السعودية: الحل السياسي للأزمة السورية قائم على مبادئ «جنيف1» وانسحاب كل القوات الأجنبية

ضغوط أوروبية في «مجلس حقوق الإنسان» من أجل السلام في سوريا

السعودية: الحل السياسي للأزمة السورية قائم على مبادئ «جنيف1» وانسحاب كل القوات الأجنبية
TT

السعودية: الحل السياسي للأزمة السورية قائم على مبادئ «جنيف1» وانسحاب كل القوات الأجنبية

السعودية: الحل السياسي للأزمة السورية قائم على مبادئ «جنيف1» وانسحاب كل القوات الأجنبية

أعربت السعودية عن استيائها من جراء استمرار المجتمع الدولي في التجاهل التام لحياة السوريين التي استباحها نظام بشار الأسد وعجزه عن صونها وحمايتها، وذلك خلال الحوار التفاعلي الذي عقده أمس (مجلس حقوق الإنسان) مع اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، هذا في الوقت الذي شكلت فيه أزمة الهجرة إلى أوروبا، محور الاجتماع أمس، حيث شددت الدول الأوروبية على الحاجة الملحة لإنهاء النزاع في سوريا من خلال حل سياسي.
وقال السفير فيصل طراد سفير السعودية في الأمم المتحدة في جنيف، إن «السعودية ترى أن الحل السياسي للأزمة السورية يقوم على مبادئ (جنيف1) بتشكيل هيئة حكم انتقالية، والحفاظ على وحدة سوريا الوطنية والإقليمية، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية المدنية والعسكرية لتمكينها من إدارة شؤون البلاد»، وأضاف أن «الحل لن يكتب له النجاح إلا برحيل بشار الأسد وعدم شموله في أي ترتيبات مستقبلية، وانسحاب جميع القوات الأجنبية بما فيها حزب الله، وتوقف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية بدول المنطقة».
وأكد السفير طراد، على أهمية دعم توصيات اللجنة الدولية للتحقيق لتقديم بشار الأسد وبقية أعوانه إلى المحاكمة لإصدار العقوبات التي يستحقونها لقاء جرائم الحرب التي اقترفوها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
كما أوضح السفير السعودي أن بلاده اطلعت على تقرير اللجنة وإحاطتها للمجلس حول «الانتهاكات المستمرة والمتجددة والممنهجة لحالة حقوق الإنسان في سوريا الحزينة الجريحة». وأضاف: «لقد بذلنا ما أمكن من خلال مجلس حقوق الإنسان بصفتنا أعضاء فيه، لإدانة وتجريم النظام السوري. وتم إنشاء اللجنة الدولية للتحقيق التي مضى على عملها خمس سنوات، وهي تقدم الدليل تلو الآخر عن انتهاكات نظام الأسد وأعوانه وارتكابهم لجرائم حرب لم يشهدها العصر الحديث من قبل».
وتساءل السفير طراد: «هل قتل ما يقارب 350 ألف مواطن سوري وتشريد نحو 8 ملايين ولجوء أكثر من 4 ملايين، وتدمير حضارة يعود تاريخها لآلاف السنوات، غير كافية لتحمل المجتمع الدولي وعلى الأخص مجلس الأمن مسؤوليته بكل شجاعة لإنقاذ ما تبقى من الشعب السوري الذي يتعرض وبشهادة الجميع لإبادة جماعية من نظام بشار الأسد؟».
وأضاف أن «هذا الصمت الدولي قد جعل النظام يتمادى بدعمه للإرهاب وتجنيده للإرهابيين من جميع دول العالم، فأوجد (داعش) تبريرا لأكاذيبه بمحاربة الإرهاب، وأصبح الاثنان وجهين لعملة واحدة عنوانها: القتل والدمار والمتاجرة بالشعب السوري، والدين والإسلام منهما الاثنين براء».
وبين أن العالم أصبح يواجه اليوم بسبب هذه السياسة، أزمة لاجئين سوريين تسبب فيها الأسد ونظامه.
وأكد السفير السعودي إدانة بلاده واستنكارها بأشد العبارات جميع هذه الانتهاكات والتجاوزات وآخرها مذبحة سوق مدينة دوما، التي نتج عنها مقتل المئات، مما يجعلها واحدة من أدمى الهجمات في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات، إضافة إلى الاستمرار في استخدام مواد كيميائية سامة في الهجمات التي شنها بالبراميل المتفجرة في محافظة إدلب خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين.
وأشار السفير في كلمته أمام الاجتماع أمس، إلى أن السعودية ومنذ اليوم الأول لبدء معاناة الشعب السوري، فتحت أبوابها لاستقبالهم وإيوائهم ولكن ليس في مخيمات للاجئين أو مراكز إيواء للفارين، حيث تعاملت مع هذا الموضوع من منطلقات دينية وإنسانية بحتة، حفاظًا على كرامتهم وسلامتهم، فاستقبلت السعودية ما يقارب مليونين ونصف المليون مواطن سوري منذ بدء الأزمة ومنحتهم حرية الحركة التامة، ومنحت لمن أراد البقاء منهم في السعودية كل التسهيلات، بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم، حيث يوجد حاليا أكثر من 100 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة المجانية.
من جانبها، أكدت الوفود الأوروبية أن إنهاء النزاع في سوريا السبيل الوحيدة لوقف تدفق المهاجرين واللاجئين إلى القارة.
وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة في جنيف جوليان بريثوايت أمام المجلس في إشارة إلى الرئيس السوري: «علينا أن لا ننسى أن الجذور الأساسية لهذه الهجرة تنبع من معاملة (بشار) الأسد لأبناء شعبه».
وأضاف أن الحل في سوريا يقوم على مساعدة القوى المعتدلة المعارضة للنظام «للاتفاق على مستقبل لا وجود فيه لهذا النظام» مع تأييد حل سياسي تدعمه الأمم المتحدة.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قدمت اليونان بيانا يعبر عن موقف وفود أوروبية أخرى جاء فيه أن «هناك حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لحل سياسي للنزاع قابل للتطبيق». واستقبلت اليونان القسم الأكبر من نحو نصف مليون لاجئ ومهاجر وصلوا إلى شواطئ أوروبا هذه السنة، وقالت إنها تكابد لتقديم العناية للوافدين الجدد في حين أن البلاد غارقة في أزمة اقتصادية واجتماعية، وكانت الغالبية العظمى من الآتين إلى اليونان من السوريين.
وعبر المحققون الأربعة في «لجنة التحقيق حول سوريا» عن قلق متزايد إزاء فشل المجتمع الدولي في التوصل إلى حل سياسي للنزاع. وقال رئيس اللجنة باولو بنهيرو للمجلس إن «المعاناة الإنسانية العميقة التي نشاهدها في المستشفيات والمخيمات في الدول المجاورة لسوريا، محفورة على الوجوه المنهكة للاجئين الذين يملأون محطات القطار الأوروبية والمتجمعين خلف الأسلاك الشائكة على الحدود الأوروبية». وأضاف «هذا هو الثمن التصاعدي للفشل في إعادة السلام إلى سوريا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم