شاشة الناقد

شاشة الناقد
TT

شاشة الناقد

شاشة الناقد

فساد على جانبي القانون

‪Sicario (****) ‬
‫على طريقة أن الفيلم الأميركي لا يحتاج إلى جوائز حتى ولو كان جيّدًا، مر فيلم «سيكاريو» خلال عرضه في مهرجان «كان» مع تقدير موضعي للنقاد وتجاهل كامل من قِبل لجنة التحكيم. قبله في هذا الشأن فيلم كلينت ايستوود «ميستيك ريفر» (2003) على كل قوّته. حتى فيلم فرنسيس فورد كوبولا الشامخ «سفر الرؤيا الآن» الذي فاز بسعفة «كان» سنة 1979 كان عليه أن يقبل مناصفة فيلم مضج ومتكلّف للألماني فولكر شلندروف (الجيد عادة) «ضارب الطبل».‬
«سيكاريو» للمخرج دنيس فيلينيوف أكثر من مجرد فيلم تشويق ولو أن هذا لم يعد يعني شيئًا يذكر في سينما اليوم. في جوهره عن المرأة وسط كيانات ذكورية فاسدة على جانبي القانون.‬
حكاية متحرية أميركية اسمها كايت (إميلي بْلَنت) تعمل في «مكتب التحقيقات الفيدرالي» (FBI) وتنتدب للاشتراك مع فرقة بوليسية مدرّبة على المداهمات (SWAT Team) في عملية اختطاف رئيس خطر لإحدى أهم عصابات تجارة المخدرات المكسيكية. ‬
من تجربتها التي تنتهي بها وقد أدركت مدى الفساد المستشري على جانبي القانون، خارجه وداخله، تتابع العملية التي قصد منها استئصال عصبة مكسيكية يقودها مانويل (برناردو ساراكينو). أول ما تدركه أن زميلها الأسود ريغي (دانيال كالويا) مستبعد من الحلقة الداخلية لقوات البوليس التي تشترك فيها. كلمة العنصرية غير منطوقة هنا، لكن مجرد فعل استبعاده المتخذ صمتًا كاف. ثاني الأمور أن هؤلاء الرجال (يقودهم مات (جوش برولين القوي) والعميل الخاص أليخاندرو (بينيثو دل تورو المخيف) يستسهلون مكانتها إذ هي ليست أكثر من أنثى في عالم وُلد ليقوده الذكور. هم الأدرى وهم الأقوى والأخشن والأكثر تحمّلاً. لكن كايت تؤكد جدارتها. رغم ذلك تبقى بالنسبة إليهم شريكا غير مرغوب فيه.
كايت، وهي محور ما يدور، هي أيضًا عينا المشاهد في الفيلم. من خلالهما يرى ما تراه ويعرف ما تعرف. والممثلة تقوم بها بكل ما لديها من قدرة على إبداء الذكاء الذي بداخل الشخصية بذكاء مماثل فيها.
هناك مشاهد كثيرة تستدعي الإعجاب وليس لأنها مشاهد حركة ومطاردة وقتل، بل لأن دلالاتها هي التي تحكم على نيّة المخرج وتميّزها عن أعمال أخرى قد تقع في حب الاستعراض وتنتهي مسطّحة من الأغراض الأجدى. «سيكاريو» يصوّر كيف أنه في الحرب على المخدرات هناك عاملان متحكّمان: هي حرب خاسرة وأحد أسباب خسارتها من يقوم بها. ‬
سابقًا ما برهن المخرج الكندي فيلينيوف عن اختلاف مراميه. فيلمه «حرائق» يختلف عن كل فيلم آخر حول الحرب الأهلية اللبنانية ونتائجها، ولاحقًا أفلامه التي صوّرها في أميركا وهي «سجناء» (2013) و«عدو» (2013) و«سيكاريو» (2015) تعشعش في سينما التشويق، لكنها ليست كأي أفلام أخرى من هذا النوع.
(*) : لا يستحق | (**) : وسط| (***) : جيد |
(****) : ممتاز | (*****) : تحفة‬
من «سيكاريو»



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز