«المقاومة» والجيش الشرعي يخوضان معارك لتطهير مضيق باب المندب من الميليشيات

الحوثيون يواصلون قصفهم للأحياء السكنية والمساجد في تعز

يمني يتفقد الأضرار التي لحقت مسجداً دمرته الميليشيات بصاروخ خلال اشتباكات بين المتمردين الحوثيين ومقاتلين من لجان المقاومة الشعبية في تعز (أ.ف.ب)
يمني يتفقد الأضرار التي لحقت مسجداً دمرته الميليشيات بصاروخ خلال اشتباكات بين المتمردين الحوثيين ومقاتلين من لجان المقاومة الشعبية في تعز (أ.ف.ب)
TT

«المقاومة» والجيش الشرعي يخوضان معارك لتطهير مضيق باب المندب من الميليشيات

يمني يتفقد الأضرار التي لحقت مسجداً دمرته الميليشيات بصاروخ خلال اشتباكات بين المتمردين الحوثيين ومقاتلين من لجان المقاومة الشعبية في تعز (أ.ف.ب)
يمني يتفقد الأضرار التي لحقت مسجداً دمرته الميليشيات بصاروخ خلال اشتباكات بين المتمردين الحوثيين ومقاتلين من لجان المقاومة الشعبية في تعز (أ.ف.ب)

أكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس العسكري وعناصر المقاومة الشعبية بتعز المؤيدين لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي يتأهبون بكامل استعدادهم وبمساعدة قوات التحالف العربي إلى تطهير الساحل في مضيق باب المندب الذي يسيطر عليه ميليشيات الحوثي وصالح لأهميته التي تكمن في اعتباره ممرا هاما وحيويا للتجارة الدولية».
وكانت طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية كثفت من غاراتها خلال اليومين الماضيين على المقار العسكرية الخاصة بميليشيات الحوثي وصالح وتجمعاتهم في باب المندب، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من عناصر التمرد.
وشهدت مدينة تعز، ثالث كبريات المدن اليمنية، أمس مواجهات عنيفة في جبهات القتال بين المقاومة الشعبية بالمدينة الواقعة جنوبي اليمن، والجيش المؤيد لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، حيث استمرت المواجهات لليوم الثاني على التوالي في عدد من الجبهات بمحيط القصر الجمهوري والبعرارة والزنقل استخدمت فيها الميليشيات كافة أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي تصدت لها المقاومة والجيش التي حصلت فيها هذه الأخيرة على تعزيزات عسكرية من جبهات أخرى لصد محاولة تقدمهم في المنطقة، وسط استمرار الميليشيات المتمردة بقصف المساجد والمنازل بمدينة تعز وقصفها أمس مسجد السعيد بعدد من القذائف.
يقول مصدر من المجلس العسكري بتعز لـ«الشرق الأوسط» بأن «المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية بصدد استرداد مضيق باب المندب من ميليشيات الحوثي وصالح، في حين تستمر في دفع هجمات الميليشيات التي قصفتهم بالأسلحة الثقيلة والمدفعية وصواريخ الكاتيوشا».
وحققت المقاومة تقدم بمنطقة ثعبات تجاه مدرسة ومقبرة حسنات واستعادت الكثير من المواقع المهمة في الجبهة الغربية، كما تم تدمير سيارة فورد تحمل مدفع 23 وقتل من فيه في منطقة الشيخ سعيد بحذران بعد استهدافه من قبل المقاومة والجيش بجبهة الضباب، غرب مدينة تعز.
وطردت المقاومة والجيش ميليشيات الحوثي وصالح من مقبرة صالة والمباني المجاورة لها شرق المدينة، بعد قتال عنيف أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 30 من ميليشيات الحوثي وصالح، واستشهاد 9 من عناصر المقاومة الشعبية وجرح أكثر من 30 آخرين، كما استشهد إثر المعارك 3 مدنيين وجرح 15 جراء سقوط قذيفة على جامع السعيد بتعز أطلقتها الميليشيات.
وأضاف المصدر العسكري أن اشتباكات عنيفة جرت بعدما هاجمت المقاومة والجيش ميليشيات الحوثي وصالح في منطقة البعرارة والزنقل ومحيط القصر الجمهورية في ثعبات جراء توغل الميليشيات في المنطقة في محاولة منهم اقتحام جبل جرة، مساء أول من أمس. واستمرت الاشتباكات - بحسب المصدر - حتى صباح أمس، وجرى تطهير عدد من المواقع من الميليشيات في الجبهة الغربية وتعمل المقاومة على تطهير منطقة الحوبان بمساعدة التحالف العربي الذي يشن غاراته على مواقع وتجمعات الميليشيات. وتوقع المصدر العسكري تطهير الحوبان من المتمردين خلال الساعات المقبلة.
وأكد المصدر ذاته لـ«الشرق الأوسط» تمكن الجيش المؤيد للشرعية والمقاومة من السيطرة، أيضا، على فرزة صنعاء الواقعة بين القصر الجمهوري ومعسكر الأمن المركزي، حيث لا تزال ميليشيات الحوثي وصالح تواصل قصفها العشوائي على الأحياء السكنية في ثعبات والتحرير الأسفل وقلعة القاهرة والمدينة القديمة من جبل أومان بمنطقة الحوبان ومحيط فندق السعيد وتبة الكسارة بالحرير، شرق المدينة، ودمرت منازل بصواريخ الكاتيوشا أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين من موقع مستحدث لهم في محطة توفيق للغاز ومزرعة البصيلي القريبه من مفرق الذكره.
ويعيش الأهالي بمدينة تعز وضعا مأساويا لا يحتمل في ظل استمرار الميليشيات المتمردة بقصفها للأحياء السكنية وسقوط عدد من المدنيين قتلى وجرحى وانتشار الأوبئة وحمى الضنك الذي فتك بالأهالي بسبب انتشار القمامة في مختلف الأحياء السكنية وعدم الحصول على الأغذية الضرورية والاحتياجات الأساسية بسبب سيطرة الميليشيات على مداخل المدينة ومنع دخول المساعدات والأدوية، وكل ذلك تسبب في إلحاق الضرر الجسيم للأهالي الذين ينتظرون تلقيهم للمساعدات وتخليصهم من الميليشيات وعودتهم إلى منازلهم بعد نزوحهم الإجباري إلى القرى التي لم تصل إليها الحروب بعد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.