح الفواكه الاستوائية والبخور، وقد رسم على بعضها لوحات صغيرة تمثّلت بباقات من الزهور والورود المرسومة باليد. وتعلّق في القول: «ما في أحلى من رائحة الصابون في الأدراج والخزانات وأقسام البيت عامة، ونحن نصنّعه في بيروت ونقدّمه بطريقة جذّابة تصلح أن يحملها معه المسافر كهديّة قيّمة من لبنان».
وبرزت بشكل لافت تصاميم الحلي والجواهر المزيّفة، فهنا تجد منها المزخرف والمرسوم باليد صنعت بأنامل حرفيّين معروفين بهذا الفن في منطقة برج حمّود، وهناك تطلّ عليك مجموعات أخرى تم استيرادها من الهند والصين.
أما اللوحات المرسومة بالزيت والأكواريل، فقد احتلّت أيضا مساحة لا يستهان بها من المعرض، بحيث انطبع بعضها بتقنية جديدة، كتلك التي عرضتها الرسامة فانتين سماحة وتمثّل صورا استوحتها من خيالها لوجوه ذات تعابير تحاكيك بصورة غير مباشرة، فتأخذك في رحلة سفر من التأمّل فيها والتدقيق في معانيها وقد وضعتها تحت عناوين مختلفة كـ«الحكم» و«الظلّ والضوء» و«وجوه» وغيرها. وتقول فانتين في هذا الإطار: «لكل شيء جماليّته في الطبيعة، وأنا اخترت (البورتريه) لحيوانات تتمتّع بجمال لا يمكن وصفه في تقاسيم وجهها، فسلطت عليها ضوء طبشورة الكلس رغم أنها مرسومة بعتمة الفحم، وكذلك لأخرى تمثّل نظرات ثاقبة لوجوه تسكن ذاكرتنا بمجرّد تبادلنا النظرات».
ولعلّ الدراجة الهوائية العملاقة التي تتوسّط المعرض تحت عنوان «درّاجة الأفراح»، هي واحدة من المعروضات اليدوية التي تحمل الغرابة إن في حجمها أو في موديلها. ويقول مصممها وصانعها علي وهو واحد من أبطال لبنان في ممارسة رياضة ركوب الدراجة الهوائية، إنها استغرقت منه نحو الشهر لتصميمها وتنفيذها، وإنه أرادها للتعبير عن شغفه بهذه الرياضة. وقال علي الذي شغّل الدراجة على الخطّ بين شارعين ضيّقين في «بدارو» يكلّفك التقاط صورة تذكارية عليها 2000 ليرة لبنانية فيما يبلغ ثمن النزهة على كرسيها المخملي الأحمر 5 آلاف ليرة لبنانية، إنها تصلح لأي مناسبة سعيدة كونها مزوّدة بمقاعد مريحة وبمقود وإطارات خشبّية مغطاة بالكاوتشوك كي لا تتسبب بأي حادثة تزحلق.
أما الموسيقى ووصلات الغناء فقد صدحت في فلك مهرجان شارع «بدارو»، بحيث قدّم فيها عازف الكمان الدولي ألبرتو حبيب مقطوعات حماسية وأخرى رومانسية. فيما شارك روي ملاكيان وهو موسيقي معروف في تقديم وصلات غنائية أجنبية رقص على أنغامها الحضور.
لطالما شكّل شارع «بدارو» مقصدا لأهالي بيروت، الذين كانوا يمضون غالبية جلساتهم الحلوة في أحد مطاعمها الشهيرة في حقبة سابقة، كـ«نوبار» و«ألفونسو» و«أورينتال» و«بدارو ان» وغيرها. فالعودة إلى ذكريات جميلة عاش فيها سكان منطقة «بدارو» وزوارها حقبة ذهبية ما زالت عالقة في أذهانهم حتى اليوم، ساهمت في نجاح هذا المهرجان الذي نظّمته لجنة تجار شارع «بدارو» في المقابل على المستوى المطلوب.
ولم يوفّر المهرجان لزوّاره الذين توافدوا إليه بالمئات من ضواحي بيروت، فرصة الاستمتاع بالأجواء الموسيقية الصاخبة التي سادته، فبدا المشهد من بعيد لوحة جماعية راقصة تخللها عزف وغناء من قبل موسيقيين وفنانين، أمتعوا الحضور بمقطوعات موسيقية على المكان.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.