المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تطالب كاميرون برفع مستوى الدعم للسوريين

أكدت لـ («الشرق الأوسط») رفضها الهجرة غير الشرعية وأن التوطين ليس الحق الأول للاجئ

صبي سوري يحمل كيسا وهو يتّجه، برفقة مجموعة لاجئين سوريين، نحو الحدود التركية - البلغارية أمس (أ. ف. ب)
صبي سوري يحمل كيسا وهو يتّجه، برفقة مجموعة لاجئين سوريين، نحو الحدود التركية - البلغارية أمس (أ. ف. ب)
TT

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تطالب كاميرون برفع مستوى الدعم للسوريين

صبي سوري يحمل كيسا وهو يتّجه، برفقة مجموعة لاجئين سوريين، نحو الحدود التركية - البلغارية أمس (أ. ف. ب)
صبي سوري يحمل كيسا وهو يتّجه، برفقة مجموعة لاجئين سوريين، نحو الحدود التركية - البلغارية أمس (أ. ف. ب)

قال مسؤول الاتصال بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، إن «المفوضية ترفض عمليات النزوح عن طريق الهجرة غير الشرعية»، لافتا إلى أن التوطين ليس الحق الأول للاجئ، بينما أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس أنها طالبت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون برفع الدول الأوروبية لمستوى الدعم للاجئين الفترة المقبلة.
ووصل كاميرون، إلى الأردن، أول من أمس الاثنين، في زيارة عمل للمملكة، أجرى خلالها مباحثات مع الملك عبد الله الثاني، كما زار مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق، قبل أن يتوجه إلى لبنان لزيارة مخيم للاجئين السوريين شرق البلاد.
ويؤوي لبنان أكثر من مليون ومائة ألف لاجئ سوري. في حين يستضيف الأردن 627 ألفا و287 لاجئا بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وتفاقمت أزمة المهاجرين السوريين، الذين تدفقوا بعشرات الآلاف خلال الصيف إلى المجر واليونان، مما أدى إلى انقسام الأوروبيين بشأن استقبالهم. كما تسبّبت حوادث غرق كثيرة في صدمة كبيرة لدى الرأي العام الدولي، أشهرها غرق مركب أسفر عن مصرع نحو 800 شخص وحادثة الطفل إيلان الذي غرق مع أخيه ووالدته في البحر المتوسط.
وأكد الحواري لـ«الشرق الأوسط» أن المفوضية ترفض عمليات النزوح عن طريق الهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن التوطين ليس الحق الأول للاجئ، حيث قال: «هو بمثابة أحد الحلول الاستثنائية ومن نحن نقوم بتقديم ملفات اللاجئين للدول التي بها توطين حسب الأكثر احتياجا».
وأضاف مسؤول الاتصال بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن: «نحاول توفير مساعدات نقدية لتلبية احتياجات اللاجئين، كما طالبنا الدول المضيفة بإتاحة فرص عمل لهم والحفاظ على كرامتهم»، وتابع: «هدفنا الرئيسي هو حماية وخدمة اللاجئين وتقديم لهم كل ما يحتاجونه من مساعدات إنسانية».
وبالتزامن مع زيارة كاميرون إلى لبنان، أعلن مكتب رئيس الحكومة البريطانية تعيين ريتشارد هارينجتون، مسؤولا عن تنسيق العمل داخل الحكومة لإعادة إيواء ما يصل إلى 20 ألف لاجئ سوري في المملكة المتحدة. لكن الحواري أكد أن «الدول الأوروبية لم تطالبهم بإرسال ملفات اللاجئين السوريين لاستقبالهم في بلدانهم حتى الآن».
ودشنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حملة لجمع التبرعات للحالات الإنسانية للاجئين السوريين عبر موقعها الإلكتروني، بينما ينتشر اللاجئون الذين ترعاهم المفوضية في مختلف أنحاء العالم، ويقع أكثر من نصفهم في آسيا و28 في المائة منهم في أفريقيا، وتتفاوت ظروفهم المعيشية إلى حد كبير، إذ يعيش البعض في مخيمات ومراكز جماعية ثابتة وراسخة، في حين يضطر آخرون إلى العيش في ملاجئ مؤقتة أو حتى في العراء، وذلك بحسب الإحصاءات الرسمية التي أدلت بها المفوضية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.