صحافيو المعارضة في تركيا عرضة للهجوم المستمر

استراتيجية التخويف لإسكات الإعلام المستقل

إردوغان
إردوغان
TT

صحافيو المعارضة في تركيا عرضة للهجوم المستمر

إردوغان
إردوغان

هاجم كمال كلتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض التركي، الرئيس رجب طيب إردوغان بقوة بسبب محاولاته لإسكات صحيفة «حريت ديلي نيوز» بتهم وصفها بـ«المسيسة».
وقال كلتشدار: «عندما يكون حق المعرفة ممنوعًا في بلد ما، فلا يمكن حينها التحدث عن الديمقراطية فيها، وإذا كان الهدف من ذلك التحقيق هو إسكات الصحيفة وكتابها فعليهم أن يعرفوا أنهم لا يملكون القوة الكافية لذلك»، مؤكدًا أن «حريت ديلي» تعتبر أهم الصحف في الساحة الإعلامية التركية. ووصف أوغلو ما تفعله الحكومة التركية باستراتيجية التخويف لإسكات الإعلام المستقل، بما في ذلك من اتهامات كاذبة ومحاولة إرشائهم بالأموال وإجراء مكالمات مباشرة للضغط على الكتاب أو إحالتهم للتحقيق بتهم واهية ذات صلة بالإرهاب. من جهتها، سلطت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الضوء على عمليات المداهمة والتضييق التي تتعرض لها وسائل الإعلام والصحافيون الأتراك خلال الشهر الأخير.
ونقلت الصحيفة في خبرها ما تعرضت له صحيفة «حريت ديلي نيوز»، التابعة لمجموعة «دوغان» الإعلامية من اعتداءين متتاليين، ومداهمة مقر مجلة «نقطة» التركية، وفتح تحقيقات مع عشرات الصحافيين بتهمة إهانة رئيس الجمهورية إردوغان، وغيرها من عمليات القمع التي تشهدها تركيا مؤخرًا، مؤكدة أن الهجوم الأخير هو ضمن حملة التهديد المكثف التي تتعرض لها وسائل الإعلام المعارضة من قبل الحكومة. وأكدت «نيويورك تايمز» أن الصحافيين الأجانب يتم ترحيلهم إلى خارج البلاد، ويتم تهديد الكتَّاب والصحافيين المعارضين في مقالات وأعمدة زملائهم من الموالين لإردوغان، بالإضافة إلى اختيار نائبٍ بحزب العدالة والتنمية لعب دورًا مهمًا في الهجوم والاعتداء على صحيفة «حريت» لعضوية اللجنة الإدارية المركزية في الحزب، مشيرة إلى أن هذا الهجوم الأخير الذي شهدته تركيا التي تأتي في المرتبة 149 بين 180 دولة حول العالم من حيث الحريات يعتبر عنيفًا للغاية.
ولفت محللون سياسيون مطلعون على الشأن التركي تحدثوا للصحيفة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية ضد الصحافة والإعلام نجحت وأثمرت النتائج المرجوة منها، حيث فرضت الصحف ووسائل الإعلام نوعًا من «الرقابة الذاتية» على نفسها في نشر الأخبار وإعداد التقارير المتعلقة بالصراعات التي تدور في هذه الأيام بين قوات الأمن وعناصر منظمة حزب العمال الكردستاني، وذلك خوفًا من أن تلحقها تهم دعم التنظيمات «الإرهابية».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».