وثائق بن لادن: خطط لفتح مكتب في طهران.. ومنزل آمن لزوجته أم حمزة وابنهما

حصلت عليها {الشرق الأوسط} وتكشف عن نبرة تصالحية حيال النظام الإيراني وحرية الحركة لتنظيم القاعدة

صور ضوئية حصلت {الشرق الأوسط} على نسخة منها من اكاديمية {ويست بوينت الأميركية}
صور ضوئية حصلت {الشرق الأوسط} على نسخة منها من اكاديمية {ويست بوينت الأميركية}
TT

وثائق بن لادن: خطط لفتح مكتب في طهران.. ومنزل آمن لزوجته أم حمزة وابنهما

صور ضوئية حصلت {الشرق الأوسط} على نسخة منها من اكاديمية {ويست بوينت الأميركية}
صور ضوئية حصلت {الشرق الأوسط} على نسخة منها من اكاديمية {ويست بوينت الأميركية}

التقرير الذي نشرته «الشرق الأوسط» نقلاً عن مصادر أميركية حول إطلاق إيران سراح خمسة أعضاء في تنظيم «القاعدة» بداية العام، بينهم سيف العدل، المسؤول العسكري الذي قاد التنظيم مؤقتًا، مباشرة بعد اغتيال أسامة بن لادن في مدينة أبوت آباد الباكستانية، والقيادي الذي وضعت واشنطن مبلغ خمسة ملايين دولار ثمنًا لرأسه، يعيد إلى الأذهان أمر علاقة التنظيمات المتطرفة في المنطقة بطهران. ويفيد التقرير بأن طهران أطلقت سراح خمسة من قياديي «القاعدة» بعد احتجازهم لفترة غير معلوم مدتها، وقد سمحت لهم السلطات الإيرانية بمغادرة البلاد مقابل دبلوماسي إيراني اختطفته القاعدة في اليمن.
أثار هذا الخبر لغطًا كثيرًا في الأوساط الأصولية من جانب والمحللين من جانب آخر، خصوصا أنه أتى بعد إبرام إيران الصفقة النووية مع الغرب.
لكن وثائق لبن لادن حصلت عليها «الشرق الأوسط» تظهر مدى التعاون الوثيق بين «القاعدة» وزعيمها السابق وبين النظام الإيراني.
بدا واضحًا وجود صلة بين الجماعة الإرهابية التي أسقطت برجي مركز التجارة العالمي بالولايات المتحدة وأحدث الدول التي نالت مساعيها للانضمام للنادي النووي مباركة غربية، لكن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تكشف حتى الآن عن هذه الصلة. وقد علمنا من الوثائق التي صادرتها القوات الأميركية التي قتلت أسامة بن لادن أن تنظيم القاعدة كان يتحرك بأريحية داخل إيران. ويشير المتناثر من الوثائق إلى أن التنظيم ربما رغب في لحظة ما خلال عام 2006 في تأسيس مكتب له بطهران، لكنه عاد ورفض الفكرة بسبب ارتفاع التكاليف بصورة مفرطة. وبينما احتجزت إيران الكثير من أعضاء «القاعدة» بعد فرارهم من أفغانستان خلال الغزو الأميركي للبلاد، تشير المصادر الأميركية إلى أنه في فبراير (شباط)، ارتبط الجانبان باتفاق لم يشعر أي منهما بارتياح حياله، بناءً على قاعدة «عدو عدوك صديقك».
وبعد أن أعلن الرئيس الأميركي عن الاتفاق النووي مع طهران، الشهر الماضي. ومع مضي هذا الاتفاق قدمًا الآن، فإن أقل ما ينبغي أن يقدمه الرئيس للشعب الأميركي كشف النقاب عن وثائق بن لادن المتعلقة بإيران. وحال عدم كشف الرئيس عن هذه الوثائق، ينبغي أن يطالبه الكونغرس رسميًا بذلك. وقبل أن يقرر أوباما بالفعل تخفيف العقوبات المفروضة على إيران والسماح لها بامتلاك قدرات نووية، ربما من الواجب أن يلقي الجميع نظرة على هذه الوثائق. وتكشف الوثائق التي جرت مصادرتها من مقر سكن بن لادن في أبوت آباد أن «القاعدة» أبدت تسامحًا أكبر بكثير حيال الشيعة عن خليفتها «داعش»، بل وفكرت في فتح مكتب لها في إيران.
وتتناول وثيقة أخرى الصورة العامة للتنظيم والمؤهلات الواجب توافرها في من يتولى مهمة الحديث باسم التنظيم. وتقول وثيقة: «من الأفضل أن يدلي بن لادن بتعليقاته عبر القنوات المشهورة، وأن يكذب الأنباء حول وجود صلات بين (القاعدة) وإيران». وتعد هذه المعلومات مجرد ومضات من مجموعة هائلة من الوثائق حصلت عليها واشنطن أثناء غارة شنها جنود لها عام 2011 على مقر إقامة أسامة بن لادن في باكستان. وتتضمن المجموعة الكتب الإنجليزية التي اقتناها بن لادن ومراسلاته مع أفراد عائلته.
جدير بالذكر أن الكثير من أعضاء «القاعدة» وأقاربهم وجدوا أنفسهم محتجزين داخل إيران بعد فرارهم من أفغانستان خلال الغزو الأميركي عام 2001. وتشير إحدى الوثائق إلى الإيرانيين باعتبارهم «الناس الذين تشبه أخلاقهم أخلاق اليهود والمنافقين»، والواضح أن إيران احتجزت الكثير من أعضاء التنظيم البارزين، بما في ذلك أبو غيث وسيف العدل.
وفي تصريحات لـ«ديلي بيست» الأميركية، قال ويل مكانتس، زميل معهد بروكنغز، إنه من المؤكد أن «إيران تغض طرفها عن نشاطات (القاعدة)» عندما تكون مفيدة لها. وأشار إلى أن «القاعدة»، من ناحيتها، لم تتخذ موقفًا متشددًا معاديًا للشيعة، على خلاف «داعش»، لأنها «أدركت ضرورة إقرار تسويات».
وأوضح أنه رغم حدة اللغة، يبدو أن زعماء «القاعدة» بدوا أحيانا سعداء بتوصلهم لنوع من «التصالح» مع طهران. يُذكر أن من بين المحتجزين في إيران كانت زوجة أسامة بن لادن، أم حمزة، وحمزة. وذكرت أحد الخطابات أنه سيجري الإبقاء عليهم داخل منزل آمن حتى يقرر بن لادن ما إذا كان سيرسل الفتى إلى قطر. وأشارت رسالة أخرى آخر لمخاوف من أن إيران ستتجسس على أسرة بن لادن بعد رحيلهم عن إيران. ويحذر أحد الخطابات من أنه قبل مغادرة أم حمزة إيران، من الضروري أن تترك وراءها كل شيء، بما في ذلك الملابس والكتب وكل ما كانت تملكه في إيران. وأضاف الخطاب: «كل شيء بداية من حجم الإبرة قد يكون مصدر تجسس. لقد جرى تطوير بعض الشرائح أخيرا للتنصت في حجم صغير للغاية بحيث يسهل إخفاؤها في حقنة طبية. ونظرًا لأنه لا يمكن الثقة بالإيرانيين، فمن الممكن زراعة شريحة تجسس في بعض المتعلقات التي قد تحضريها معك».
وانتقد خطاب آخر منظمة «غير إسلامية» مقرها لندن لتقديمها مساعدات لمسيحيين وهندوس، واستعانتها بعاملين من النساء. وأشار الخطاب إلى أن المنظمة قالت إنه من غير المحتمل أن تتمكن من توفير العون لمجاهدين في باكستان.
ويقول خطاب آخر بعث به أحد عملاء «القاعدة» إلى بن لادن حول عميل آخر يستعد للسفر لإيران: «الوجهة، من حيث المبدأ، إيران، وسيكون برفقته من 6 إلى 8 إخوة من اختياره. وقد أخبرته أننا ننتظر تأكيدا نهائيًا كاملاً منك كي نتحرك، وننتظر موافقتك على الوجهة (إيران). وتقوم خطته على البقاء قرابة ثلاثة شهور داخل إيران وتدريب الإخوة هناك، ثم الشروع في نقلهم وتوزيعهم حول العالم للاضطلاع بمهامهم وتخصصاتهم».



تساؤلات حول قيادة «داعش»

فيديو يُظهر {داعشي} يطلق النار خلال اشتباكات مع «قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة الباغوز مارس الماضي (أ.ب)
فيديو يُظهر {داعشي} يطلق النار خلال اشتباكات مع «قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة الباغوز مارس الماضي (أ.ب)
TT

تساؤلات حول قيادة «داعش»

فيديو يُظهر {داعشي} يطلق النار خلال اشتباكات مع «قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة الباغوز مارس الماضي (أ.ب)
فيديو يُظهر {داعشي} يطلق النار خلال اشتباكات مع «قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة الباغوز مارس الماضي (أ.ب)

من يقود تنظيم داعش الإرهابي الآن؟ وما سر عدم ظهور إبراهيم الهاشمي القرشي، زعيم «داعش» الجديد، حتى اللحظة؟ ولماذا تعمد التنظيم إخفاء هوية «القرشي» منذ تنصيبه قبل شهرين؟ وهل هناك تغير في شكل التنظيم خلال الفترة المقبلة، عبر استراتيجية إخفاء هوية قادته، خوفاً عليهم من الرصد الأمني بعد مقتل أبو بكر البغدادي؟ تساؤلات كثيرة تشغل الخبراء والمختصين، بعدما خيم الغموض على شخصية زعيم «داعش» الجديد طوال الفترة الماضية. خبراء في الحركات الأصولية أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم يعاني الآن من غياب المركزية في صناعة القرار».
ويرجح خبراء التنظيمات المتطرفة أن «يكون (داعش) قد قرر إخفاء هوية (القرشي) تماماً، في محاولة لحمايته، وأن إعلان (القرشي) زعيماً من قبل كان شكلاً من أشكال التمويه فقط، لإخفاء حقيقة الخلاف الدائر داخل التنظيم». كما شكك الخبراء في «وجود شخصية (القرشي) من الأساس».
وأعلن «داعش»، في تسجيل صوتي بثه موقع «الفرقان»، الذراع الإعلامية للتنظيم، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تنصيب «القرشي» خلفاً للبغدادي الذي قتل في أعقاب غارة أميركية، وتعيين أبو حمزة القرشي متحدثاً باسم التنظيم، خلفاً لأبو الحسن المهاجر الذي قتل مع البغدادي. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن «مقتل البغدادي في عملية عسكرية أميركية شمال غربي سوريا».
ورغم أن مراقبين أكدوا أن «(القرشي) هو القاضي الأول في التنظيم، وكان يرأس اللجنة الشرعية»، فإن مصادر أميركية ذكرت في وقت سابق أن «(القرشي) عُرف بلقب الحاج عبد الله، وعُرف أيضاً باسم محمد سعيد عبد الرحمن المولى، وكان أحد قادة تنظيم القاعدة في العراق، وقاتل ضد الأميركيين». لكن عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر «شكك في وجود (القرشي) من الأساس»، قائلاً: إن «(القرشي) شخصية غير حقيقية، وهناك أكثر من إدارة تدير (داعش) الآن».
وأكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أنه «بطبيعة الحال، لا يمكن أن نحدد من يقود (داعش) الآن، حتى هذا الإعلان (أي تنصيب القرشي) قد يكون شكلاً من أشكال التمويه، لإخفاء حقيقة الخلاف الدائر داخل التنظيم»، مضيفاً: «نحن أمام عدد من الاحتمالات: الاحتمال الأول هو أن تكون شخصية (القرشي) حقيقية لكن يتم إخفاءها، وعدم ظهوره إلى الآن هو من أجل تأمين حياته، وعدم مطاردته من قبل أجهزة الدول. والاحتمال الثاني أننا أمام شخصية (وهمية)، والتنظيم لا يزال منقسماً حول فكرة اختيار خليفة للبغدادي. أما الاحتمال الثالث فأننا أمام صراع حقيقي داخل التنظيم حول خلافة (البغدادي)».
وتحدث المراقبون عن سبب آخر لإخفاء «داعش» هوية «القرشي»، وهو «الخوف من الانشقاقات التي تضرب التنظيم من قبل مقتل البغدادي، بسبب الهزائم التي مُني بها في سوريا والعراق، خاصة أن نهج إخفاء المعلومات والتفاصيل التي تتعلق بقادة (داعش) استخدمه التنظيم من قبل، حين تم تعيين أبو حمزة المهاجر وزيراً للحرب (على حد تعبير التنظيم) في عهد البغدادي، وتم الكشف عن اسمه في وقت لاحق».
وكان البغدادي قد استغل فرصة الاضطرابات التي حدثت في سوريا، وأسس فرعاً لتنظيمه هناك، كما استغل بعض الأحداث السياسية في العراق، وقدم نفسه وتنظيمه على أنهم المدافعون عن الإسلام (على حد زعمه)، فاكتسب في البداية بيئة حاضنة ساعدته على احتلال المزيد من الأراضي العراقية التي أسس عليها «دولته المزعومة». وفي عام 2014، أعلن البغدادي نفسه «خليفة مزعوماً» من على منبر مسجد النوري الكبير، في مدينة الموصل، ثم اختفى بعدها لمدة 5 سنوات، ولم يظهر إلا في أبريل (نيسان) الماضي، في مقطع فيديو مصور مدته 18 دقيقة، ليعلن «انتهاء السيطرة المكانية لـ(دولته المزعومة)، وسقوط آخر معاقلها في الباغوز السورية». وقال المراقبون إنه «رغم أن ظهور البغدادي كان قليلاً في السنوات الأخيرة قبل مقتله، فإن أخباره كانت دائمة الانتشار، كما عمد مع بداية الإعلان عن (دولته المزعومة) إلى الظهور المتكرر، وهو ما لم يفعله (القرشي)».
وأكد عبد المنعم أن «هوية (القرشي) كانت لا بد أن تختفي تماماً لحمايته»، مدللاً على ذلك بأنه «في ثمانينات القرن الماضي، كانت التنظيمات الإرهابية تعلن عن أكثر من اسم للقيادة، حتى تحميه من التتبع الأمني»، موضحاً: «يبدو أن هوية (القرشي) الحقيقة بالنسبة لعناصر التنظيم ليست بالأهمية ذاتها، لأن ما يهمهم هو وجود الزعيم على هرم التنظيم، ضمن إطار وإرث ديني... وهذا أهم بكثير للعناصر من الإعلان عن هوية الرجل (أي القرشي)»، مدللاً على ذلك بأنه «في الأيام التي أعقبت إعلان تعيين (القرشي)، تساءلت مجموعة صغيرة من عناصر التنظيم على موقع التواصل (تليغرام) عن هوية الزعيم الجديد. وبعد أيام من تساؤلاتهم، وعندما طلب منهم مبايعة (القرشي)، قلت التساؤلات. ولهذا، من الواضح أن هوية الرجل بدت غير مهمة لهم، بل المهم هو أنه زعيم (داعش)، ويحتاج إلى دعمهم».
وحث أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» الجديد، أتباعه في رسالته الصوتية الأخيرة على «الالتزام بما أصدره البغدادي في رسالته في سبتمبر (أيلول) الماضي، التي طالب فيها بتحرير أنصار التنظيم من السجون، وتجنيد أتباع جدد لاستكمال المهمة، وتأكيد مواصلة التنظيم تمدده في الشرق الأوسط وخارجه».
ومن جهته، أضاف عبد المنعم أن «التنظيم دشن قبل أيام كتيبة أطلق عليها (الثأر للبغدادي والمهاجر)، بهدف الانتقام لمقتل البغدادي والمهاجر، كما جرى سجن عدد من قيادات التنظيم، مُرجح أنها تورطت في تسريب معلومات بطريقة غير مباشرة لعناصر في تنظيم (حراس الدين)»، موضحاً أن «المركز الإعلامي للتنظيم يعاني حالياً من عدم وجود اتصال مع باقي المراكز التابعة للتنظيم، ويعاني من حالة ارتباك شديدة».
وهدد المتحدث باسم التنظيم الجديد الولايات المتحدة، قائلاً: «لا تفرحوا بمقتل الشيخ البغدادي». وقال عبد المنعم: «يبدو أن (داعش) قرر عدم التعامل بالشكل التقليدي في التسجيلات والظهور المباشر لـ(القرشي)، مثلما كان يحدث مع البغدادي»، لافتاً إلى أن «عمليات (داعش) منذ تولي (القرشي) لم تشهد أي حراك، على عكس شهري أبريل وسبتمبر الماضيين، اللذين شهدا حراكاً، عقب بث تسجيلين: واحد مصور والآخر صوتي للبغدادي».
وكان أبو بكر البغدادي قد ذكر في سبتمبر (أيلول) الماضي أن «تنظيمه لا يزال موجوداً، رغم توسعه في البداية، ومن ثم الانكماش»، وأن ذلك يعد (اختباراً من الله)»، على حد زعمه.
وقال عمرو عبد المنعم إن «قنوات (داعش) واصلت بث أخبارها كالمعتاد، وأبرز ما نقلته هذه القنوات أخيراً إصدار مرئي جديد على شاكلة (صليل الصوارم)، بعنوان (لن يضروكم إلا أذى)، مدته 11 دقيقة، وفيه متحدث رئيسي مُقنع يتوعد بالثأر من عملية (التراب الأسود) التي أطلقتها القوات العراقية ضد (داعش) في سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي نهاية الإصدار، ظهر مقاتلون ملثمون يبايعون الخليفة الجديد».
وبايع فرع «داعش» في الصومال «القرشي» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث نشر فرع التنظيم صوراً على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» لنحو 12 عنصراً يقفون بين الأشجار، وعليها تعليق يقول: «إنهم يعلنون مبايعة (القرشي)». كما بايع «ولاية سيناء»، الموالي لـ«داعش» في مصر، «القرشي»، ونشر في إصدار مرئي صوراً لمجموعة قال إنهم من العناصر التي بايعت «القرشي». ويشار إلى أنه ما زالت بعض أفرع تنظيم داعش حول العالم لم تعلن مبايعتها لـ«القرشي» حتى الآن، وفي مقدمتها «ولاية خراسان» في أفغانستان، و«ولاية غرب أفريقيا» (بوكو حرام سابقاً) في نيجيريا.
وحول وجود تغير في استراتيجية «داعش» في الفترة المقبلة، بالاعتماد على إخفاء شخصيات قادته، أكد الخبير الأصولي أحمد بان أن «هذه المرحلة ليست مرحلة الإمساك بالأرض من جديد، والسيطرة عليها، أو ما يسمى (الخلافة)، لكن مرحلة ترميم مجموعات التنظيم، وإعادة التموضع في ساحات جديدة، ومحاولة كسب ولاءات جماعات أخرى، قبل أن نصل إلى عنوان جديد، ربما يعكس ظهور تنظيم جديد، قد يكون أخطر من تنظيم (داعش). لكن في كل الأحوال، هيكلية (داعش) تغيرت، من مرحلة الدولة (المزعومة) إلى مرحلة (حروب النكاية) إلى مرحلة إعادة التنظيم والتموضع؛ وكل مرحلة تطرح الشكل المناسب لها. وفي هذه المرحلة (أي الآن)، أتصور أن التنظيم قد تشظى إلى مجموعات صغيرة، وأن هناك محاولة لكسب ولاء مجموعات جديدة في دول متعددة».
أما عمرو عبد المنعم، فقد لفت إلى أن «(داعش) فقد مركزية صناعة القرار الآن، وهناك عملية (انشطار) في المرحلة المقبلة للتنظيم، ولن يكرر التنظيم فكرة القيادة المركزية من جديد، لذلك لم يظهر (القرشي) على الإطلاق حتى الآن، لو كان له وجود حقيقي، وهذا على عكس ما كان يظهر به البغدادي، ويحث العناصر دائماً على الثبات والصبر»، محذراً في الوقت ذاته من «خطوة (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، وقتال الشوارع واستنزاف القوى الكبرى، وهي الاستراتيجية القديمة نفسها للتنظيم، مع زيادة العنصر (الانفرادي) الذي يعرف بـ(الذئاب المنفردة)».
وقال المراقبون إن «التنظيم تحول منذ سقوط بلدة الباغوز في مارس (آذار) الماضي، ونهاية (الخلافة المزعومة) بعد عدة سنوات من إرسائها، نحو اعتماد (نهج العصابات). وقاد البغدادي (داعش) بعد استيلائه على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، قبل أن يتهاوى التنظيم خلال الأشهر الماضية نتيجة خسائره، وفرار عدد كبير من عناصره».