قوات الأمن الإسرائيلية تقتحم الأقصى مجددًا.. وتحاول فرض تقسيمه بالقوة

500 مستوطن دخلوا باحاته بحماية الشرطة ونتنياهو يدعو إلى معاقبة «المرابطين»

فلسطيني يشتبك مع قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت ممرًا يؤدي إلى الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطيني يشتبك مع قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت ممرًا يؤدي إلى الأقصى (أ.ف.ب)
TT

قوات الأمن الإسرائيلية تقتحم الأقصى مجددًا.. وتحاول فرض تقسيمه بالقوة

فلسطيني يشتبك مع قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت ممرًا يؤدي إلى الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطيني يشتبك مع قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت ممرًا يؤدي إلى الأقصى (أ.ف.ب)

اقتحمت قوات أمن إسرائيلية كبيرة، أمس، المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر، في هجمة هي الثانية بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدها أول من أمس، وأخلت المسجد من المصلين المسلمين بالقوة، لتطبيق مخططها بالسماح للمستعمرين اليهود بالزيارة وأداء الصلاة في باحاته، مما يعني فرض تقسيم عملي للأقصى بين المسلمين واليهود، شبيه بما فرضته في الحرم الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية قبل سنوات طويلة.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى جلسة طارئة للقيادات السياسية والأمنية، بهدف اتخاذ إجراءات عقابية جديدة، ضد المرابطين والمرابطات الفلسطينيين الذين يتصدون لهذا المخطط.
وقد وقعت صدامات عنيفة بين الشباب الفلسطيني المرابط والقوات الإسرائيلية، أسفرت عن اعتقال نحو 20 فلسطينيا، بينهم 7 ملثمين، بعد قيام نحو 500 يهودي باقتحام المنطقة بحجة الصلاة في «جبل البيت» كما يطلقون على باحة الأقصى، بدعوى أنها الجبل الذي كان يقوم عليه هيكل سليمان.
وكانت قوات الشرطة الإسرائيلية قد نفذت خطوات على شبيهة بما قامت به أول من أمس؛ فقد أغلقت جميع بوابات الأقصى في ساعات الفجر الأولى، ثم أدخلت قوة إلى المصلى القبلي لإخلائه من المصليات والمصلين المسلمين المرابطين فيه. وبالمقابل، قامت قوة أخرى بإدخال 38 يهوديا من باب المغاربة تجولوا في ساحات الأقصى. وعندما بدأ الشباب المحاصرون داخل المسجد القبلي من «المرابطين»، يكبرون ويهللون: «الله أكبر»، و«بالروح والدم نفديك يا أقصى»، تم استدعاء قوة أخرى من الشرطة على عجل، ألقت بشكل مفاجئ، قنابل صوتية، وراحت تطلق الأعيرة المطاطية في الساحات، ثم أغلقت أبواب المسجد القبلي بالسلاسل والأعمدة والأخشاب، واقتحمته عبر باب الجنائز، واعتقلت من داخله 4 شبان، واستمر إغلاق وحصار المسجد الأقصى منذ الساعة 7:30 صباحًا حتى 11:00 قبل الظهر، وخلال ذلك، تمكنت مجموعات من المستوطنين من اقتحام الأقصى احتفالا «برأس السنة العبرية»، إلى أن وصل عدد المقتحمين إلى ما يقارب 500 مستوطن يهودي.
وكان واضحا من الهجمة التي لم تكن أقل ضراوة من اعتداءات أول من أمس، أن الشرطة الإسرائيلية تنفذ قرارا سياسيا بتقسيم الأقصى. فقد أوقفت إدخال اليهود بعد الحادية عشرة، وفتحت ثلاثة مداخل للمصلين المسلمين، بشكل جزئي، وهي: باب حطة، وباب المجلس، وباب السلسلة، ونصبت الحواجز الحديدية عليها، ومنعت جميع المسلمين الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا من الدخول. وحتى من سمحت لهم بالدخول من كبار السن، فقد اشترطت عليهم تسليم بطاقات هوياتهم على الأبواب، لضمان خروجهم ومنع الانضمام إلى «المرابطين».
وعدّ مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، الشيخ عزام الخطيب، اقتحام المصلى القبلي واعتقال بعض الشبان، خطوة في غاية الخطورة، وتصعيدا إسرائيليا جديدا في الأقصى. وقال إنه «أمر غير مقبول». وأضاف الخطيب، الذي يعد مسولا من طرف وزارة الأوقاف الأردنية بشكل رسمي، أن «سلطات الاحتلال تريد توفير كل الظروف للمستوطنين اليهود ليتمكنوا من اقتحام المسجد الأقصى، على الرغم من أنف المسلمين، في الوقت الذي يحلو لهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.