اتهامات للعبادي بالتهرب من مواجهة البرلمان للمرة الثانية

النواب يجمعون تواقيع لسحب تفويض رئيس مجلس الوزراء بالإصلاحات

اتهامات للعبادي بالتهرب من مواجهة البرلمان للمرة الثانية
TT

اتهامات للعبادي بالتهرب من مواجهة البرلمان للمرة الثانية

اتهامات للعبادي بالتهرب من مواجهة البرلمان للمرة الثانية

أصيب البرلمان العراقي أمس بخيبة أمل بعد أن أجل حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي للمرة الثانية وفي خلال أقل من أسبوع طلب البرلمان العراقي باستضافته بشأن حزمة الإصلاحات التي بدأ بالإعلان عنها منذ الحادي عشر من أغسطس (آب) المنصرم.
وعد البرلمان العراقي عدم تلبية العبادي الدعوات الموجهة له لحضور جلسة البرلمان إليه بأنها محاولة للتهرب مما قد يطرح عليه من أسئلة واستفسارات، خاصة المتعلقة بالإصلاحات التي أعلن عنها في وقت سابق، والتي تزامنت مع حزمة من القرارات التي أعلن عنها العبادي، إضافة إلى ما شهدته المدن والمحافظات العراقية من مظاهرات شعبية كانت تنادي بمحاسبة الفاسدين وإنقاذ البلد منهم، ليجد العبادي نفسه في مواجهة مع الجمهور لتلبية مطالبه والتصدي للفساد.
إلا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي بدأ يشتكي مؤخرا من جهات لم يسمها بالسعي لإضعاف الدولة إذ قال في تصريحات سابقة «لكي يقوم بابتزاز المواطنين ويسيطر عليهم ولكننا لن نسمح لهؤلاء أن يقوموا بما يريدون وسنحاربهم» داعيا في الوقت نفسه «القوات الأمنية والعسكرية بالابتعاد عن الأمور السياسية وأن يتم اعتماد المهنية والحياد والولاء للبلد في العمل».
إلى ذلك لم يصدر أي بيان توضيحي رسمي من مكتب العبادي حتى إعداد هذا الخبر حول سبب تأجيل الاستضافة، إلا أن مقربين من رئيس الوزراء العراقي ممن ينتمون إلى ائتلاف دولة القانون أكدوا أن التزامات العبادي وكثرة مسؤولياته هي التي أدت إلى تأجيل حضوره إلى البرلمان.
وعلى نفس السياق وصف النائب صلاح الجبوري القيادي في تحالف القوى العراقية عدم حضور العبادي للمرة الثانية إلى البرلمان بمثابة «رسالة سلبية على عدم مشاركة النواب بالإصلاحات». وقال الجبوري في مؤتمر صحافي عقده أمس الأربعاء في مقر البرلمان عن «جمع تواقيع لسحب التفويض المعطى لرئيس الوزراء بشأن الإصلاحات» عادا تلك الإصلاحات بأنها «شكلية ولم تتطرق إلى إصلاح الخدمات والفساد الإداري».
إلى ذلك أكدت حركة الوفاق الوطني بزعامة النائب السابق لرئيس الجمهورية إياد علاوي في بيان لها أن «حزم العبادي الإصلاحية لم تستطع ملامسة جذور المشاكل التي زعمت معالجتها سواء في مجال تحسين الخدمات أو الإطاحة برؤوس الفساد الكبيرة أو مغادرة التخندقات الحزبية والفئوية، وبديلا عن ذلك اعتمدت حلولا ترقيعية وتقشفية وأقدمت على التضحية ببعض الموظفين الصغار ككباش فداء لذر الرماد في عيون المواطنين، والإيهام بتغييرات زائفة».
ودعت حركة الوفاق إلى «إصلاحات جذرية تستجيب لمطالب الشعب وتسهم في تحقيق متغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية شاملة وعميقة تفضي إلى تعديل مسارات العملية السياسية وبناء الثقة والمصالحة الوطنية وتدعم التوجه الجدي نحو الدولة المدنية والمواطنة القائمة على العدل والمساواة والقانون في محاربة الفساد والمفسدين الذين بددوا ثروة العراق وعرضوا مستقبل أجياله لخطر كبير كما تطلب محاكمة سارقي المال منذ 2003 حتى اليوم».
وأكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون موفق الربيعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المأخذ الوحيد الذي يمكن أخذه على العبادي هو أنه لم يسرع بتنفيذ ما أعلن عنه من إصلاحات حيث لو كان قد قام بتنفيذ ما وعد به لما حصلت محاولات الالتفاف حوله من معظم إن لم أقل كل الكتل بمن فيها الكتلة التي ينتمي إليها وهي التحالف الوطني».
وأضاف الربيعي أن «هناك جهات وأطرافا مستها الإصلاحات وبينما كانت لا تستطيع المجاهرة بذلك خوفا من رد الفعل الجماهيري فإن هناك أطرافا أخرى تريد أن ترى ما تم الاتفاق عليه قبل حزم الإصلاحات وهي وثيقة الاتفاق السياسي يضاف إلى ذلك هناك تناقض في المواقف بين من يعلن تأييده للإصلاحات علنا ومن يعارضها سرا».
وأوضح الربيعي أن «المشكلة التي يواجهها العبادي أنه لا يملك الأدوات والآليات الخاصة بتنفيذ الإصلاحات وبالتالي هو في سباق مع الزمن بين من يريد المضي بالإصلاحات ومن يريد عرقلتها بهذه الحجة أو تلك».
وفي المقابل ترى قيادة الحراك المدني الشعبي أن البرلمان العراقي ليس مؤهلا للحكم على جدية الإصلاحات من عدمها. وقال جاسم الحلفي أحد قادة التيار المدني العراقي ومنسقي مظاهرات الجمعة في بغداد إن «البرلمان العراقي لم يقف منذ البداية مع حزم الإصلاحات التي كان أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي حيث قدم الحزمة الأولى من تلك الإصلاحات إلى البرلمان الذي أقرها بجلسة غير مسبوقة من حيث عدد الحضور لكنه وضع شرطا سعى من خلاله إلى إفراغها من محتواها حين أضاف على أن لا تتعارض مع الدستور والقانون».
وأضاف الحلفي أن «هذه الإضافة هي التي شجعت كل الأطراف المتضررة إلى اللجوء إليها علما أن الإصلاحات لا تتعارض مع الدستور أو القوانين لا سيما في الجانب الأهم منها وهو مكافحة الفساد المالي المستشري في البلاد بشكل خطير» مشيرا إلى أن «هذا الشرط هو الذي تسبب في الجدل الذي أثير حول إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية وهو ما اضطر الحكومة إلى إرسال مشروع قانون بإلغاء منصب نواب الرئيس وهذه كلها عراقيل بينما يطالب البرلمان باستضافة العبادي أو اتهامه بإصلاحات شكلية في حين أنه هو من يحاول عرقلتها».
وأوضح الحلفي أن «المظاهرات لديها الآن إشكالية مع العبادي وهي بطء حركة الإصلاح وعدم القيام بإجراءات حقيقية ولكن ليس على طريقة ما يطالب به البرلمان الذي ننظر إليه نحن في الحراك المدني على أنه جزء من المشكلة وليس الحل».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.