مناظرة الجمهوريين للانتخابات التمهيدية في مكتبة ريغان اليوم

المرشحون يتنافسون على تقليد الرئيس الأميركي الراحل

مناظرة الجمهوريين للانتخابات التمهيدية في مكتبة ريغان اليوم
TT

مناظرة الجمهوريين للانتخابات التمهيدية في مكتبة ريغان اليوم

مناظرة الجمهوريين للانتخابات التمهيدية في مكتبة ريغان اليوم

تجري اليوم المناظرة الثانية في حملة الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري الأميركي بمشاركة 11 مرشحا، في طليعتهم شخصان لم يسبق أن خاضا أي انتخابات هما دونالد ترامب وبين كارسون اللذان استفادا من موجة الرفض للسياسات «التقليدية».
وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» أمس بأنه «عندما يجتمع المرشحون الجمهوريون على مسرح مكتبة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان اليوم، سيحاول كل واحد منهم أن يكون مثله». ومن المتوقع أن يقدم ترامب نفسه باعتباره نموذجا للقوة الأميركية، وسيقدم كارسون نفسه وكأنه المتفائل الذي اكتشف دعوته للعمل السياسي في وقت متأخر من حياته.
والملياردير ترامب حقق ثروته في القطاع العقاري ويعلو اسمه ناطحات سحاب وفنادق وملاعب غولف من نيويورك إلى إسطنبول، وقدم حتى هذه السنة برنامجا من تلفزيون الواقع بعنوان «ذي ابرانتيس» خلفه مؤخرا في تقديمه أرنولد شوارزنيغر.
وغالبا ما أبدى ترامب في الماضي رغبة في الترشح للانتخابات التمهيدية، ظن كثيرون أنها نابعة من رغبة في اجتذاب أضواء الإعلام، غير أن خطابه السياسي الشديد اللهجة القائم على رفض الطبقة السياسية لاتهامها بالفساد وبإغراق أميركا يلقى اليوم بشكل مدهش تأييد نحو جمهوري من أصل ثلاثة، في ظل الريبة المعممة حيال سياسيي واشنطن ولا سيما أعضاء الكونغرس. وترافقت انطلاقته مع صعود بين كارسون بشكل متكتم إنما أكيد في استطلاعات الرأي، وهو كان في السابق رئيسا لقسم جراحة الأعصاب لدى الأطفال في مستشفى جونز هوبكينز في بالتيمور حيث اشتهر بمشاركته عام 1987 في عملية جراحية رائدة لفصل توأمين سياميين موصولين من الرأس.
غير أن شهرته الجديدة في السياسة تعود إلى عام 2013 حين بدأ هذا الجمهوري من أصول أفريقية في انتقاد الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما بشدة حاملا على إصلاحه للنظام الصحي الذي وصل إلى تشبيهه في فترة ما بالرق.
ويجمع ترامب وكارسون وحدهما نحو نصف الجمهوريين، ما يشكل صدمة للحزب الذي كان في مطلع العام يتوقع معركة طويلة بين حكام ولايات وأعضاء في الكونغرس، بين سياسيين منتخبين سيشكل البيت الأبيض بالنسبة لهم تكليلا طبيعيا لمسار سياسي لا مأخذ عليه.
وقال ترامب أول من أمس مخاطبا آلاف الأشخاص في الملعب الرياضي في دالاس بولاية تكساس: «يبدو أنهم سيحاولون جميعهم مهاجمتي، هذا لا يهمني».
وكالعادة تباهى بحجم الحشود المشاركة في تجمعه وبمدى شعبيته، مؤكدا أن «استطلاعات الرأي صدرت أننا نكتسح الجميع فعلا. نكتسح الجميع».
وأعلن ترامب عودة «الغالبية الصامتة» التي كان الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون يتكلم عنها، غير أنها لم تعد صامتة على حد قوله، بل «قد يجدر بنا أن نسميها الغالبية الصاخبة، الهجومية، الغالبية التي تريد أن تفوز. سئمنا أن يجرنا أشخاص عديمو الكفاءة خلفهم».
وأثار ترامب عداوات كثيرة، وهو مسرور بذلك لأن كل شجار جديد يزيد المسافة التي يحرص على إقامتها بينه وبين طبقة «السياسيين»، وهو يؤكد أنه الوحيد في الحملة الانتخابية الذي لا يطاله الفساد لأنه يمول حملته من ثروته التي تقدرها مجلة «فوربز» بأربعة مليارات دولار.
يذكر أن مكتبة ريغان جمعت مؤخرا خمسين مليون دولار لتأسيس «معهد ريغان» في واشنطن (العاصمة) بهدف «الخوض في القضايا المستعصية التي تمنع البلاد من المضي قدما إلى الأمام في ذكاء وثقة».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.