العبادي يخوض آخر حروبه مع نواب معصوم.. ورواتبهم التقاعدية مرهونة بخدمتهم

قدم مشروع قانون يقضي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية.. وأحاله إلى البرلمان لكي يأخذ غطاء شرعيًا

جانب من مظاهرة ضد الحكومة في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة ضد الحكومة في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
TT

العبادي يخوض آخر حروبه مع نواب معصوم.. ورواتبهم التقاعدية مرهونة بخدمتهم

جانب من مظاهرة ضد الحكومة في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة ضد الحكومة في كربلاء أمس (إ.ب.أ)

في وقت لم يستطع فيه أي من نواب الرئيس العراقي فؤاد معصوم الثلاثة (نوري المالكي، أسامة النجيفي، إياد علاوي) مواجهة غضب الرأي العام الشعبي بتقديم طعن إلى المحكمة الاتحادية بشأن إلغاء مناصبهم من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، فإن الأخير قدم من خلال مجلس الوزراء أمس مشروع قانون بقضي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، وأحاله إلى البرلمان لكي يأخذ الغطاء الشرعي. وبهذا الإجراء فإن العبادي يخوض اليوم حروبه مع القادة الثلاثة، الذين لن تعود لهم صفة وظيفية في الدولة، ما عدا محاولات إعادتهم إلى البرلمان بصفة نواب، أو إحالتهم إلى التقاعد في حال كانت لدى كل واحد منهم خدمة فعلية لا تقل عن 15 سنة.
وكان مجلس الوزراء قد أعلن في بيان له أمس أنه «وافق خلال جلسته الـ36 على مشروع قانون إلغاء قانون مناصب نواب رئيس الجمهورية، وإحالته إلى مجلس النواب، استنادا إلى أحكام المادتين 61 و80 من الدستور»، مضيفا أن «المجلس وافق أيضا على سحب مشاريع القوانين المرسلة إلى مجلس النواب من قبل الحكومة السابقة لغرض مراجعتها».
وجاءت موافقة مجلس الوزراء على إحالة مشروع قانون إلغاء مناصب نواب الرئيس من خلال التصويت بالأغلبية، حيث كانت النتيجة موافقة 14 صوتا من أصل 22 عضوا في مجلس الوزراء. وفي هذا السياق، أكد سعد الحديثي، المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المصادقة على مشروع القانون هذا تأتي استكمالا للقرار الصادر بهذا الشأن من خلال حزمة الإصلاح، والتي صادق عليها البرلمان، وبالتالي فإن القانون سيكون، في حال حظي بمصادقة البرلمان، بمثابة الغطاء الشرعي لإلغاء هذه المناصب».
وحول قرار مجلس الوزراء بسحب مشاريع القوانين التي قدمت إلى البرلمان من طرف الحكومة السابقة التي كان يرأسها نوري المالكي، أوضح الحديثي أن «الهدف من سحب كل مشاريع القوانين التي كانت قد قدمتها الحكومة السابقة إلى البرلمان هو إعادة مناقشتها من قبل اللجان الحالية المشكلة بموجب حزم الإصلاح، وإعادة تقديمها من جديد، وذلك بعد دراستها وإعادة النظر في ما لا يتطابق مع الوضع الجديد، أو إذا ما كانت تحتاج إلى إضافات أو نقاشات جديدة».
يذكر أن الحكومة السابقة كانت قد قدمت إلى البرلمان العديد من مشاريع القوانين، منها ما هو مؤجل من الحكومة التي سبقتها، والتي كانت هي الأخرى برئاسة نوري المالكي (2006 - 2010). وأبرز تلك القوانين التي لم تشرع حتى الآن قانون النفط والغاز، وقانون المحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد، والبنى التحتية، والدفع بالأجل، وغيرها. لكن القاضي وائل عبد اللطيف، الذي شغل خلال السنوات الاثتني عشرة الماضية عدة مناصب مهمة، منها عضو مجلس الحكم ووزير شؤون المحافظات وعضو البرلمان العراقي لدورتين، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «على صعيد مناصب نواب رئيس الجمهورية فإنه كان الأولى أن يقوم رئيس الجمهورية، وليس مجلس الوزراء، بتقديم مثل هذا المشروع لأنه من حق رئيس الجمهورية بموجب القانون رقم واحد لسنة 2011 تعيين نائب واحد له على الأقل، وبالتالي فإن العبادي لا يزال يمشي في منطقة ليست منطقته، وهو ما يدل على وجود تخبط وعدم وضوح».
واتهم عبد اللطيف النائب الأول لرئيس البرلمان السابق خالد العطية، الذي يشغل حاليا منصب رئيس هيئة الحج والعمرة، بـ«التلاعب بالقوانين، حيث تنص الفقرة 1 من المادة 60 من الدستور على أن مشاريع القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، لكن العطية جعل بدل حرف الواو، كلمة أو، حيث أصبحت الصيغة أن مشاريع القوانين تقدم من رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء، وبالتالي أسس لسوابق غير صحيحة في عمل الدولة». كما أوضح عبد اللطيف أن «كل هذه الإجراءات في الحقيقة ليست دستورية، لكنها تنسجم مع الجو العام الذي في النهاية لا أتوقع أنه يمكن أن يؤسس لبناء دولة في ظل هذه الفوضى».
وفي حين يجد كل من المالكي والنجيفي وعلاوي صعوبة في تقديم طعن إلى المحكمة الاتحادية بشأن مناصبهم بسبب الخشية من ردود فعل الجماهير الغاضبة عليهم، فإنهم حتى بعد قطع رواتبهم منذ 11 أغسطس (آب) الماضي، طبقا لما انفردت به «الشرق الأوسط»، فإنه في حال صادق البرلمان هذه المرة على مشروع قانون إلغاء مناصبهم فإن مصيرهم سيتحدد في ضوء إمكانية إعادة من يرغب في العودة منهم إلى البرلمان، وهو ما يعني نهاية رمزيتهم السياسية التي تمتعوا بها طوال 12 عاما قضوها في المواقع المتقدمة (رؤساء وزارات بالنسبة للمالكي وعلاوي ورئيس برلمان بالنسبة للنجيفي)، أو إحالتهم إلى التقاعد الوظيفي.
وفي هذا السياق، يقول سليم شوقي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، إن «قانون سلم الرواتب الجديد يسمح بإعطاء نواب رئيس الجمهورية رواتب تقاعدية في حالة توافرت لديهم خدمة 15 سنة فعلية كحد أدنى، وأن يكون عمر النائب 50 عاما».
وطبقا للمستشار القانوني أحمد العبادي، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون سلم الرواتب الجديد ألغى فقرة في القانون السابق، الذي شرع بعد عام 2003 بإعطاء المسؤولين راتب تقاعد بغض النظر عن سنوات الخدمة»، فإنه في الوقت الذي تزيد فيه أعمارهم على الخمسين عاما (علاوي 67 سنة، والمالكي 65 سنة، والنجيفي 59 سنة) فإن أيا منهم لم يتقلد «موقعا وظيفيا قبل عام 2003، وهو ما يعني حرمانهم من الرواتب التقاعدية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.