الصحف الأوروبية: فجوة بين المقاتلين الغربيين والمحليين في «داعش»

الإعلام الأميركي: مناظرات ومساءلات

الصحف الأوروبية: فجوة بين المقاتلين الغربيين والمحليين في «داعش»
TT

الصحف الأوروبية: فجوة بين المقاتلين الغربيين والمحليين في «داعش»

الصحف الأوروبية: فجوة بين المقاتلين الغربيين والمحليين في «داعش»

يتواصل اهتمام الصحف الأوروبية بملف الهجرة واللجوء، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا في سوريا، وتنظيم داعش، وقضايا أخرى. وظهر الاهتمام بالموضوعين الأخيرين في الصحف البريطانية التي عرفت عناوين بارزة مثل «المتطوعون في صفوف تنظيم داعش يشكون من عدم اندماجهم مع المسلحين المحليين»، و«السوريون يموتون في سوريا وخارجها، فما الفرق؟».
ففي صحيفة «التايمز» نطالع تقريرًا بعنوان «فجوة بين المقاتلين الغربيين والمحليين في تنظيم داعش، هل تهدد بثورة؟»، أعده جون سمسون مراسل الشؤون الجنائية وتوم كوغلان مراسل الصحيفة في بيروت.
«وسط الاشتباكات وسقوط القنابل، يبدو أن المتطرفين الغربيين يواجهون مشكلات تتجاوز تعطل أجهزة الآيباد أو ضياع أمتعتهم»، هكذا تستهل الصحيفة تقريرها حول المقاتلين الغربيين في صفوت تنظيم داعش.
يتضح من التقرير أن مغني الراب وطلاب المدارس السابقين الذين تركوا أوروبا والولايات المتحدة من أجل المشاركة في «القتال» في سوريا بدأوا يتململون. ويقول معد التقرير إنه بينما يتحمل المسلحون العرب أعباء الحرب، يشكو الجهاديون الغربيون من البرد في الشتاء، ومن سرقة أحذيتهم وغضب عائلاتهم من انضمامهم إلى تنظيم داعش. وقد كتب متطرف بريطاني في مدونته أنه يحس «بصدام ثقافي» بين الغربيين والمقاتلين المحليين، الذين يصفهم بأنهم «عديمو التهذيب وكسالى وسريعو الغضب».
كما تقول الصحيفة إن «المقاتلين المحليين يشكون من أن المقاتلين يحصلون على مواقع أفضل وبيوت أفضل، بينما يعين السوريون خدمًا وحراسًا لهم. وفي صحيفة (الغارديان) كان التركيز عن أوضاع اللاجئين السوريين في كرواتيا، بوصف مشاهد من الآلاف من اللاجئين المكتظين في قرية حدودية كرواتية بالقرب من محطة قطارات، وسط القمامة والروائح الكريهة، بانتظار قطار لا يصل، وإن وصل وتمكنوا من الصعود إليه فهو يبقى في أرضه ولا يريد أن يتحرك».
أما الصحف البلجيكية والهولندية، فقد ركزت على دعوة رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد تاسك، إلى قمة طارئة الأربعاء المقبل، لمناقشة كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين، وكانت هناك موضوعات أخرى ومنها ما ذكرته صحيفة «ستاندرد» البلجيكية الناطقة بالهولندية حول أولى جلسات محاكمة الصومالي محمد عبدي حسن الملقب بملك القراصنة الصوماليين الذي يشتبه في أنه العقل المدبر لعملية خطف السفينة البلجيكية «بومبي» في عام 2009، وقد جرى التعرف عليه من قبل الكثير من الشهود، ولكنه لم يحضر إلى جلسة المحاكمة للاحتجاج على إضافة مستندات جديدة إلى ملف القضية، كما تغيب الدفاع، وبالتالي «ستتم المطالبة بمحاكمة جديدة في حال صدور أي أحكام ضد عبدي غيابيًا».
وركزت صحيفة «فولكس كرانت» اليومية الهولندية على الحادث الثاني من نوعه للقطار الأوروبي «تاليس»، ونقلت الصحيفة عن متحدثة باسم شرطة مدينة روتردام الهولندية، أن «رجال الأمن نجحوا في القبض على شخص: كان قد استقل صباح الجمعة الماضي القطار الأوروبي (تاليس) المتجه من أمستردام إلى باريس، ودخل الشخص إلى دورة المياه وأغلق الباب على نفسه وهدد بتفجير القطار، وانتقلت على الفور قوات من شرطة مكافحة الإرهاب وعناصر من إدارة التعامل مع المتفجرات ومعها كلاب بوليسية. وقد أصيب رجل شرطة نتيجة عضه من أحد الكلاب البوليسية وجرى إخلاء محطة روتردام وتفتيش القطار بحثًا عن متفجرات.
وبدأ الأسبوع الماضي في التغطية الإعلامية الأميركية بأخبار اللاجئين الشرق أوسطيين على أبواب أوروبا، لكن، قل الاهتمام مع نهاية الأسبوع بسبب مواضيع داخلية.
مع بداية الأسبوع، بدأت الاستعدادات لمناظرة مرشحي الحزب الجمهوري التي أقيمت في سيمي فالي (ولاية كاليفورنيا) في مكتبة الرئيس السابق رونالد ريغان. نقلت التغطية قناة «سي إن إن»، حسب ترتيب مسبق، لأن قناة «فوكس» كانت نقلت المناظرة الأولى.
وفي حدث تاريخي اهتمت به وسائل الإعلام، قدم الدبلوماسي الكوبي خوسيه رامون رودريغيز أوراق اعتماده إلى الرئيس باراك أوباما، ليصبح أول سفير لكوبا إلى الولايات المتحدة منذ عام 1961.
لسبب ما يهتم تلفزيون «إي بي سي» بالكوارث. وسارع وغطى ارتفاع عدد القتلى إلى 16 من السيول على حدود ولايتي يوتا وأريزونا. وضرب زلزال بلغت قوته 8.3 درجة في المحيط الهادي بالقرب من شيلي، مما أثار خوفا من سونامي جديد. لكن، فقط قتل خمسة أشخاص. وإن وباء الكوليرا قتل 16 شخصًا على الأقل في ثلاثة مخيمات للنازحين الفارين من «بوكو حرام» في نيجيريا.
في منتصف الأسبوع، تفوقت الأخبار الاقتصادية على التغطية الإعلامية. وخصوصا المشكلات بين الحكومة والشركات. وهي ما سماها كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست»: «قدرة الشعب على وقف طمع الرأسمالية».
نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» خطة لشراء شركة كابل في الولايات المتحدة من قبل مجموعة شركات أوروبية، وذلك بمبلغ 17 مليار دولار.
ونشرت الصحيفة خبر أوامر وكالة حماية البيئة الأميركية (إي بي إيه) إلى شركة «فولكس واغن» لإصلاح برامج وقطع في أكثر من 500 ألف سيارة.
ونشر موقع «بلومبيرغ» خبر أن وزارتي التجارة والخزانة أعلنتا إزالة سلسلة من القيود على الاستثمارات الأميركية في كوبا، وذلك بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأيضا، خبر أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) قرر أن يترك أسعار الفائدة في مستواها الحالي، وهو مستوى صفر بهدف تشجيع النشاط الاقتصادي.
وفي سابقة اقتصادية اهتمت بها كل وسائل الإعلام، وافقت شركة صناعة السيارات «جنرال موتورز» على دفع قرابة مليار دولار غرامة لتسوية دعوى قضائية جنائية بسبب مشكلات مع نظام الإشعال في سيارات الشركة.
مع نهاية الأسبوع، وبعد أن وصل اللاجئون إلى مأزق وهم في طريقهم إلى غرب أوروبا، عاد صحافيون أميركيون تلفزيونيين كانوا غطوا اللاجئين إلى الولايات المتحدة، ويبدو أن التغطية ربما ستقل. في تغطيتها المكثفة، قدمت قناة «سي إن إن» مناظر قوات الأمن المجرية وهي تصادر قطارا كرواتيا يحمل ألفًا من المهاجرين، وتنزع سلاح أربعين من ضباط الشرطة الكرواتية المصاحبين للمهاجرين. وقالت السلطات المجرية إن نزع سلاح الضباط، وإعادتهم إلى وطنهم «حادث كبير كبير».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.