اشتباكات عنيفة في تعز.. والجيش والمقاومة يبشران الأهالي ببوارق الخير

التحالف يكثف غاراته على الميليشيات ويكبدهم خسائر بالعتاد والأرواح

اشتباكات عنيفة في تعز.. والجيش والمقاومة يبشران الأهالي ببوارق الخير
TT

اشتباكات عنيفة في تعز.. والجيش والمقاومة يبشران الأهالي ببوارق الخير

اشتباكات عنيفة في تعز.. والجيش والمقاومة يبشران الأهالي ببوارق الخير

جددت طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية، أمس، غاراتها على تجمعات ومواقع عسكرية لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح بمدينة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، حيث واستهدفت الغارات بضربات قوية ومكثفة مطار الجند ومنطقة الحوبات وقاعدة طارق، كما امتدت إلى مديرية القاعدة، التابعة لمحافظة إب والمحاذية لمحافظة تعز، واستهدفت مقر إدارة الأمن في المديرية، وأنباء عن سقوط الكثير من القتلى والجرحى من الميليشيات، وكذا استهدفت تجمعات لميليشيات الحوثي وصالح في مدينة المخا الساحلية التابعة لمحافظة تعز.
ويأتي تكثيف غارات التحالف العربي من غاراتها على تجمعات المواقع العسكرية للميليشيات الانقلابية في الوقت الذي تستمر فيه هذه الأخيرة بقصفها العنيف والكثيف بصواريخ الكاتيوشا ومختلف أنواع الأسلحة على الأحياء السكنية بتعز، ومقتل العشرات بينهم نساء وأطفال في هذا القصف الذي يوصف بالهمجي، حيث تستمر المواجهات العنيفة.
إلى ذلك، تستمر المواجهات العنيفة في مختلف جبهات القتال الشرقية والغربية في مدينة تعز بين المقاومة الشعبية والجيش المساند لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، وبين ميليشيات الحوثي وصالح من جهة، والتي اشتدت في مناطق ثعبات والدحى وجبل الجري وعدد من المواقع وسط سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
ويقول شهود محليين لـ«الشرق الأوسط»: «استهدفت غارات التحالف العربي إدارة الأمن الذي كان يعد مقرا للميليشيات وقتل الكثير منهم بالإضافة إلى مقتل وحرج عدد من المدنيين بسبب تجمهرهم بعد ضرب الطيران للصاروخ الأول وتجمهرهم مباشرة ما جعلهم يكونون عرضة للصاروخ الثاني، بالإضافة إلى استهداف تجمعات للميليشيات في مدينة المخا ومناطق متفرقة من تعز مثل معسكر العمري في منطقة ذوباب التابعة لمديرية المخا ومنزل الشيخ علي عبده حنش في مدينة الراهدة، التي سيطرت عليه الميليشيات لموقعه على تبة مرتفعة، ومصنع الحاشدي في منطقة الجند ومفرق الذكرة».
ويضيف الشهود: «قتل الكثير من الميليشيات بغارات التحالف العربي والتي استهدفتهم أيضًا في حي صالة وجبل الوعش ومعسكر اللواء 25 مدرع ومفرق الذكرة ومنطقة الكسارة، البرح غرب تعز، وتم تدمير معدات عسكرية وما لا يقل عن 20 عربة عسكرية خاصة بالميليشيات».
وشهدت، أمس، مدينة تعز اشتباكات عنيفة في مختلف جبهات القتال الغربية والشرقية بين المقاومة الشعبية المسنودة من الجيش المساند لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، وبين ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح، من جهة أخرى، كما وشهدت مناطق الدحى والمرور غرب المدينة وثعبات جنوب المدينة وشارع الأربعين ومحيط الجرة اشتباكات عنيفة وسقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 10 مدنيين بينهم 3 نساء جراء القصف العشوائي التي تشنه عليها الميليشيات في الأحياء السكنية بالإضافة إلى استهدافهم مركزا تجارية في حي المسبح بتعز.
وكثفت غارات التحالف العربي من غاراتها على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح بعدما قامت هذه الأخيرة بتكثيف قصفها العشوائي على الأحياء السكنية مستخدمة بذلك كل أنواع الأسلحة وسقط قتلى وجرحى من المدنيين بينهم أطفال ونساء.
ويؤكد مصدر من المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» أن «ميليشيات الحوثي وصالح تقدم على الانتحار يوميا رغم حشده للأسلحة الضخمة لاختراق مواقع المقاومة غير أنهم ما يلقون حتفهم في جميع جبهات القتال، كما حصل في وادي الدحي التي كانت تقدمت فيه بنسبة قليلة ميليشيات الحوثي وصالح لكن المقاومة والجيش دحروهم وكبدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، كما قتل 5 من عناصر المقاومة».
ويضيف: «تستمر الميليشيات بالانتقام من خلال قصفها للأحياء السكنية فقد قتلت أطفال ونساء في جبل صفر من خلال قصفها المدفعي عليهم وقتل ما لا يقل عن 9 مدنيين وجرح أكثر من 20 آخرين، لكن طيران التحالف العربي بغاراته يساعد المقاومة والجيش كثيرا ويكبدهم الخسائر الفادحة لأنه أيضًا يستهدف جميع المواقع العسكرية وتجمعات الميليشيات ويعيق تقدمهم».
وأكد أن عزيمة وإصرار وصمود عناصر المقاومة مستمرة وآخرها قيام أحد عناصر المقاومة بعملية بطولية من خلال «استهداف أحد الأطقم العسكرية التابعة للميليشيات في منطقة الحوبان التي تسيطر عليه الميليشيات ومقتل جميع من فيها، ما جعل ميليشيات الحوثي يقومون بتهديد أصحاب المحلات التجارية بالسجن أن وقفت أي سيارة مشتبه بها أمام محلاتهم التجارية بالإضافة إلى قيامهم باستهداف أي سيارة يشتبهون بها أو أي شخص يشتبهون به أنه من المقاومة الشعبية».
من جهتها، توعدت قيادة وأبطال المجلس العسكري وعناصر المقاومة الشعبية بتعز بالرد القاسي والعنيف من الميليشيات الانقلابية والثأر لـ«الشهداء» المدنيين الذي قصفتهم الميليشيات بشكل همجي بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وأكدوا لجميع الأهالي بتعز أنهم مستمرون «بدحر المتمردين وأن الأبطال معنوياتهم مرتفعة، وبأن هناك بوارق خير ونصر ستحملها الساعات المقبلة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.