شباب لبنان يرفضون تشكيك السياسيين في نواياهم الوطنية

شباب لبنان يرفضون تشكيك السياسيين في نواياهم الوطنية
TT

شباب لبنان يرفضون تشكيك السياسيين في نواياهم الوطنية

شباب لبنان يرفضون تشكيك السياسيين في نواياهم الوطنية

دعت مجموعة «طلعت ريحتكم»، الأبرز في الحراك الشعبي اللبناني، إلى التجمع صباح اليوم (الأربعاء)، في ساحة رياض الصلح، وسط العاصمة بيروت «لغلق كل المداخل المؤدية إلى طاولة الحوار غير الشرعي واللادستوري لمنع المتحاورين من الوصول» إلى البرلمان.
ودارت مواجهات بين القوى الأمنية اللبنانية وعشرات المتظاهرين الذين تجمعوا في وسط بيروت احتجاجًا على فساد الطبقة السياسية، في الوقت الذي عقد أقطابها جلسة حوار ثانية في البرلمان للبحث في شلل مؤسسات الدولة.
وتخلل التجمع تدافع بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين حاولوا رفع عوائق حديدية أغلقت الطريق المؤدي إلى مقر البرلمان. وردت القوى الأمنية بعنف واعتقلت في البداية مجموعة من الشبان أصيب أحدهم في رأسه، وفق مراسلة لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي حديث هاتفي لموقع «الشرق الأوسط» مع عمرو الديب أمين عام اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، للاطلاع على مجريات الأحداث، قال: «تجمع صباحًا ما بين 40 إلى 50 شخصًا، شكلوا سلاسل بشرية لاعتراض سيارات النواب احتجاجًا على الحوار بين طرفي السلطة»، مضيفًا «للمجلس النيابي مدخلان، تمرّ عبرهما سيارات النواب. الأول من جانب (ساحة الشهداء) جريدة (النهار)، حيث اعتصم شباب من (طلعت ريحتكم)، والثاني بقرب برج المر حيث وقف معتصمون من حملة (جاي التغيير)، وشهد المعتصمون في هذين المدخلين أكثر الاعتداءات. على ما يبدو أن سيارات النواب كانت ستمر بهما لذلك اعتدوا على الذين يقفون بالمكان فضربوهم بشكل قاسٍ واعتقلوا عددًا كبيرا منهم يصل إلى نحو 35. وأدخلوا النواب بعد ذلك من المدخلين».
ولدى السؤال عن جمعية «جاي التغيير» أفاد الديب: «إنّ اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني هو منظمة شبابية قديمة، وهو من نظّم حملة (جاي التغيير)، التي عملت خلال هذه التحركات، بالتعاون مع أندية طلابية وطلاب في الجامعات وغيرها».
وتوضيحًا للاعتداء الذي تعرض له المعتصمون من قبل بعض المحسوبين على بعض المسؤولين في السلطة خلال ساعات ما بعد الظهيرة، ذكر الديب: «نزل أنصار أحد السياسيين، وكان الاعتصام الصباحي قد انتهى، وبدأ المعتصمون يتجمعون في ساحة رياض الصلح، وذهب بعضهم إلى حيث اعتقل الشباب. وحسب اعتقادي، فإنّ أنصار هذا السياسي لم يأتوا بشكل عفوي، بل أعتقد أنّهم جاءوا مدفوعين واعتدوا على الموجودين في الساحة بالضرب والعصي والحجارة، فجرح عدد من الرفاق ونُقلوا إلى المستشفيات».
كما تحدث عن الاتهامات التي طالت الحراك، ومحاولة نسبته إلى جهات ودول أجنبية، رافضًا التشكيك بالنوايا الوطنية للتحرك. وردًا على سؤال إن كانت الحملة قد استطاعت استقطاب أطراف من الشعب الذين ينتمون أصلاً لأحزاب معينة أو يدعمون زعيمًا سياسيًا في لبنان، أكّد أنّ مظاهرة 29 أغسطس (آب)، كانت المظاهرة الأكبر للحراك، حينها نزل عشرات الآلاف من اللبنانيين وقدّرت أعدادهم بمائة ألف، ملأت «ساحة الشهداء» التي تعتبر الساحة الأكبر في بيروت. فهؤلاء الناس ليسوا بجميعهم علمانيين أو ناسا مدنيين أو ضد 8 أو 14 أو ناسا يساريين، بل هم خليط من المجتمع اللبناني كما ذكر أنّ «الكثير منهم كانوا مؤيدين لأحزاب داخل 8 أو داخل 14، ولكنهم نزلوا ليعترضوا، على الواقع الذي يعيشونه، وهذا ما دفع بالسلطة لأن تستشرس. ولو أنّ الأمر بقي محصورًا بالفئة التي كانت أصلاً ناقمة على السلطة منذ فترة طويلة، فما كان الأمر سيهزّهم، ولكنه استقطبت أعدادًا من داخل أحزابهم ومن داخل مناطقهم، لذا استفزّهم الحراك».
وعن استمرار الحراك قال: «في حال تلبيتهم للمطالب سيرتاح كثيرون من الشعب اللبناني، ولكن كما نرى فإن هذه السلطة أعجز من أن تلبي طلبات الشعب، لأنّها وصلت إلى مكان لا تستطيع أن تلبي حتى المطالب الأساسية، والعجز عن التلبية سيدفع بالتحركات إلى الأمام، وستستمر كما أنّها ستأخذ مداها».
وكانت الحركة الاحتجاجية في لبنان قد بدأت قبل أسابيع، على خلفية أزمة نفايات تكدست في الشوارع ولم تتمكن الحكومة بعد شهرين من حلها.
والتأمت اليوم طاولة الحوار الثانية، التي دعا إليها بري، وضمت أبرز القادة السياسيين في البلاد.
وكانت الجلسة الأولى عقدت في التاسع من سبتمبر (أيلول)، وتزامنت أيضا مع مظاهرات احتجاجية. وبحث المجتمعون خلالها في انتخاب رئيس للجمهورية، المنصب الشاغر منذ سنة وأربعة أشهر، من دون التوصل إلى نتيجة.
وترافقت الحركة الاحتجاجية وجلسة الحوار مع تدابير أمنية مشددة. وأغلقت كل الطرق المؤدية إلى البرلمان بحواجز معدنية وأسلاك حديدية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.