طائرات روسية تباشر الرصد فوق سوريا وتتفادى تحليق الطائرات الأميركية

تجمع بنك أهداف فوق مناطق المقاتلين الشيشان والمتحدرين من آسيا الوسطى

سكان من حي الشعار في مدينة حلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي حل بالسوق المحلية بعد استهدافها بالطيران الحربي أمس، ومقتل 18 مدنيا على الأقل (رويترز)
سكان من حي الشعار في مدينة حلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي حل بالسوق المحلية بعد استهدافها بالطيران الحربي أمس، ومقتل 18 مدنيا على الأقل (رويترز)
TT

طائرات روسية تباشر الرصد فوق سوريا وتتفادى تحليق الطائرات الأميركية

سكان من حي الشعار في مدينة حلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي حل بالسوق المحلية بعد استهدافها بالطيران الحربي أمس، ومقتل 18 مدنيا على الأقل (رويترز)
سكان من حي الشعار في مدينة حلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي حل بالسوق المحلية بعد استهدافها بالطيران الحربي أمس، ومقتل 18 مدنيا على الأقل (رويترز)

اتخذت طائرات استطلاع روسية مجالاً جويًا خاصًا بها في سوريا، يمتد من الساحل غربًا حتى ريف حمص الشرقي شرقًا، من غير أن تصل إلى المجال الجوي الذي تنشط فيه طائرات أميركية تشارك ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، في ريف حلب الشرقي والرقة ودير الزور والحسكة في شمال البلاد، منعًا للتصادم بينهما، كما قال معارضون سوريون.
ورصد ناشطون سوريون طائرات استطلاع روسية تحلق فوق ريفي اللاذقية وإدلب في شمال غربي سوريا، وتصل إلى سهل الغاب بريف حماه الغربي والشمالي، كما رصدت تلك الطائرات في تدمر بريف حمص الشرقي. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «تلك الطائرات تمسح المنطقة ميدانيًا وتجمع بنك أهداف لها في مناطق وجود المقاتلين الشيشانيين والتركستان والأوزبك والطاجيك والمتحدرين من آسيا الوسطى في شمال غربي سوريا، إضافة إلى مناطق نفوذ تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي».
والتقت تلك المعلومات مع إعلان مسؤولين أميركيين أن روسيا بدأت مهام استطلاع بطائرات بلا طيار في سوريا في أولى العمليات الجوية العسكرية التي تجريها في سوريا، منذ تسارع وتيرة تعزيزاتها في قواعد جوية على الساحل، بحسب ما نقلت عنهما وكالة «رويترز».
وقالت إن «المسؤولين لم يتمكنوا من تحديد عدد الطائرات بلا طيار المشاركة في مهام الاستطلاع، في حين أحجمت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عن التعليق».
وأوضح عبد الرحمن، أن المجال الجوي الذي تحلق فيه طائرات الاستطلاع الروسية حتى اللحظة لا يوجد فيه سلاح الجو الأميركي، شارحًا أن الطائرات الأميركية نادرًا ما تنفذ غارات في مناطق ريف إدلب، وقد نفذتها ثلاث مرات خلال عام مستهدفة مناطق محددة، مشددًا على ألا تضارب في مناطق التحليق. وأشار إلى أن مناطق انتشار الطائرات الروسية تقع فوق إدلب وسهل الغاب وريف حماه الغربي والشمالي والشرقي، إضافة إلى تدمر، وهي مناطق يقاتل فيها الإيرانيون على الأرض، مما يؤكد التنسيق بين موسكو وطهران.
ولفت عبد الرحمن إلى أن المناطق الخاضعة لعمليات المسح الجوي للميدان، يشير إلى أن الروس ينوون إبعاد قوات المعارضة عن مناطق نفوذ النظام ومعاقله، مشيرًا إلى أن عمليات الرصد كانت موجودة منذ فترة سبقت إنزال مقاتلين روس في اللاذقية، لكن عمليات المسح في هذه الفترة تضاعفت بوتيرة أكبر مما كانت عليه في السابق.
كما شدد على أن سلاح الجو الروسي لم يبدأ بعد بتنفيذ أي ضربة جوية في سوريا، إذ يقتصر التحليق على طائرات استطلاع، إضافة إلى رصد طائرات شحن عملاقة تعبر فوق سوريا باتجاه الغرب.
وكان ناشطون، رصدوا الأسبوع الماضي في منطقة الحولة بريف حمص، طائرة شحن عسكرية روسية من طراز «إليوشين»، ترافقها أربع طائرات مقاتلة أثناء مرورها في أجواء المنطقة، قبل أن تتوجه غربًا. ونشرت صفحات إلكترونية معارضة عن مقطع فيديو يظهر الطائرة ومرافقاتها.
وينفي المعارضون أي قدرة لهم على تحديد نوع الطائرات التي تحلق، وما إذا كانت مقاتلات روسية تحلق في الأجواء، نظرًا لأن سلاح الجو السوري، هو أسطول روسي في الأساس، مما يعذر معرفة ما إذا كانت طائرات «الميغ» التي تحلق روسية أم سوريا، بحسب ما يقول المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدًا أن ما نستطيع توثيقه، هو طائرات الشحن من نوع «إليوشين»، وهي طائرات رصدت في مطاري اللاذقية ومطار دمشق الدولي.
وأشار أبو زيد إلى توثيق طائرات استطلاع جديدة يسمع صوتها ليلاً في المناطق المحررة، مما يؤكد أنها طائرات روسية، لافتًا إلى أن طائرات الاستطلاع التي تحلق، غالبًا ما تحلق ليلاً على ارتفاع شاهق، ويسمع صوتها، وهي مختلفة عن طائرات الاستطلاع التي يمتلكها النظام وأسقطنا عددًا منها في السابق، وتشبه ما نمتلكه من طائرات استطلاع، مما يؤكد أنها طائرات غير نظامية.
وأوضح أبو زيد أن أنظمة الرصد الجوي التي نمتلكها بدائية تمنع معرفة نوع الطائرات التي تحلق، ولا نملك تقنيات لتفريقها، كما أكد أبو زيد وصول دبابات «تي 90» الحديثة التي لم تكن ضمن الترسانة العسكرية النظامية، و250 جنديا روسيا وصلوا إلى صافيتا شمال غربي البلاد، وهي معلومات تلتقي مع معلومات كشفت عنها غرف عمليات البريطانيين والأميركيين.
إلى ذلك، نفى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أنه تم نشر قوات روسية في سوريا حتى الآن، إلا أنه أكد أن النظام لن يتردد في طلب نشر هذه القوات إذا حدثت تطورات مستقبلية في النزاع. وقال في تصريح لوكالة الأنباء اليابانية (كيودو)، يوم أمس، إن «سوريا تستخدم أسلحة جديدة مقدمة من روسيا التي تعد المصدر الرئيسي لتسليح جيشنا».
وأشار إلى أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد مواقع لتنظيم داعش في سوريا، لم تسفر عن أي نتائج، بل بات التنظيم أكثر قوة في العراق وسوريا في ظل الحرب الأميركية على التنظيم. ورأى المقداد أن تعزيز التعاون مع الحكومة السورية، أمر أساسي ولا غنى عنه في الحملة الرامية إلى القضاء على «داعش».
وبحسب وكالة الأنباء اليابانية (كيودو)، جاءت تصريحات المقداد كتحذير واضح لواشنطن التي طالما دعت الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي عن منصبه كخطوة نحو إنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
وفي سياق متصل قال ناشطون إن «موالين للنظام السوري في الساحل خرجوا للترحيب بوصول قوات روسية إلى الساحل السوري». وفي مسيرة تؤيد التدخل الروسي العسكري في سوريا، أطلق موالون لنظام الأسد ممن يطلق عليهم اسم (الشبيحة) النار في الهواء ابتهاجا بمرور عربات تقل قوات روسية على الأتوستراد الدولي بانياس - اللاذقية، وخرجت مسيرات دراجات نارية وسيارات سوداء ترفع أعلام إيران وحزب الله تجوب شوارع مدينة بانياس على الساحل السوري، مستبشرة بالتدخل الروسي الذي سينهي الحرب على «الإرهابيين» حسب تعبيرهم لصالح نظام الأسد.
يشار إلى أن مدينة بانياس وريفها شهدت عدة مجازر عام 2011 - 2012 وحملات اعتقال شرسة استهدفت مناهضي النظام وعائلاتهم، كما تعيش المدينة حالة احتقان طائفي نتيجة القمع الشديد الذي تعرض له المناهضون للنظام من المسلمين السنة والتي تعود جذورها إلى أحداث الثمانينات الدامية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».