الاقتصاد التركي يسجل نموًا أكبر من المتوقع مخالفًا التكهنات

رغم ضغوط ارتفاع معدل التضخم وتراجع العملة

نما الاقتصاد التركي بنسبة 3.8% مدفوعا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي
نما الاقتصاد التركي بنسبة 3.8% مدفوعا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي
TT

الاقتصاد التركي يسجل نموًا أكبر من المتوقع مخالفًا التكهنات

نما الاقتصاد التركي بنسبة 3.8% مدفوعا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي
نما الاقتصاد التركي بنسبة 3.8% مدفوعا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي

في خطوة مفاجئة، استطاع الاقتصاد التركي أن يتجاوز التوقعات بتباطؤ النمو في النصف الأول من العام الحالي، بينما كانت التوقعات تقود إلى تحقيق تراجع في النمو وسط ضغوط ارتفاع معدل التضخم وتراجع قيمة العملة. وأظهرت بيانات رسمية، الخميس الماضي، أن الاقتصاد التركي نما بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الحالي.
وجاء النمو مدفوعًا بزيادة في الإنفاق الاستهلاكي مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وجاءت القراءة للربع الثاني أعلى بكثير من توقعات السوق التي جاءت أقل قليلاً من 3 في المائة.
وتسارع نمو أسعار المستهلكين السنوي إلى 7.14 في المائة في أغسطس (آب) الماضي من 6.81 في المائة في يوليو (تموز)، مما دفع ما لا يقل عن خمسة بنوك لزيادة أهدافه التضخم المستهدفة بنهاية العام.
ويؤثر الغموض السياسي قبيل انتخابات الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم والمخاوف الأمنية الناجمة عن الصراع مع حزب العمال الكردستاني على آفاق الاقتصاد الذي سجل معدلات نمو قوية في السابق. وجاء أداء قطاع السيارات والصادرات ضعيفا إلى حد كبير نتيجة للإضرابات واسعة النطاق في مصانع السيارات الكبرى.
وكان الاقتصاديون يتوقعون توجه تركيا نحو فترة من النمو دون المتوسط. وتعاني البلاد أيضًا من ارتفاع معدلات التضخم بشكل مستمر لأكثر من 7 في المائة وتراجعت الليرة التي فقدت أكثر من 30 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام، لتصبح واحدة من أسوأ العملات أداء في العالم.
وقال جيزيم أوزتوك، رئيس الاقتصاديين في بنك «غارانتي» للاستثمار، إن البنك رفع توقعاته لمستوى التضخم من 7 إلى 7.7 في المائة بنهاية 2015، وعن 2016 فسيرتفع من 6.6 في المائة إلى 7 في المائة، وفقا لما أوردته وكالة «رويترز».
وقال وزير المالية التركي محمد شيمشك إن تحقيق هدف التضخم عند 5 في المائة يمكن أن يحدث فقط مع وجود حكومة قوية، وليس من خلال تدخل البنك المركزي وحده.
وتراجعت العملة التركية (الليرة) من مستوى 1.9 دولار في عام 2013 إلى ما هو أكثر من 3 دولارات ومن المتوقع أن تسجل 3.10 دولار خلال العام الحالي، وسط رهانات متزايدة من قبل المستثمرين على الهبوط خلال الفترة المقبلة.
وقال ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في «كابيتال إيكونوميكس» في لندن: «النمو الكبير في الناتج المحلي الإجمالي التركي في الربع الثاني يوفر مزيدا من الأخبار الجيدة للاقتصاد».
وأضاف جاكسون في تعقيب لوكالة الصحافة الفرنسية: «ومع ذلك فإننا نعتقد أن هذا النمو من المرجح أن يكون مؤقتًا، إذ إن ارتفاع معدلات التضخم وتشديد السياسة النقدية سوف يؤديان إلى إضعاف النمو مرة أخرى خلال الفصول المقبلة».
وفي استطلاع لـ«رويترز» توقع خبراء اقتصاديون أن يصل النمو في الربع الثاني إلى 3.45 في المائة. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد نموًا في العام بأكمله قدره 2.9 في المائة، وهو أقل من المستوى الذي تستهدفه الحكومة والبالغ 4 في المائة.
وقال معهد الإحصاءات التركي إن الإنتاج ارتفع 1.3 في المائة عن الربع السابق على أساس معدل. وأظهرت أرقام معدلة أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنحو 2.5 في المائة في الربع الأول ليرتفع عن القراءة الأولية التي بلغت 2.3 في المائة.
وقال وزير المالية محمد شيمشك، الأسبوع الماضي، إن أكبر مخاطر الاقتصاد التركي هو عدم الاستقرار السياسي على المدى الطويل، والذي سيكون مؤثرا بشكل كبير على عجز الموازنة والحساب الجاري. وجاء أداء ميزان المعاملات الجارية أيضًا أفضل من المتوقع، إذ أظهر عجزًا قدره 3.15 مليار دولار في يوليو الماضي بما يقل عن توقعات بوصوله إلى 3.5 مليار دولار.
وقال شيمشك، متحدثًا في مؤتمر في إسطنبول، إن الاقتصاد قد ينمو 3 في المائة في عام 2015، لكنه حذر من عدم اليقين السياسي لفترة طويلة، والذي قد يضعف المالية العامة، والتي تُحاول الآن أن تُصبح منطقة معزولة عن الصدمات الاقتصادية العالمية. وفي الأشهر الثمانية الأولى من 2015 تراجعت الصادرات التركية 8.9 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بسبب ارتفاع الدولار الأميركي بشكل حاد مقابل اليورو، مما وجه ضربة المبيعات التركية منذ أن بدأ المصدرون الأتراك في دفع ثمن معظم السلع الوسيطة بالدولار الأميركي والحصول على المدفوعات باليورو.
ويقول الخبير الاقتصادي المخضرم كوركوت بورتاف: «نظرا للبيئة غير المستقرة في الاقتصاد العالمي والشكوك الإضافية الناجمة عن فترة الحملة الانتخابية في البلاد، انكمش صافي تدفق رأس المال الأجنبي إلى تركيا بنسبة 9 في المائة، على أساس سنوي، في الأشهر الستة الأولى». ويُضيف بورتاف، في حديثة لصحيفة «بوجون» التركية: «وهناك انكماش آخر متوقع في ضوء عدم الاستقرار السياسي في الأشهر التالية والذي يُمكن أن يحدث وسط التراجع في حجم الاستثمارات الخاصة».
ويقول بورتاف إنه مع الأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق فإن الاقتصاد التركي الذي حقق نموا بنسبة 2.3 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015 قد يتحول إلى تقليص النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام.
ووفقًا لخبراء اقتصاد، هناك عامل رئيسي آخر يؤثر على الاقتصاد التركي وهو التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يرفع أسعار الفائدة في وقت قريب من العام الحالي.
وأدى هذا التخوف بالفعل إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية وفرار المستثمرين الأجانب من البلاد. والاقتصاد التركي يُعتبر واحد من أعلى الاقتصادات المكشوفة على الأسواق الأجنبية في المنطقة.
ووفقًا لأحدث البيانات فقد باع المستثمرون الأجانب ما قيمته 462.1 مليون دولار من أسهمهم المملوكة في الشركات التركية خلال أغسطس الماضي، بحسب ما أظهرته بيانات بورصة إسطنبول الأسبوع الماضي.
وأشارت الأرقام إلى خروج رؤوس الأموال من سوق الأوراق المالية التركي بشكل متزايد خلال أغسطس بالمقارنة مع نفس المستويات في يوليو عندما سجلت الأجانب صافي مبيعات بلعت 248 مليون دولار فقط. وفي الوقت نفسه بلغ مؤشر ثقة المستهلك أدنى مستوياته في ست سنوات، وانخفض إلى 62.35 نقطة في أغسطس.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.