بدء العام الدراسي بهبوط مرعب لليرة يثقل كاهل السوريين

شعار «مجانية التعليم» يخفت وسط ارتفاع شديد لتكلفة إرسال الأبناء للمدرسة

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية لأطفال سوريين يرددون النشيد الوطني بعد التحاقهم بالمدارس بداية هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية لأطفال سوريين يرددون النشيد الوطني بعد التحاقهم بالمدارس بداية هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
TT

بدء العام الدراسي بهبوط مرعب لليرة يثقل كاهل السوريين

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية لأطفال سوريين يرددون النشيد الوطني بعد التحاقهم بالمدارس بداية هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية لأطفال سوريين يرددون النشيد الوطني بعد التحاقهم بالمدارس بداية هذا الأسبوع (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من الارتفاع المتواصل بالأسعار جراء هبوط قيمة الليرة والتي وصلت يوم أمس إلى سعر غير مسبوق متجاوزة قيمة 330 ليرة للدولار الواحد، بدأت المدارس السورية عامها الدراسي الجديد كما جرت العادة كل عام في منتصف شهر الحالي، مما زاد في أعباء الأسر السورية إلى حد الإرهاق، فعدا أن مئات الآلاف من الأطفال السوريين النازحين والمشردين والمحاصرين في المناطق الساخنة قد حرموا من التعليم، فإن أهالي مئات الآلاف من الأطفال في المناطق شبه الآمنة، غير قادرين على تحمل تكاليف التعليم، الذي لا يزال يقال إنه مجاني في سوريا.
ويقول عثمان ولديه طفلان وطفلة، إنه «يفكر بعدم إرسال أولاده إلى المدرسة بسبب ما يتعرضون له من إهانات ومضايقات وتحديدا من قبل كادر التدريس لعدم التزامهم باللباس المدرسي الكامل، ولأنهم لم يشتروا الكتب والدفاتر اللازمة بعد ثلاثة أيام من بدء العام الدراسي». ويتابع أنه لم يتمكن من تأمين سوى بعض المستلزمات البسيطة على أن يؤمن الباقي تدريجيا إذ لا يمتلك كامل المبلغ، فدخله الشهري من عمله الوظيفي يعادل مائة دولار، نحو ثلاثين ألف ليرة، وكل طفل يكلفه نحو عشرين ألف ليرة لشراء بدلة مدرسية وحذاء وحقيبة وكتب ودفاتر وأقلام، أي أنه يحتاج لراتب شهرين على الأقل، وذلك في الوقت الذي لا يكفيه الراتب «ثمن طعام لعشرة أيام، ناهيك بفواتير كهرباء وماء وهاتف». ويقول إن الكتب التي تبيعها الحكومة بسعر رمزي يتجاوز ثمنها 3500 ليرة أي عشرين دولارًا. ويتساءل بمرارة «عن أي تعليم مجاني يتحدثون؟!».
وأمام ارتفاع الأسعار الجنوني وتآكل الرواتب والأجور مع هبوط الليرة، تبدو شعارات من (حقي أتعلم) أو «عيشها غير»، التي تطلقها تجمعات أهلية موالية، شعارات خرافية لا علاقة لها بالواقع سوى دعم الدعايات الحربية للنظام التي تتمحور حول ترويج صورة كاذبة لدولة لا تزال قائمة، اسمها «سوريا الأسد» ونفي ما آلت إليه واقعيا كدولة فاشلة بحاجة لمساعدات دولية، بحسب ما قاله لـ«الشرق الأوسط» معارض دمشقي رفض الكشف عن اسمه، والذي أضاف أن «تحول سوريا إلى دولة فاشلة يجعلها محط اهتمام كبار المستثمرين الدوليين لتقاسم ميراثها».
وحسب أرقام وزارة التربية السورية فإن نحو أربعة ملايين تلميذ وطالب التحقوا بالمدارس الحكومية البالغ عددها نحو 15 ألف مدرسة في جميع المحافظات للبدء بالعام الدراسي 2015 - 2016.
ودعا وزير التربية هوزان الوز، العاملين في قطاع التعليم الحكومي إلى تفهم مشكلة الكثافة الطلابية في بعض الصفوف نتيجة تدمير عشرات المدارس وإقامة العائلات الوافدة في بعضها الآخر، مؤكدا استيعاب جميع الطلاب والبحث عن البدائل الممكنة لتحقيق ذلك من خلال دوام ثان إن لزم الأمر. والعمل على حل مشكلة فقدان وثائق الطلاب الذين تم تهجيرهم من مدنهم وعدم التشدد في اللباس المدرسي، وتقدير ظروف التلاميذ والطلبة، وعدم وإرهاق الأسر بالمستلزمات المدرسية والتعاون مع الطلاب وأسرهم في هذا المجال. إلا أن الاستجابة لتلك الدعوات تبدو مختلفة في دمشق وريفها الواقع مباشرة تحت أنظار وزارة التربية وبين مناطق ومحافظات أخرى ترزح تحت وطأة الحرب ففي حمص وحسب أرقام وزارة التربية توجه نحو 450 ألف طالب وطالبة إلى ألف مدرسة من مختلف مراحل التعليم، إلا أن مصادر من السكان أكدت أن هذا الرقم صحيح على الورق وفي المناطق الموالية للنظام، أما أبناء المناطق المدمرة فهم يعانون الحرمان من التعليم ومن التمييز ضدهم في المدارس الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام وجيش الدفاع الوطني.
ويشار إلى أن مديرية التربية في مدينة حمص التي باتت بغالبية أحيائها تحت سيطرة النظام، قد أعلنت عن إجراء عمليات الصيانة الضرورية لـ250 مدرسة بتكلفة 50 مليون ليرة، وهي بانتظار الموافقة على صرف 69 مليونا من موازنة إعادة الإعمار لإجراء الصيانة لعدد آخر من المدارس، حيث يتبع لمديرية التربية بحمص 1335 مدرسة وروضة ومعهدا منها 355 تعرضت للتدمير والتخريب.
و«ملايين السوريين» الذين يرد ذكرهم في تقارير منظمات الأمم المتحدة، لا يشملهم عطف برامج الهيئات التابعة للنظام والتي تعنى فقط بالسوريين الموالين أو الذين يعيشون ضمن المناطق التي يسيطر عليها النظام، فبالتزامن مع بدء العام الدراسي أطلقت «الأمانة السورية للتنمية»، التي تشرف عليها عقيلة الرئيس أسماء الأسد حملة «من حقي أتعلم» للعام الثالث على التوالي، وتسعى الحملة لتأمين المستلزمات المدرسية لأكثر من 187 ألف طفل بمشاركة مجموعة من المتطوعين الشباب. وتهدف الحملة هذا العام وفق تصريحات رانيا ريشة منسقة العلاقات الإعلامية في الأمانة لوكالة الأنباء الرسمية، إلى «توزيع أكثر من 25 ألف حقيبة مدرسية متضمنة كامل المستلزمات الدراسية في بداية العام الدراسي، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 13 مدرسة في دمشق وريفها وحلب والسويداء واللاذقية». وما يميز الحملة هذا العام هو الجمع بينها وبين برنامج مسار ونادي المتطوعين (اللذين ترعاهما أسماء الأسد) لتقديم النشاطات المتنوعة للأطفال، والتي تتضمن مسرحا تفاعليا ونشاطات ثقافية أخرى بمشاركة مجموعة كبيرة من الشباب المتطوع.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.