دار «بنغوين» البريطانية تنشر مختارات من الشعر الروسي بعد مرور نصف قرن على كتابها الأول عنه

لا يزال طازجًا وقادرًا على مخاطبة الأجيال المختلفة

غلاف المختارات
غلاف المختارات
TT

دار «بنغوين» البريطانية تنشر مختارات من الشعر الروسي بعد مرور نصف قرن على كتابها الأول عنه

غلاف المختارات
غلاف المختارات

أصدرت سلسلة «بنغوين» الإنجليزية المعروفة كتابا جديدا عنوانه «كتاب بنغوين للشعر الروسي» في قرابة 600 صفحة من تحرير روبرت تشاندلر وبوريس دراليوك وآيرينا ماشينسكي.
لقد ظلت روسيا دائما (كما يقول الشاعر جورج سزيرتس) مثارًا للاهتمام ومصدرًا للأخبار. وبعد فترة من الهدوء عادت مرة أخرى لتستأثر بالاهتمام (مع الأزمة الأوكرانية). لكنها لم تختفِ عن الأنظار قط. فقد أنتجت أدبا عريضا مهما لا سبيل لتجاهله، منذ بوشكين وليرمنتوف حتى تولستوي ودوستويفسكي وتشيخوف وجوركي وغيرهم.
إن الأدب لا ينفصل تماما عن السياسة؛ ففي 1962 - حين كانت الحرب الباردة بين الشرق والغرب في أوجها وأزمة الصواريخ الروسية في كوبا تهدد بنشوب حرب عالمية - أصدرت سلسلة «بنغوين».. «كتاب بنغوين للشعر الروسي» وهو يضم قصائد باللغة الروسية مشفوعة بترجمة إنجليزية. تلت ذلك دواوين ليفتشنكو وفوزنسنسكي ثم - من بعدهم - جوزيف برودسكي. وفي عام 1974 أصدرت السلسلة كتاب «الشعر الروسي بعد الحرب العالمية الثانية» بتحرير دانيل وايسبورت.
رسمت هذه الدواوين صورة الشعر الروسي في الأذهان، ودعت الغرب إلى تأمل طبيعة الروس وميولهم. غدا الغرب في رعب من «الروح الروسية»: بطولية، ثورية، نائمة، مأسوية. لقد كانت روسيا عملاقا يمكن أن يستيقظ في أي لحظة.
لكن الأمور الآن قد تغيرت. كان «كتاب بنغوين للشعر الروسي» الصادر في 1962 بتحرير ديمتري أوبولنسكي يتضمن مقدمة من ثلاثين صفحة من الوزن الثقيل، وتعريفات وجيزة بالشعراء، امتدادا من العصور الوسطى حتى منتصف القرن العشرين. وانتهى الكتاب بقصائد للشاعرة مرجريتا اليجر المولودة في 1915.
مضى نصف قرن على صدور ذلك الكتاب، وحدثت تغيرات مهمة (ليس أقلها ضم روسيا للقرم والأزمة الأوكرانية حاليا) أصبح معها صدور مختارات جديدة أمرا مطلوبا. وها هي ذي سلسلة «بنغوين» تفي بهذا المطلب. ليس في هذه المختارات الجديدة قصائد من العصور الوسطى. ومقدمة المحرر روبرت تشاندلر ممتازة، ولكنها لا تتجاوز سبع صفحات. ولا يورد الكتاب نص القصائد باللغة الروسية. والقسم الأخير من الكتاب (وهذا أبرز تجديد) يتضمن قصائد عن روسيا لشعراء بريطانيين. والقصائد الروسية مترجمة إلى الإنجليزية نظما كثيرا ما يراعي الوزن والقافية.
نجد هنا كل الشعراء الروس الكبار: كريلوف وبوشكين وليرمنتوف ثم بونين وبلوك واخماتوفا وباسترناك ومندلشتام وتسفتيفا وماياكوفسكي ثم أحمدولينا وبرودسكي.
لكن من الذي ينبثق من هذه المختارات ظافرا في ثوب قشيب؟ إنه الشاعر فيلمير خلبنيكوف Velimir Khlobnikov الذي مات عن 37 عاما ولكنه أنتج قصائد تمتاز بالدينامية واتساع الرقعة وترهص بالحركة المستقبلية.
وصف الشاعر الأميركي: إزرا باوند الأدب بأنه «أخبار تظل محتفظة بطزاجتها». والشعر الروسي كما تشهد هذه المختارات يظل طازجا وقادرا على مخاطبة الأجيال. كذلك تشهد المختارات بأن هذا الشعر يدين بالكثير للمؤثرات الأوروبية. وهو يعتمد على المراوحة بين المقاطع الطويلة والقصيرة.
من الشعراء الذين يقدمهم الكتاب بوريس باسترناك (1890 - 1960) وهو شاعر ذو أصالة عظيمة كتب شعرا غنائيا مرموقا تشهد صوره بان كل حواسه كانت يقظة تعمل في آن واحد. ووراء شعره ثمة قوة ذهنية وجدة مدهشة تضفي على كل ما يصنعه طابعا جديدا.
وهناك الشاعرة آنا أخماتوفا (1888 - 1966) مؤلفة سلسلة القصائد المسماة «صلاة جنائزية» (1963) وهي مرثية بمثابة نصب تذكاري لمعاناة ملايين من الروس تحت حكم ستالين.
ومع ذوبان الجليد وحصول الأدباء على قدر من الحرية بعد إدانة خروشوف ديكتاتورية ستالين في 1956 ظهرت أصوات شعرية شابة أبرزها يفتشنكو وفوزنسنسكي تغنت بالمسرات الأولية وأشواق القلب الإنساني. إن يفتشنكو شاعر واسع الرقعة من حيث الرؤية والفهم يمثل حيوية الشباب وتمرده. أما فوزنسنسكي فشاعر كثير الأسفار واسع الصلات كان صديقا للشاعر الأميركي روبرت لويل وللسناتور الأميركي روبرت كيندي. إنه يعرف سان فرانسيسكو ونيويورك كما يعرف أستراليا وبلده روسيا.
ويقدم الكتاب نماذج من شعر جوزيف برودسكي (1940 - 1996) الذي حصل على جائزة نوبل للأدب في 1987. بدا بروسكي يقرض الشعر في سن الثامنة عشرة ونجح في تعلم عدد من اللغات، منها الإنجليزية والإسبانية والبولندية واشتغل مترجما. وكانت الشاعرة آنا أخماتوفا تعتبره أكثر شعراء جيله موهبة. وقد استقر في الولايات المتحدة حيث بدأت شهرته تذيع إلى أن توجت بحصوله على أكبر جائزة عالمية.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.