حزب الله في مأزق.. تجار المخدرات باتوا أبرز حلفائه

بعد استقوائه بالقوة العشائرية

ضبط كميات من المخدرات هربها محسوبون من حزب الله
ضبط كميات من المخدرات هربها محسوبون من حزب الله
TT

حزب الله في مأزق.. تجار المخدرات باتوا أبرز حلفائه

ضبط كميات من المخدرات هربها محسوبون من حزب الله
ضبط كميات من المخدرات هربها محسوبون من حزب الله

هذا الأسبوع، نُشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» مقاطع فيديو لأشهر تاجر مخدرات في لبنان، واسمه نوح زعيتر، حيث ظهر فيها برفقة مقاتلين من حزب الله، مما أعاد إلى الواجهة الحديث عن موضوع «اللجان الشعبية» الذي طرحه حزب الله في شهر يونيو (حزيران) الفائت، فضلا عن المخاطر المرتبطة بوضع السلاح خارج منطق الدولة.
أثارت هذه الصور انتقادات عدة بعد أن عُرف، بحسب التسريبات، أن هذه الصور قد التقطت في منطقة جبال القلمون السورية الحدودية مع لبنان داخل مراكز عسكرية تابعة لحزب الله، ولقد كان إلى جانب زعيتر عدد من العناصر المسلحين يرتدون بزات عسكرية يتميّز بها الحزب.
وللعلم، نوح زعيتر، الذي يعد من المطلوبين البارزين للقضاء اللبناني بموجب العشرات من مذكرات التوقيف، أعلن ولاءه للحزب من خلال قوله: «نحن يا شباب وعدنا السيد حسن نصر الله بأننا سنقاتل الدواعش أينما كانوا، وها نحن على الدرب سائرون. بإذن الله، خلال ساعات الزبداني بتكون ممسوحة». وختم هذا التصريح بجملة «لبيك يا نصر الله».
إلا أنه لم تمضِ ساعات قليلة على نشر صور زعيتر مع مقاتلي حزب الله حتى أصدرت العلاقات الإعلامية في الحزب بيانا جاء فيه: «بعد توزيع بعض المواقع الإلكترونية صورا للمدعو نوح زعيتر في مواقع عسكرية ومع أشخاص يرتدون بزات عسكرية، تؤكد العلاقات الإعلامية في حزب الله أن هذه الصور ليست في مواقع تابعة لـ(مجاهدي المقاومة الإسلامية) ولا مع (مجاهدي حزب الله)، ولا علاقة لحزب الله بها لا من قريب ولا من بعيد».
ولكن زعيتر أكد من جانبه الخبر، قائلا: «كل العالم يذهبون إلى حيث يوجد المقاتلون وينشرون صورهم ولا يتكلمون، ولماذا الآن ينفون وجودي هناك؟.. أنا وعائلتي وأولادي فداء المقاومة، ورهن إشارة سيد المقاومة، ونحن مقاومة، وأشرف من الجميع، وفشر أن ينعتني أحد بتاجر مخدرات». وختم: «أنا واثق من أن بيان النفي ليس صادرا عن حزب الله، وغدا ستتأكدون من ذلك».
في مقابلة مع «الشرق الأوسط» قال نيكولاس بلانفورد، الصحافي والكاتب الخبير في شؤون حزب الله، إنه يعتقد أن إعلان نوح زعيتر ولاءه لحزب الله ربما لا يكون سوى مجرّد زيارة لرفاقه في حزب الله في القلمون ومحاولة لاستقطابه الأنظار. وأضاف: «غير أنّ حالة زعيتر تجسّد سلوك العشائر (الشيعيّة) التي في حين أنها قد لا تكنّ مودّة كبيرة لحزب الله، لكنها ستتضامن معه وتدعمه عند وقوع أي مشكلة».
والجدير بالذكر أن صور تاجر المخدرات نُشرت في الوقت نفسه الذي يقوم فيه حزب الله برفع لواء محاربة الفساد. ثم إن جولة زعيتر هذه في مراكز حزب الله في القلمون الغربي، وعودته إلى الداخل اللبناني مع أنه من أهم المطلوبين بحسب الخطة الأمنية الأخيرة التي يجري تنفيذها في البقاع، تضع حزب الله، الذي هو في النهاية من القوى السياسية المشاركة في الحكومة، في موقف مُحرج إذ تمسّ بمصداقيته ومصداقيّة الدولة اللبنانية. وهنا يتابع نيكولاس بلانفورد قائلا: «لا توجد دولة في البقاع، ومن طبيعة القبائل والعشائر أن تبحث عن مصلحتها، فالانتماء القبلي يأتي أوّلا ولا يعتمد على الدولة».
قد يوفر عدم الاعتماد على الدولة تفسير ظاهرة تشكيل عشائر البقاع - وكلّها فعليا من الطائفة الشيعية - قوات «التعبئة الشعبية» التي حظيت بترويج كبير. فقبل أربعة أشهر، أعلنت عشائر شيعية مقربة من حزب الله اللبناني تشكيل فصيل مسلح لمساندة عناصر الحزب في المعارك التي يخوضها داخل سوريا. وقد جاء تحرّك هذه العشائر بعد أيام قليلة من حديث للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كشف فيه عن مطالبة عائلات منطقة البقاع الشمالي وعشائرها حزبه بحسم الوضع في أطراف بلدة عرسال الحدودية، وهي بلدة سنّية، حيث ينتشر عدد من مقاتلي «جبهة النصرة» و«داعش»، الذين أقدم بعضهم على اختطاف عدد من العسكريين اللبنانيين وعناصر في قوى الأمن الداخلي في شهر أغسطس (آب) الماضي، وبقي نحو 25 واحدا منهم معتقلا. وهذا الوضع أدّى إلى تصاعد الغضب في المنطقة، وتحديدا في عرسال وجرودها، وهي منطقة يتعايش فيها السنة والشيعة. وأطلق على الفصيل المسلح الذي أعلن تشكيله اسم «لواء القلعة» نسبة إلى قلعة بعلبك، أشهر المعالم الأثرية القديمة في المنطقة.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، شرط عدم الكشف عن هويته، قال «علي»، الذي ينتمي إلى إحدى عشائر البقاع، موضحا أن «ضعف الدولة أرغم أبناء العشائر في البقاع على تسليح أنفسهم، خاصة أنهم محاطون بجو الحرب». ويرأس «قوات التعبئة» عقل حمية، العضو السابق في حركة أمل.. «وقد كان في السابق أيضا من أنصار الإمام موسى الصدر ومشاركا في اختطاف طائرة شركة تي دبليو آيه (TWA) في عام 1985»، بحسب بلانفورد. ويعتقد الخبير أن الفصيل الجديد «يبقى بعيدا عن الأنظار ويحظى ضمنيا بمباركة حزب الله».
وتتألف قوات «التعبئة» الجديدة من عدة فصائل، كل فصيل من قرية مختلفة، مع عدد قليل من الفصائل التي تمثّل القرى المسيحية. لكن بنظر بلانفورد، فإن قوات «التعبئة» تحرّك تحضيري سببه توسّع «داعش» إلى المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، على بعد نحو 40 كيلومترا، في منطقة القريتين، شرق حمص.
وبغض النظر عن الأخطار التي يشكلها «داعش»، فإن إقدام العشائر اللبنانية على حمل السلاح لا يبشّر الدولة اللبنانية بالخير. فحادثة نوح زعيتر الأخيرة تشكّل مؤشرا قويا على ذلك. وفي هذا السياق يُعرف عن أهل البقاع أنّهم مستقلّون، ويعيشون وفق تقاليد الشرف وتضامن العشائر الصارمة، ويزدرون كلّ ما يصدر عن الدولة اللبنانية. ففي عام 2012، تصدّرت القبائل في البقاع عناوين الصحف في لبنان حيث استعرضت تحديها لهيبة الدولة عند اختطاف عشيرة المقداد بعض السوريين في لبنان ردا على اختطاف حسان المقداد في دمشق، مما أثار موجة من عمليات الخطف المتبادلة.
وفي العام نفسه، تم إلغاء البرنامج السنوي للقضاء على زراعة الحشيش إثر معارضة شرسة من قبل ائتلاف ثلاث قبائل بقاعيّة، شكّلت في وقت سابق «ميثاق دفاع مشترك» لحماية محاصيلها المربحة وغير المشروعة. قلة التزام العشائر بقرارات الدولة واستقلاليتها تجاه حزب الله تذكر بتجربة قوات «الحشد الشعبي» العراقية التي تُعتبر من أسباب تغذية الفتنة بين السنة والشيعة في بلاد الرافدين. وهنا يعترف «علي» قائلا: «صحيح أن حمل السلاح قد يشكل خطرا.. لكن بما أنّنا تلقينا جميعا التدريب على يد سرايا المقاومة ونظرا لضعف الدولة وانقساماتها، فإنه قد يكون شيئا ضروريا»، ضرورة قد لا تكون حكيمة.
في منطقة كالبقاع تقترب يوما بعد يوم من شفير الهاوية، فإن تكاثر السلاح الذاتي وتشكيل فصائل عسكرية على أسس طائفية في ظلّ انعدام ثقة بين الطائفتين الإسلاميتين الكبريين، السنية والشيعية، سيؤدي – وفق راصدي الوضع اللبناني – حتما إلى كارثة على المدى الطويل.



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».