موسكو تدعو لوقف الأعمال العسكرية في اليمن والجلوس إلى طاولة المفاوضات

الميليشيات تختطف إمام وخطيب جامع من قريته ورئيس نقابة موظفي البريد من مقر عمله في الحديدة

المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا
المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا
TT

موسكو تدعو لوقف الأعمال العسكرية في اليمن والجلوس إلى طاولة المفاوضات

المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا
المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا

دعت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «جميع أطراف النزاع، لوقف كل أشكال الأعمال العسكرية في اليمن، واستئناف البحث عن الحلول والتفاهم حول طاولة المفاوضات، بمشاركة كل القوى السياسية، وبوساطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد أحمد ولد الشيخ، الذي ندعم جهوده بطبيعة الحال»، بحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية. وأكدت زاخاروفا أن الأزمة الإنسانية في اليمن، التي عصفت بالبلاد بعد الأحداث العسكرية، يمكن تجاوزها فقط بعد التوصل لحل للنزاع.
يذكر أن المقاومة الشعبية وقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المدعومة من جانب التحالف العربي بقيادة السعودية، تخوض قتالا لطرد ميليشيات أنصار الله الحوثية، المدعومة من قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من المحافظات التي سيطرت عليها بعد الانقلاب الذي قاده الحوثيون في سبتمبر (أيلول) عام 2014، وسيطروا من خلاله على مفاصل الدولة.
وعلى الصعيد الميداني، دفعت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى مناطق في شمال مأرب مقتربة من العاصمة صنعاء، حيث أسفرت المعارك عن سقوط 33 قتيلا على الأقل حسب مصادر عسكرية. ويأتي ذلك في اليوم الخامس من الحملة البرية الواسعة النطاق التي أطلقتها قوات هادي والتحالف في مأرب ضد الحوثيين وحلفائهم.
واستهدفت الغارات مواقع للحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح خصوصا في الجفينة جنوب غربي مأرب، إضافة إلى منطقة بيحان الواقعة بين محافظتي شبوة في الجنوب ومأرب.
من جهة أخرى، قالت مصادر عسكرية إن 28 مقاتلا من المتمردين الحوثيين قتلوا في غارات ومواجهات منذ فجر الخميس، بينهم 18 في غرب مدينة مأرب (وسط) وعشرة في محيط شبوة (جنوب). وأعلنت مصادر عسكرية يمنية أنه تم إرسال تعزيزات إلى مناطق على بعد 60 كم شمال مدينة مأرب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وذلك للسيطرة على منطقة جدعان ومفرق محافظة الجوف، وهي مناطق أساسية على طريق صنعاء.
وقال ضابط يمني من اللواء 14 مدرع إن التعزيزات تتضمن «20 مركبة مدرعة وثلاث دبابات وقطعتي مدفعية»، مع «مئات الجنود من الجيش الوطني اليمني والتحالف». وقال القائد القبلي الميداني جار الله المرادي، لوكالة الأنباء الفرنسية «نسعى للسيطرة على السد، لكن تنقصنا المعدات والذخيرة». وأضاف «حققنا نجاحا لا بأس به».
وأطلقت قوات هادي والتحالف الأحد الماضي عملية برية واسعة النطاق ضد الحوثيين وقوات صالح في مأرب في وسط البلاد، وهي حملة تعد أساسية لاستعادة السيطرة على صنعاء. وبحسب مصادر متطابقة، يشارك آلاف الجنود من دول التحالف في القتال في اليمن.
وفي مدينة الحديدة، الواقعة غرب اليمن، تستمر المقاومة الشعبية في إقليم تهامة في التصعيد من عملياتها النوعية ضد ميليشيات الحوثي وصالح في نقاطها الأمنية وتجمعاتها ودورياتها العسكرية، في حين تواصل الميليشيات عمليات الملاحقة والمداهمة واعتقال من تشتبه في انتمائهم للمقاومة الشعبية التهامية، حيث يواصل طيران التحالف العربي شن غاراته على تجمعات ومواقع ميليشيات الحوثي وصالح في عدد من مدن المحافظة، وشنت غاراتها، أمس، في مديرية الخوخة الساحلية، أقصى جنوب مدينة الحديدة، واستهدفت فيها تجمعات للميليشيات، وقتلت العشرات منها. كما استهدف التحالف فندقا في جزيرة كمران بالحديدة كانت الميليشيات احتلته وجعلته مقرا لها.
ويقول شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وصالح اختطفت الشيخ أحمد صالح مهيم، إمام وخطيب جامع الأخوة، من قريته في دباس بمديرية جبل رأس محافظة، كما اختطفت الشاعر حمدي الزبيدي رئيس نقابة موظفي البريد في الحديدة من مقر عمله».
إلى ذلك، نفذت طائرات التحالف غارات استهدفت مواقع وآليات للميليشيات الانقلابية أمس في البيضاء. وتركز القصف على نقطة الحيكل القريبة من حيد السماء جنوب غربي قشعة رداع. وقال شهود عيان، حسب وكالة «مأرب»، إن دخانا أسود كثيفا جدا تصاعد من المواقع المستهدفة. واستهدفت الغارات مواقع للحوثيين بجوار السنترال غرب العقلة مديرية الصومعة ومنزل قيد الإنشاء من دون سقف كان أفراد من الميليشيات متخفين فيه، وكذا مفرق الحجلة بجوار الكسارة.
وغير بعيد، قتل وأصيب نحو 9 من ميليشيا الحوثي والمخلوع في هجوم مباغت لرجال المقاومة على مواقعهم في جبل المعينة والحجلة بمنطقة طياب بمديرية ذي ناعم بمحافظة البيضاء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.