الحرب تلقي بظلالها على صناعة الزجاج الفينيقي في سوريا

انخفاض الطلب عليه وغلاء المواد الأولية حولا ورشه إلى سوق خضار

عبد الله دولاني ونماذج من الزجاج الفينيقي المتميز بألوانه من تصنيعه
عبد الله دولاني ونماذج من الزجاج الفينيقي المتميز بألوانه من تصنيعه
TT

الحرب تلقي بظلالها على صناعة الزجاج الفينيقي في سوريا

عبد الله دولاني ونماذج من الزجاج الفينيقي المتميز بألوانه من تصنيعه
عبد الله دولاني ونماذج من الزجاج الفينيقي المتميز بألوانه من تصنيعه

اشتهرت مدينة دمشق ومنذ آلاف السنين بتصنيع الزجاجيات وبشكل متقن ويدوي من خلال النفخ والأفران حتى صارت مضرب الأمثال فيقال «أرقّ من زجاج الشام». منطقة وسط العاصمة التي ما زالت تعرف بالقزازين حيث كان يتجمع بها حرفيو الزجاج، لكنها تحولت حاليًا لمنطقة سكنية وسوق شعبية لبيع الخضار، بسبب الحرب السورية الدائرة، التي ألقت بظلالها على معظم نواحي الحياة والصناعات اليدوية، بسبب انخفاض الطلب عليها والتسويق السيئ وغلاء المواد الأولية، كما يقول القائمون على هذه الصناعة.
اشتهرت عائلة دمشقية بهذه الصناعة وأخذت اللقب «القزاز» ظلّت تعمل في الزجاج اليدوي لفترة قريبة في سوق المهن اليدوية بمبنى التكية السليمانية، وكان لديها فرن وورشة في منطقة باب شرقي، قبل أن تزيلها المحافظة منذ نحو عشر سنوات بحجة تنظيم المنطقة، فلم تعد العائلة تعمل في زجاج النفخ اليدوي.
عبد الله ومحمد دولاني شقيقان دمشقيان ورثا مهنة تصنيع الزجاج اليدوي بطريقة النفخ عن خالهما «القزاز»، وقررا الحفاظ على هذه المهنة، واختارا العمل في تصنيع الزجاج «الفينيقي»، وهو كما يقولان أقدم أنواع الزجاج وأجمله وأروعه التي قدمته لنا الحضارات القديمة.
وحول واقع تسويق منتجاتهم يقول عبد الله: «التسويق صعب فهناك زبائن قدماء يشترون، ولكن بوتيرة أقل، والأسعار ارتفعت، بسبب غلاء المحروقات والمواد الأولية كالأصبغة وغلاء المعيشة. إن أقل قطعة ثمنها 1000 ليرة وأغلاها 12 ألف ليرة».
الفينيقيون هم من ابتكروا تصنيع الزجاج، ويتميز بألوانه الزاهية ووجود خيوط الذهب في تركيبة الزجاج الخام عند تشكيلها في الفرن وتحويلها لتحفة زجاجية فنية.
يعود عبد الله (38 عامًا) لـ«الشرق الأوسط» بذاكرته قليلاً إلى الوراء: «لقد ورثنا المهنة عن جدّي من أمي، وكانت منقرضة من 800 سنة، فأعاد جدي رسلان محمد القزاز إحياءها في بدايات القرن الماضي، فقام العثمانيون بأخذه إلى تركيا ولكنه رفض العمل بالزجاج الفينيقي هناك، لأنه يعتبره خاصًا ببلاد الشام. واضطر لتنفيذ الزجاج الشرقي العادي، ومن ثم علّم خالي المهنة وعاد إلى سوريا بعد تحريرها من العثمانيين فعمل بالزجاج الفينيقي، وورثنا نحن أبناء شقيقته هذه المهنة منذ طفولتنا؛ فهو لا يوجد لديه أبناء ونعمل على الاستمرار فيها، وتطويرها بألوان أخرى لم يعمل عليها جدي وخالي».
من المعروف أن الفينيقيين أول من ابتكر الزجاج وتراثهم ما زال موجودا في بلاد الشام، وهو زجاج ملوّن غير لماع ويعمل الحرفي على استخراج طريقة تركيب الألوان التي كانت موجودة في ذلك الوقت.
مستلزمات العمل هنا عبارة عن قطع الزجاج الخام ووضعها في الفرن والاختلاف هنا ما بين ليونة الزجاج وتشكيل نماذجه. فالفينيقي يحتاج لوقت طويل في التصنيع من خلال تشكيله الملون، حيث يتم التشكيل في الفرن وليس عن طريق الرسم والزخرفة ويصهر بالفرن مع الزجاج نفسه ويخرج من الفرن ملونا.
وحول مراحل العمل يشرح عبد الله: «نأتي بالمادة الأولية وهي الزجاج العادي الخام وعلى الزجاج الشفاف نركب ألوان الزجاج الفينيقي، وهي أصبغة ومواد كيماوية فنخلطها مع بعضها وأحيانا يصعب علينا الحصول على تدريج لون معين فنضطر للعب على لونين بشكل متقن لينتج لدينا التدريج المطلوب، وإن كان داكنا أو فاتحا القطعة تأخذ نحو الساعتين لتنجز، والزجاج هنا حنون ويحتاج لبال طويل فبعد أن يسخن يستغرق وقتا طويلا ليبرد وينشف، وبعد ذلك نقوم بنفخه».
وحول عدد النماذج التي يصنعها الشقيقان، فهي لا تُعد ولا تحصى فكل الحضارات قدمت الشيء نفسه، وتعود لخيال الحرفي الذي يعمل عليها ومنها، مثلا: المكحلة والسمكة والبطة، ولكنها تختلف بتفاصيلها وألوانها النظامية. وفي التراث القديم كلها قطع صغيرة فلا يوجد نماذج كبيرة. أكبر قطعة لا يتجاوز ارتفاعها 30 سم، وقطرها لا يتجاوز 15 سم. ومنها خرز وأساور بالزجاج وبألوان الزجاج الفينيقي. الألوان صعبة التحضير، وهي أربعة معترف بها، بينما يعمل الحرفي على 24 لونًا تقريبا، وهناك الـ12 لونًا الأساسية، ومن ثم التدرج ما بين الفاتح والغامق.
الزجاج الفينيقي يتضمن ذهبًا بعيار 21، ويتم إخراج الشوائب منه بعد ذلك ليصبح نقيا. اللون الأحمر الصافي لا يظهر إلا من خلال الذهب، وهو مكلف جدا، ولذلك عندما يكون النموذج لونه أحمر يكون سعره مرتفعًا لوجود الذهب، كما يقول عبد الله.
محمد شقيق عبد الله الذي يشرف على الفرن يقول شارحًا: «الفرن عبارة عن آجر حراري يتحمل درجة حرارة ترتفع إلى 1500 درجة مئوية، وبسبب التشغيل والإطفاء وسير الزجاج في داخله تهترئ الطبقة العليا، وهي قشرة مضغوطة فيؤدي لظهور شوائب في قلب الزجاج، ولذلك كل ثلاثة شهور يتم تغيير الطبقة العليا. ويعمل الفرن على الديزل والكهرباء بواسطة حراقات، ويتم تعمير الفرن حسب رغبة صاحب الورشة. تتدرج الحرارة فيه»، يتابع محمد أثناء التشغيل، حيث تبدأ من 700 إلى 1300 درجة، أما المادة الأساسية فنصهرها على 1200، ولكن عند تشكيل القطعة الزجاجية، فإننا نضع الحرارة على درجة حرارة متدرجة من 700 ونزولا حتى 300 درجة. أي هنا يتم تطويع الزجاج حتى لا ينكسر، إذا نقلناه من حرارة عالية إلى منخفضة مباشرة. نخلط القطع الزجاجية بالصبغات، ومن ثم نشكلها ونشويها بالفرن، بعد تشكيلها هنا تسير القطعة على جنزير وسكة في الفرن، وتبقى 12ساعة تقريبا، وتكون الحرارة 300 درجة هنا، تحتاج لثلاث ساعات لتبرد بشكل نهائي على الأرض بعد إخراجها من الفرن».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.