مقاتلو حزب الله والنظام السوري يعدون لمعركة مضايا

ناشطون يتحدثون لـ {الشرق الأوسط} عن حصار محكم على البلدة وأوضاع إنسانية صعبة

سوري يعاين منزلا  دمره قصف من قبل قوات النظام في بصرى الشام بمحافظة درعا أمس (رويترز)
سوري يعاين منزلا دمره قصف من قبل قوات النظام في بصرى الشام بمحافظة درعا أمس (رويترز)
TT

مقاتلو حزب الله والنظام السوري يعدون لمعركة مضايا

سوري يعاين منزلا  دمره قصف من قبل قوات النظام في بصرى الشام بمحافظة درعا أمس (رويترز)
سوري يعاين منزلا دمره قصف من قبل قوات النظام في بصرى الشام بمحافظة درعا أمس (رويترز)

تحوّلت الأنظار خلال الساعات القليلة الماضية من المعارك المستمرة في وسط مدينة الزبداني في ريف دمشق بين عناصر حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري من جهة ومقاتلي المعارضة السورية من جهة أخرى، إلى المعركة المرتقبة في بلدة مضايا التي تقع شمال غربي العاصمة دمشق. وجاء هذا التطور بعدما بدأت وسائل الإعلام المحسوبة على حزب الله تمهد لانتقال المواجهات إلى البلدة المتاخمة للزبداني، في ظل مخاوف المعارضة السورية المتصاعدة على مصير نحو 40 ألف مدني يحتمون فيها.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد باستمرار الاشتباكات العنيفة بين الفرقة الرابعة في جيش النظام وحزب الله وميليشيات «قوات الدفاع الوطني» وجيش التحرير الفلسطيني من جهة، ومقاتلي المعارضة من جهة أخرى، في مدينة الزبداني، لافتًا إلى خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وتحدث «المرصد» عن «تقدم لحزب الله والفرقة الرابعة في مبانٍ بالمدينة، وعن إلقاء الطيران المروحي ما يزيد عن 10 براميل متفجرة، مما أدى لمقتل أحد عناصر المعارضة».
من جهة أخرى، قال أبو عبد الرحمن، الناشط المعارض الموجود في مضايا لـ«الشرق الأوسط» إن «معركة الزبداني تحولت إلى معركة (استنزاف)، نظرًا لعمليات (الكر والفر) المستمرة بين الطرفين المتصارعين»، لافتًا إلى أن «التعزيزات التي كانت قد وصلت لمقاتلي المعارضة في المدينة توقفت نظرًا للظروف الصعبة التي واجهتها القوات المساندة من خارج الزبداني».
وأوضح أبو عبد الرحمن أن «حلقة المواجهات قد ضاقت داخل المدينة»، مشيرا إلى أن الاشتباكات متركزة بشكل أساسي حاليًا في وسط الزبداني وبالتحديد عند منطقة الجسر. وتابع أن قوات النظام وحزب الله تفرض منذ أكثر من 78 يومًا حصارًا محكمًا على مضايا المتاخمة للضغط على المسلحين في الزبداني.
وأردف أن البلدة تضم حاليًا نحو 40 ألف مدني بعدما نزح إليها معظم أهالي الزبداني وكل البلدات المجاورة «وهم حاليا يرزحون تحت أوضاع إنسانية صعبة للغاية». وتابع: «كل هؤلاء مستسلمون لقدرهم، ويترقبون ما ستحمل لهم الأيام المقبلة، خصوصا أنّهم غير قادرين إطلاقا على الهرب نظرا للحصار المفروض عليهم، الذي أدّى لانقطاع مواد غذائية أساسية أبرزها الأرز والبرغل والسكر».
بالمقابل، تروّج وسائل إعلام حزب الله شائعات مفادها أن فصائل المعارضة هي التي تمنع أهالي مضايا الذين يعتبرون من النازحين من الزبداني بغالبيتهم، من الخروج من المدينة «بمحاولة لاتخاذهم دروعًا بشرية بغاية كبح جماح حزب الله والجيش السوري من المباشرة بعملية عسكرية هناك».
ولفت ما أعلنه موقع «الحدث نيوز»، المقرب من حزب الله، عن أن وجهة الحزب وجيش النظام في المعركة المقبلة ستكون مضايا، «بعد أن انهار اتفاق المصالحة بشكلٍ كامل هناك وخرجت حالة التهدئة عن السيطرة بعد النشاط المسلح الكثيف فيها، على عكس ما كان متفقًا عليه سابقًا مع الدولة عبر لجان المصالحة».
وبدوره، تابع موقع «المونيتور» الأميركي - غير البعيد عن النظام - تطورات الوضع الميداني في ريف دمشق، واعتبر أن «تشديد قوات الأسد الحصار على بلدة مضايا ازداد بعد انهيار مفاوضات الهدنة الأخيرة في الزبداني في 20 أغسطس (آب) الماضي، وارتفاع وتيرة المعارك في الفوعة وكفريا الشيعيتين بريف إدلب}. وأضاف أن النظام «كثّف من عمليات القصف بالبراميل المتفجرة على البلدة الجبلية، بالتزامن مع بدء عمليات التهجير المنظمة إليها، في محاولة منه للانتقام من أهالي البلدة والنازحين إليها بسبب دعمهم للثورة، ولكون كثيرين من أبناء عائلات الزبداني الذين تم تهجيرهم يقاتلون مع الثوار في الزبداني».
ونقل الموقع عن محلل عسكري قوله: «أصبحت الآن المعادلة السياسية مضايا مقابل الفوعة وكفريا، ولذلك فإن حصار أهالي الزبداني في مضايا، سيمكِّن النظام من امتلاك ورقة ضغط جديدة على مقاتلي المعارضة في الزبداني»، مضيفًا: «أصبح واضحًا أن أي هجوم يقوم به الثوار في مدينة الزبداني على حواجز النظام، يقابله قصف النظام لمدينة مضايا، لإجبارهم على التوقف».
ولا تزال فصائل المعارضة تلجأ إلى لعب «ورقة الفوعة وكفريا» كلما زاد الضغط على الزبداني، وهو ما أشار إليه الناشط الإعلامي من ريف إدلب، خالد الإدلبي، الذي تحدث عن استهداف الفصائل بعشرات قذائف الهواوين والمدفعية، بلدتي كفريا والفوعة الواقعتين في ريف إدلب، مشيرًا في تصريح نقله إلى «انضمام كل من جبهة النصرة ولواء جند الأقصى إلى العمليات العسكرية التي تشنها فصائل المعارضة على البلدتين في محاولة للسيطرة عليهما».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».