انتشار الصور والفيديوهات الرأسية على الشاشات الصغيرة

بخلاف كل لقطات العروض السينمائية والتلفزيونية الأفقية

انتشار الصور والفيديوهات الرأسية على الشاشات الصغيرة
TT

انتشار الصور والفيديوهات الرأسية على الشاشات الصغيرة

انتشار الصور والفيديوهات الرأسية على الشاشات الصغيرة

في عام 2012، أصدر فنسنت بوفا وداميان إكاردت جاكوبي، اللذان يعملان في ميدان العرائس المتحركة ويشتركان في تقديم مسلسل عرائس متحركة عبر موقع «يوتيوب» يدعى «غلوف آند بوتس»، بيانًا عامًا حذرا خلاله المشاهدين مما عدّاه واحدة من مصائب العصر الحديث: مضي الناس في تصوير مقاطع فيديو عبر الهواتف الجوالة مع إمساكها في وضع رأسي.
المعروف أنه على امتداد التاريخ السينمائي، جرت العادة على أن تكون الصور المتحركة أعرض من طولها، والملاحظ بالفعل أن شاشات دور السينما وأجهزة التلفزيون والكمبيوترات الشخصية جميعها أفقية. ويؤكد بوفا وجاكوبي أنه عندما تمسك هاتفًا بصورة رأسية لالتقاط مقطع فيديو، فإنك تخلق بذلك صورة أطول من عرضها، مما يعني أنك تتجاهل كل هذا التاريخ السينمائي وتضرب به عرض الحائط. ويرى «ماريو»، الدمية الحمراء ذات اللحية المجعدة الكثيفة، أن نتيجة تصوير مقطع فيديو بصورة رأسية على شاشة عريضة، أسوأ مما يتخيل المرء! أما صديقه الدمية البنية واسمه «فافا»، فيتخذ موقفًا أقل تعصبًا، ومع ذلك يقول: «إنه يبقى أمرًا سيئًا للغاية».
ورغم أن هذين الرأيين يبدوان كأنهما ينطويان على بعض التكلف، فإنهما يعكسان في الواقع آراء كثير من نقاد الفيديوهات الرأسية الأكثر تمرسًا. واللافت للنظر أن إمساك الهاتف «بالطريقة الخطأ» لتصوير مقطع فيديو يثير ردود فعل غاضبة على نحو يثير الدهشة، ويميل مصورو الفيديو المحترفون للنظر إلى مقاطع الفيديو الرأسية باعتبارها علامة مميزة للهواة، وعادة ما يبدون غضبًا عارمًا تجاهها.
يذكر أن مسلسل «غلوف آند بوتس» جرت مشاهدته قرابة 7 ملايين مرة، ويعد واحدًا من الفيديوهات العديدة عبر «يوتيوب» ومواقع إلكترونية أخرى، ترمي لوقف السيل المتنامي من فيديوهات مصورة رأسيًا.
ومع ذلك، ربما يكون هناك سبب أعمق وراء الغضب الشديد الذي يبديه «ماريو» و«فافا» وغيرهما من المصورين المحترفين حيال هذه النوعية من التصوير، فإنهم يشعرون بالقلق من أنهم ربما يكونون على الجانب الخطأ من التاريخ، ذلك أن مستقبل الفيديو ربما يكون في التصوير الرأسي بالفعل!
تبعًا لما أفادته كثير من الشركات المصنعة للتطبيقات الحديثة والأخرى العاملة بمجال الإعلام، فإنه على ما يبدو لا يعتقد كثير من الأشخاص المشاهدين للفيديو على مستوى العالم أن تصوير مقاطع الفيديو بصورة رأسية خطأ، بل على العكس يفضل كثيرون منا هذا الأمر.
في الواقع، هناك تفسير بسيط لهذا التفضيل.. على سبيل المثال، أعربت ماري ميكر، سيدة أعمال، عن اعتقادها بأننا نقضي بصورة جماعية قرابة 30 في المائة من الوقت الذي نقضيه أمام الشاشات، في التعامل مع أجهزة تتمثل الطريقة المثلى للتعامل معها في إمساكها بصورة رأسية، مثل الهواتف الذكية والكومبيوترات اللوحية. وأضافت أن هذا الوقت في تنام مستمر وسريع، مستطردة بأن الفيديوهات الرأسية تبدو وتعمل بصورة أفضل عن تلك التي يجري التقاطها «على النحو الصحيح».
من جهتها، قالت زينة بركات، منتجة فيديو سابقة لدى «نيويورك تايمز» قضت العام الماضي في إجراء أبحاث عن الفيديوهات الرأسية في جزء من منحة دراسية نالتها من قبل مؤسسة «جون إس نايت» للصحافة: «بدا الأمر طبيعيًا وصائبًا للغاية، إذن لماذا لا نصنع فيديوهات رأسية؟». وتعكف زينة حاليًا على بناء شركة «آي دي إي أو» للتصميم، وقد عملت مستشارة لدى كثير من الشركات الإعلامية التي تجري دراسات حول الفيديوهات الرأسية، وقد بدأ العديد من مؤسسات النشر - منها «ديلي ميل» - تجريب إنتاج فيديوهات محترفة مصورة بصورة رأسية.
في هذا الصدد، قال جون ستينبرغ، الرئيس التنفيذي لعمليات «ديلي ميل» في أميركا الشمالية: «نعمل لتصوير 100 في المائة من فيديوهاتنا بصورة رأسية، فنحن نلاحظ أن التفاعل معها أعلى بكثير، ويبدي المستخدمون مستوى أعلى من الرضا، بجانب تحقيق معدل إنجاز أعلى بخصوصها».
والملاحظ أن جميع الحجج المطروحة ضد الفيديوهات الرأسية تحاول إيجاد ميزة لا تعوض في الفيديوهات التي يجري التقاطها أفقيًا.
عن ذلك، قال «بوفا: «إننا نعيش في عالم أفقي، ومعظم الأفعال نأتي بها من اليسار إلى اليمين»، مضيفًا: «تثير الفيديوهات الرأسية شعورًا بالاختناق، لأنه غالبًا ما يظهر بها شخص أو اثنان يحتلان الشاشة بأكملها، ويخفيان جزءا كبيرا من المشهد القائم خلفهما». وقال أيضًا: «أعيننا أفقية»، في إشارة إلى أن مجال الرؤية البشرية أكثر عرضًا من طوله، لذا فإنه من الطبيعي أن تتوافق الفيديوهات مع هذا الشكل.
إلا أن هناك ردا بسيطا على حجته، وهي أنه رغم أن أعيننا أفقية، فإن أيدينا تمسك الأشياء على النحو الأفضل بصورة رأسية، وهذا هو السبب وراء تصميم الهواتف والكومبيوترات اللوحية والكتب بصورة رأسية.
كما أن مشاهدة فيديوهات أفقية عبر شاشاتنا الرأسية يثير بعض الضيق، لأنه يتعين على المرء قلب الهاتف إلى وضع أفقي ليتمكن من رؤية الصورة كاملة، مع التغاضي عن الحاجزين الأسودين أعلى وأسفل الصورة.
من جانبه، ذكر موقع «يوتيوب» أن صعود الهواتف الجوالة أثمر زيادة كبيرة في أعداد مقاطع الفيديو الرأسية المعروضة عبر الموقع. خلال عام 2015، ارتفعت أعداد تحميل فيديوهات رأسية على الموقع بنسبة 50 في المائة، مما يفسر إقدام الموقع أواخر الشهر الماضي على تعديل تطبيقات «آندرويد» و«آي أو إس» لديه للسماح للمستخدمين بعرض فيديوهات رأسية على شاشة كاملة. أيضًا، يسمح موقع «فيسبوك»، الذي ذكر أن به 4 مليارات مشاهدة لفيديوهات يوميًا، بمشاهدة فيديوهات رأسية على الشاشة كاملة.
من جهته، قال جون ويلي، أحد المشاركين في ابتكار «فيرفيد»، وهو تطبيق جديد يرمي للمعاونة في تشغيل الفيديوهات الرأسية: «كثير من أحداث الحياة تتركز على شخص واحد أو شخصين، ولأن الناس أطول من عرضهم، فإن الوضع الأفضل لتصوير الأشخاص عادة ما يكون رأسيًا».
وأضاف: «عليك أن تفكر مثلاً عند تصوير الخطوات الأولى لطفل ما، لأن الطفل جسده رأسي، فإن السبيل الأمثل لالتقاط صورة جسده بالكامل هو الوضع الرأسي».
* خدمة «نيويورك تايمز»



هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.