شركات التقنية تتصارع مع الحكومة الأميركية للوصول إلى البيانات الآمنة

النزاعات القضائية مع شركتي «أبل» و«مايكروسوفت» تعكس حالة الممانعة المؤسساتية في عصر ما بعد سنودن

مدخل مقر  «سي آي إيه» في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فيرجينيا («الشرق الأوسط»)
مدخل مقر «سي آي إيه» في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فيرجينيا («الشرق الأوسط»)
TT

شركات التقنية تتصارع مع الحكومة الأميركية للوصول إلى البيانات الآمنة

مدخل مقر  «سي آي إيه» في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فيرجينيا («الشرق الأوسط»)
مدخل مقر «سي آي إيه» في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فيرجينيا («الشرق الأوسط»)

حصلت وزارة العدل الأميركية، عبر تحقيقات أجريت هذا الصيف وتتعلق بالأسلحة والمخدرات، على أمر قضائي يلزم شركة «أبل» بالكشف في الوقت الحقيقي عن الرسائل النصية التي يتبادلها المشتبه بهم الذين يستخدمون هواتف «آي فون». وكان رد شركة «أبل»: أن «تطبيق (آي ميسيج) الخاص بها يخضع للتشفير الإلكتروني وأنه ليس بوسع الشركة الامتثال للأمر القضائي الصادر».
مسؤولون حكوميون أميركيون كانوا قد حذّروا قبل شهور من أن ذلك النوع من الإعراض لا مفر منه إذ إن شركات التكنولوجيا مثل «أبل» و«غوغل» قد تبنت عمليات التشفير الإلكتروني الأكثر صرامة. وهذه القضية، التي تأتي بعد عدد آخر من القضايا المشابهة التي شهدت رفضا لطلبات مشابهة، دفعت ببعض موظفي وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) إلى المناداة بمقاضاة شركة «أبل»، على نحو ما أفاد به الكثير من كبار العاملين الحاليين والسابقين في الهيئات الأمنية بالولايات المتحدة.
ولكن، في حين أن هذا الاحتمال بقي قيد التأجيل في الوقت الراهن، فإن وزارة العدل الأميركية دخلت في نزاع قضائي آخر مع شركة تكنولوجية أخرى هي «مايكروسوفت». وبدأت نظر القضية، المطروحة أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية في ولاية نيويورك أخيرًا، وهي تلقى الكثير من الاهتمام والمراقبة من قبل صناعة التكنولوجيا والناشطين ولا سيما في مجال الحقوق المدنية، عندما رفضت شركة «مايكروسوفت» الامتثال لمذكرة قضائية في ديسمبر (كانون الأول) عام 2013 للكشف عن رسائل البريد الإلكتروني لأحد المشتبه بهم في تهريب المخدرات. وقالت الشركة إنه «يتعين على المسؤولين الفيدراليين الحصول على أمر من محكمة آيرلندية، نظرا لأن رسائل البريد الإلكتروني كانت مخزّنة على خوادم في العاصمة الآيرلندية دبلن».
تعكس النزاعات القضائية مع شركتي «أبل» و«مايكروسوفت» حالة الممانعة المؤسساتية المتزايدة، في عصر ما بعد إدوارد سنودن، حيال نيات شركات التكنولوجيا الأميركية على الظهور بمظهر المدافع عن معلومات العملاء. وحقًا، يقول جورج ترويليغر الثالث، وهو محام يمثل شركات التكنولوجيا وكان يعمل في وزارة العدل الأميركية قبل عشرين سنة وواجه التحديات المتمثلة في التنصت على شبكات الهواتف التي أصبحت رقمية فيما بعد، معلقًا «لقد صار الأمر برمته متعلقًا بقضية سنودن وقضايا الخصوصية».
جدير بالذكر أن الرئيس باراك أوباما كلف وزارة الأمن الداخلي، وسلطات الأمن الإلكتروني، إلى جانب أولئك وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي وأجهزة الاستخبارات، بالخروج بمقترحات وحلول لقضية الوصول إلى المعلومات التكنولوجية. ولا يزال المسؤولون في هذه الهيئات يحاولون تسوية خلافاتهم، وفقا لبعض المصادر الأمنية والحكومية الأميركية. غير أن جهات في وزارة العدل والمباحث الفيدرالية شعرت بالإحباط لكون أن البيت الأبيض لم يتخذ الخطوات العاجلة الكافية أو كان أكثر وضوحًا فيما يتعلق بحرب العلاقات العامة التي تبدو شركات التكنولوجيا تقترب من الانتصار فيها، حسب بعض أفراد أجهزة المحافظة على الأمن وحماية القانون الذين فضلوا التكتم على هوياتهم لأنه غير مصرح لهم بمناقشة المحادثات الخاصة.
ومن جهته، لم يفصح البيت الأبيض، بعد شهور من دراسة القضية، عن استجابته العلنية للقضية محل الخلاف بشأن أن انتصار شركة «مايكروسوفت» في القضية سوف يوفر للدول التسلطية الحكم، وخصوصًا الصين وروسيا، السبيل للوصول إلى خوادم الحواسيب الموجودة على أراضي الولايات المتحدة الأميركية. ولقد جاء على لسان براد سميث، المستشار العام لشركة «مايكروسوفت»، خلال مقابلة أجريت معه أخيرا «من الواضح، أنه إذا كسبت الحكومة الأميركية، سيكون الباب مفتوحا أمام بقية الحكومات للوصول إلى مراكز البيانات داخل الولايات المتحدة». وفي هذه الأثناء، واصلت الشركات وجماعات الحريات المدنية إرسال المذكرات الخاصة بهم، والتي تعارض وإلى حد كبير سلطات الرقابة الحكومية.
حالة التوتر القائمة بين كبرى شركات التكنولوجيا وبين الحكومة الأميركية حول الوصول إلى بيانات العملاء ليست جديدة بحال من الأحوال، إذ كانت إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون قد أجبرت على التخلي عن خططها بمطالبة صناع التكنولوجيا ببناء «رقائق صغيرة» داخل أنظمة الأجهزة الخاصة بالشركات تلك التي تسمح للحكومات بفتح الاتصالات المشفّرة. ومع ذلك، أيدت شركات الهواتف في البلاد، في نهاية المطاف، التشريع الذي يستلزم منهم إيجاد منافذ للوصول إلى الشبكات الرقمية بتلك الشركات حتى يمكنها الامتثال لأوامر التنصت القانونية. لا تعتبر شركات التكنولوجيا مثل «أبل» و«غوغل» من شركات الاتصالات، وبالتالي لا يسري عليها قانون التنصت المذكور.
إن السياسة اليوم أكثر اختلافا عن الماضي. وتحاول شركات «أبل» و«غوغل» و«مايكروسوفت»، خصوصًا بعد فضيحة كشف سنودن، عن الكيفية التي اخترقت بها وكالة الأمن القومي الأميركية، في سرية، لشبكات تلك الشركات - من دون معرفة تلك الشركات بعمليات الاختراق في كثير من الأحيان - العمل على طمأنة العملاء حول العالم أنهم يبذلون الجهود القاسية للحيلولة دون منح الحكومة الأميركية حق الوصول إلى بيانات الاتصالات عندهم.
وتقول الشركات إنها تشهد طلبات متزايدة أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ التشفير المدمج - بما في ذلك نظام التشغيل الجديد الذي طرحته «أبل» العام الماضي على هاتف الـ«آي فون»، والذي ندد به جيمس كومي، رئيس المباحث الفيدرالية الأميركية وغيره من المسؤولين الحكوميين لأنه، من وجهة نظرهم، يهدد جهودهم الأمنية في إحباط المجرمين والإرهابيين. كذلك، قالت سالي ياتس، وكيلة النائب العام الأميركي أمام الكونغرس خلال هذا الصيف «من المهم ألا نسمح لتلك الابتكارات التكنولوجية بتقويض قدراتنا على حماية المجتمع من التحديات الأمن القومي والسلامة العامة الخطيرة».
ما يستحق الإشارة أن هناك نوعين من التشفير التكنولوجي: الأول هو التشفير الطرفي، الذي تستخدمه «أبل» في نظام الرسائل «آي ميسيج» وتطبيق «فيس – تايم» لمحادثات الفيديو. ولقد تبنت شركات أخرى مثل شركة «أوبن ويسبر سيستمز»، المنتجة لبرامج «سيجنال» وتطبيق «واتس آب»، هذا النوع من التشفير للتطبيقات المفردة، والتي تعتبر من مصادر القلق المهمة لدى المحققين في قضايا مكافحة الإرهاب.
أما في شركة «أبل»، فيتم التشفير وفك التشفير عن طريق الهاتف نفسه على طرفي المحادثة، ولا تحتفظ الشركة بنسخ من الرسائل ما لم يقم أحد المستخدمين بتحميل الرسائل على «آي – كلاود»، حيث لا يصار إلى تشفيرها هناك. «في تحقيقات الأسلحة والمخدرات التي أجريت هذا الصيف، أفرجت (أبل) في نهاية المطاف عن بعض من الرسائل المخزّنة على (آي – كلاود)». وفي حين أنها لم تكن رسائل الوقت الحقيقي للإرسال التي تطالب بها الحكومة وباهتمام، قال المسؤولون إنهم يعتبرون ذلك دليلا على التعاون من قبل الشركة.
النوع الثاني من التشفير يتضمن وجود برمجيات تشفير معقدة على أجهزة «أبل» و«آندرويد»، والتي تجعل من المستحيل على أي شخص باستثناء مستخدم الهاتف فتح المحتويات المخزنة - أي الصور، وجهات الاتصال، والرسائل النصية المحفوظة، وغيرها - من دون إدخال «الكود» السرّي. تعترض المباحث الفيدرالية والسلطات المحلية على تلك التكنولوجيا، ويقولون إنها تجعلهم في وضع خطر «المحادثات المخفية» بين الإرهابيين ومختلف الأنشطة الإجرامية الأخرى الحالية في شوارع المدن. كما أن المؤسسة العسكرية الأميركية تعاني انقسامًا واضحًا حيال القضية، وفقا للمهمة.
تريد وزارة العدل من شركة «أبل» وغيرها من شركات التكنولوجيا استخدام تقنية التشفير الطرفي للامتثال مع ذات النوع من أوامر التنصت القانونية التي تطبقها شركات الهواتف. وتقول وزارة العدل وبعض سلطات المحافظة على الأمن وحماية القانون إن «المستهلكين يريدون حصول المحققين على القدرة على التنصت على الهواتف الجوالة، وعلى العالم الرقمي بأسره إذا أدى ذلك إلى حل الجرائم». وعن هذا يقول ترويليغر «إذا كنت تسأل عن المهمة الوظيفية للتنصت الهاتفي من سياق الخصوصية الأوسع، فلن تنال إلا إجابة واحدة. ولكن إذا كنت تسأل في سياق الرجل الذي يحمل سلاحا فتاكا وهو حر طليق، أو غير ذلك من المعدات، فستأتيك إجابة مغايرة تمامًا».
وفق مصادر مسؤولة فإن المعركة القضائية مع شركة «أبل» ما زالت مجرد خيار مطروح، على الرغم من أنهم يدركون أنها لن تكون معركة قصيرة بأي حال. ويعترض البعض بأن المعركة القانونية من شأنها أن تصعب الأمر على الشركات لكي تقدم تنازلات، كما يرى مسؤولو المحافظة على الأمن وحماية القانون. يضيفون أن شركة «أبل» وغيرها من الشركات قد أعربت ضمنيا عن استعدادها للتوصل إلى أرضية مشتركة حيال المسألة برمتها.
هذا وقد رفضت شركة «أبل» التعليق على القضية لأجل هذه المقالة. ولكن مسؤولي الشركة أعلنوا صراحة أن إمكانية الوصول للبيانات التي تريدها الحكومة يمكن إساءة استغلالها من قبل القراصنة والمتسللين وتهدد الخصوصية كثيرًا.

*خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».