حصار المتمردين لأهالي تعز ينذر بكارثة إنسانية

مستشفى بالمدينة يستقبل 70 حالة إصابة في الساعة جراء القصف العشوائي

مساعدات غذائية تبرعت بها جهات خيرية لتوزيعها على المحتاجين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مساعدات غذائية تبرعت بها جهات خيرية لتوزيعها على المحتاجين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

حصار المتمردين لأهالي تعز ينذر بكارثة إنسانية

مساعدات غذائية تبرعت بها جهات خيرية لتوزيعها على المحتاجين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مساعدات غذائية تبرعت بها جهات خيرية لتوزيعها على المحتاجين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

على مدى أكثر من خمسة أشهر، تعاني تعز، ثالث كبرى مدن اليمن والواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وضعا إنسانيًا صعبًا جراء الحصار الذي تفرضه عليها ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على مداخل المدينة لمنع دخول الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية للأهالي. لكن مع هذا الوضع الإنساني، تستمر المقاومة الشعبية المسنودة من الجيش الوطني، في شن عملياتها ضد الميليشيات بهدف دحرها وطردها من المدينة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس تنفيذية المجلس الثوري بتعز، بليغ التميمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «تعز تئن منذ ما يقارب الخمسة الأشهر من وطأة الحرمان فالوضع الإنساني متدهور جراء القصف والقنص المستمر على مدار الساعة على المواطنين العزل بالإضافة إلى الحصار الخانق الذي يفرض على المدينة والذي يشتد يوما بعد آخر، والحمى والمرض يفتك بآلاف المواطنين». وأضاف أن المدينة باتت «منكوبة ومدمرة وموبوءة وتعيش في ظلام دامس وسط انتشار القمامة التي تملأ شوارعها وأحيائها السكنية». وأضاف: «القناصة تختطف أرواح البشر والمدافع تدمر المنازل على ساكنيها. إنها حياة برائحة الموت ونكهة البارود، وعلى أثر ذلك تدهور الوضع الإنساني بشكل سريع وتعقدت المآسي بشكل مفجع وأصبحت مؤشرات الكارثة الإنسانية والمجاعة وتدهور البنية الصحية والبيئية ماثلة للعيان». وأضاف أن تعز «أصبحت خارج المنظومة الصحية؛ فهي خالية من الأدوية والمستلزمات الطبية ولقاحات الأطفال، إذ أغلقت المستشفيات أبوابها إلا ما نذر لدرجة أن أحد المستشفيات بمدينة تعز يستقبل في الساعة الواحدة ما يقارب الـ70 حالة بسبب القصف العشوائي على المواطنين والتلوث البيئي».
وحول دور الحكومة اليمنية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح ودورها في إنقاذ أهالي تعز ووضع حد للميليشيات المتمردة، قال رئيس تنفيذية المجلس الثوري بتعز، إن «الحكومة اليمنية ليست صندوقا خيريا أو مبادرة شبابية أو منظمة طوعية حتى تعلق تقصيرها وتفريطها على شماعة حصار تعز، بل ينبغي عليها أن تملك خيارات بديلة وتبحث عن وسائل تستطيع من خلالها إنقاذ الأهالي من الجوع والعطش وحمى الضنك». وأشار إلى أن «هناك عشرات القوافل الإغاثية والتعامل مع التجار في داخل المدينة لتوفير احتياجات السكان، فأهالي تعز ملوا من الكلام الذي يسمعونه يوميا وشبعوا بيانات ومؤتمرات ولقاءات وهم اليوم يريدون كثيرا من العمل وقليلا من الكلام». ودعا الحكومة إلى إيلاء أبناء الشهداء وأسرهم أهمية قصوى «لأنهم ضحوا بحياتهم لنحيا». وتابع أن الحديث عن معانات مدينة تعز طويل ولا ينتهي بحجم المعاناة التي يعيشها الأهالي جراء الحصار المفروض عليهم من الميليشيات والقصف المستمر عليها كانتقام من المقاومة الشعبية والجيش الوطني.
بدوره، قال المدير التنفيذي لمركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بتعز، نشوان نعمان شمسان، لـ«الشرق الأوسط» إن «تعز جمعت كل الأعسار، من حرب وحصار ونقص غذاء وانعدام نظافة وانعدام المشتقات النفطية، والمرض، وحمي الضنك وغيرها». وأوضح شمسان أن هناك مديريات يصل عدد سكانها إلى مليوني نسمة تعاني الحصار ولا أحد يستطيع الدخول إليها أو الخروج منها إلا بصعوبة. وأوضح أن «سبع مديريات هي جبل حبشي وصبر الموادم والمسراخ والمواسط والمعافر والمقاطره والشمايتين، تعاني من حصار شديد إذ لا يدخلها أحد ولا يخرج منها إلا بصعوبة وبتكلفة باهظة جدا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار لكل الخدمات والمواد الغذائية والأساسية والخضراوات، كما تعاني هذه المناطق من حرمان في كل شيء، وزاد عليها نزوح الكثير من أبناء تعز إلى هذه المديريات وكذالك نزوح الكثير من محافظة صنعاء وعدن والحديدة ولحج والضالع وإب». وأكد شمسان أن المناطق الآنفة الذكر «تفتقر إلى أبسط الخدمات الطبية والعلاجية حيث يوجد فيها مستشفي خليفة الذي يفتقر لأبسط الأشياء ويحتاج إلى الدعم من قبل الحكومة والمنظمات الدولية والمحلية والجمعيات الخيرية، كما أن المستشفي يوجد به عجز في الكادر الطبي والتمريضي».
عسكريًا، تواصلت المعارك بين الجيش الوطني من جهة والميليشيات من جهة أخرى في تعز أمس. واحتدمت المعارك في الزنوج والبعرارة ومحيطة واستمرت ساعات مما أدى إلى مقتل أكثر من 80 مسلحًا من الميليشيات وجرح عدد غير محدد منهم، إضافة إلى إحراق عربة من طراز (pmp) ودبابة وكل ما فيها من آليات ومدافع في صاله وجبل السلال بالحوبان، حسبما أفاد مصدر من المقاومة. وأوضح المصدر: «رغم التعزيزات وامتلاك المتمردين لكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وقصفهم للأحياء السكنية، فقد تمكنت قوات الجيش من تحقيق تقدم نوعي في منطقة ثعبات، شرق المدينة، ولم تستطع الميليشيات استعادة ما تم تحريره منهم». وأضاف أنه «تم دحر الميليشيات أيضا من جبل الزنوج عند تسللهم إليه وتناثرت جثثهم على الأرض بالعشرات، ونتيجة للتقدم الذي تم إحرازه في حي ثعبات وحسنات تقصف الميليشيات وبشكل هستيري من أعلى منطقة صالة وجبل السلال بالحوبان». وأكد أن جبل الجرة قد عاد للصمود من جديد و«قصفت الميليشيات، أكثر من 100 قذيفة، خلال ثلاث ساعات أمس في محاولة منها للهجوم من اتجاه جبل الوعش وعن طريق الزنوج، الذي يُعد مكشوفا للجبل، لكنهم لقوا حتفهم وقتل العشرات منهم من خلال تصدي فريق الرماة في الجبل الذي قنصهم واحدا تلو الآخر».
وكانت قيادة المقاومة الشعبية في المناطق الجنوبية، وتحديدا في منطقة كرس، قامت بزيارة خاصة للشيخ حمود المخلافي، رئيس منسقية المقاومة الشعبية بمحافظة تعز، وتم التطرق إلى تبادل وجهات النظر حول التكتيكات العسكرية والتخطيط وكيفية المحافظة على الأماكن التي تم تحريرها وقطع الشائعات التي تروجها ميليشيات الحوثي وصالح عن توقف التواصل بين المقاومة الجنوبية والمقاومة في تعز.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.