المحكمة الدولية تبرئ «قناة الجديد» من تهمة التحقير في قضية الحريري

اعتبرت نائبة رئيس مجلس إدارتها «مذنبة»

المحكمة الدولية تبرئ «قناة الجديد» من تهمة التحقير في قضية الحريري
TT

المحكمة الدولية تبرئ «قناة الجديد» من تهمة التحقير في قضية الحريري

المحكمة الدولية تبرئ «قناة الجديد» من تهمة التحقير في قضية الحريري

برأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قرار لها يوم أمس، «قناة الجديد» التلفزيونية اللبنانية المتهمة بنشر معلومات عن شهود سريين في التحقيق حول اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، من تهمتي عرقلة سير العدالة وتحقير المحكمة. كما برأت المحكمة نائبة رئيس مجلس إدارة القناة كرمى الخياط من تهمة عرقلة سير العدالة لكنها اعتبرتها «مذنبة» بتحقير المحكمة بعد إدانتها بالإحجام عن إزالة الريبورتاجات من موقع القناة الإلكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما طلبت منها المحكمة الدولية ذلك.
هذه المحكمة التي أنشئت في عام 2007، هي أول محكمة دولية تنشأ خصيصا للنظر في قضية هجوم «إرهابي»، ومهمتها محاكمة المشتبه بهم في جريمة اغتيال الحريري، الذي قضى مع 22 آخرين في تفجير سيارة مفخخة في بيروت في فبراير (شباط) 2005. وبالأمس أعلن القاضي نيكولا ليتييري في جلسة عامة في إحدى ضواحي لاهاي، حيث مقر المحكمة، أن المدعي «لم يثبت أن (...) الجديد ارتكبت فعلاً جرميًا».
غير أن الخياط نفسها «أغفلت عمدا قرار» المحكمة بإزالة الحلقات من موقع القناة الإلكتروني وموقع الـ«يوتيوب» وحسابات التواصل الاجتماعي التابعة للقناة. وكانت قناة «الجديد» - المناوئة للحريري - ونائبة رئيس مجلس الإدارة في القناة كرمى الخياط قد اتهمتا بتحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة لنشر معلومات عن 11 شاهدا مفترضا في خمسة برامج بثت بين السادس والعاشر من أغسطس (آب) 2012. وقال المدعي في وقت لاحق إنه «تم تناول 11 شاهدا»، مما أثار مخاوف بشأن حماية هويات الأشخاص الذين أدلوا بشهاداتهم.
ما يذكر أن المحكمة الدولية كانت قد وجهت تهما إلى خمسة أشخاص يشتبه بأنهم عناصر في حزب الله اللبناني، وباشرت محاكمتهم غيابيا في يناير (كانون الثاني) عام 2014، لأنهم رغم صدور مذكرات دولية بتوقيفهم، لم يمثلوا أمام المحكمة. وحول موضوع «الجديد»، ومع أن القناة أخفت وجوه الشهود ولم تذكر أسماءهم فإن المدعين أبلغوا القاضي خلال المحاكمة أن «لا أحد ساذجًا» لا يتعرف على هوياتهم. وكان قاض في المحكمة أمر الخياط وقناة «الجديد» بإزالة الريبورتاجات.
وخلص القاضي ليتييري في حكمه إلى أنه رغم أن الحلقات أتاحت تحديد هوية ثلاثة أشخاص من الشهود المفترضين الـ11، فإن الادعاء لم يثبت «إلحاق ضرر بالأشخاص المعنيين من خلال هذا الكشف». كذلك لم يثبت أن بث الحلقات «قوّض ثقة الرأي العام بقدرة المحكمة على حماية المعلومات السرية».
وردّت الخياط على قرار المحكمة بالقول: «تبرئتنا من قضية تحقير المحكمة تعني أنكم (المحكمة) أضعتم وقتنا وعطلتم مسار عملنا لسنتين، ليتبين أننا نحن على حق». وأضافت في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وفيما يتعلق بإدانتي في قضية عرقلة سير العدالة، فلا يمكن اعتبار مجرد بريد إلكتروني دليلاً ضدي، قرار المحكمة ليس سوى لحفظ ماء الوجه». وتابعت أن «المرحلة لم تنته بعد، نحن في حالة ترقب، المحكمة ستحدد العقوبة بعد 15 يوما، وقد يكون هناك استئناف من قبلنا أو من قبل الادعاء. نحن ندرس كل الخيارات اليوم مع المحامين». وتواجه الخياط عقوبة قد تصل إلى السجن سبع سنوات كحد أقصى أو دفع غرامة مائة ألف يورو.
محامي الخياط كريم خان قال معلقًا على الحكم إن المدعين «يستهدفون من يوصل الرسالة» لأن «الجديد» ليست مسؤولة عن أي تسريب لهويات الشهود. وتابع خان أمام الصحافيين الجمعة، أنه رغم رضاه عن الحكم ببراءة القناة، فإنه سيستأنف الحكم ضد الخياط، مضيفا: «ما أنا مسرور به هو أننا كسبنا ثلاث قضايا من أصل أربع. وما تبقى (حكم الإدانة) لا يزال يواجه بقوة من قبل الدفاع». واستطرد: «في النهاية كان من الخطأ رفع هذه القضية من الأساس».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.