عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية

عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية
TT

عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية

عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية

يعد عبد الملك بن مروان المؤسس الثاني للحكم الأموي بعد معاوية بن أبي سفيان، فلقد انتهى حكم معاوية بن يزيد بن معاوية بتنازله عن الحكم لمرضه وأصبح بنو أمية في مهب الريح على خلفية انتشار خلافة عبد الله بن الزبير والذي نادى بنفسه خليفة للمسلمين وبدأت الأقطار الإسلامية تخضع له الواحدة تلو الأخر حتى استطاع في فترة وجيزة أن يسيطر على مصر والعراق والحجاز وبدأت جيوشه تستعد لغزو الشام، وأمام هذا الضغط اضطر الأمويون لجمع صفوفهم، حيث استقر رأيهم على تولي مروان بن الحكم الخلافة فبويع في المناطق التي لا تزال خاضعة للأمويين، وكانت فترة ولايته هامة للغاية حيث استعاد هيبة الدولة الأموية واسترد مصر من أيدي والي عبد الله بن الزبير وولى أخاه عبد العزيز بن الحكم (أبو الخليفة عمر بن عبد العزيز)، ولكن القدر لم يمهله أكثر من ذلك فمات الرجل تاركا الأمر لابنه عبد الملك بن مروان مخالفا بذلك الاتفاق الذي تم إبرامه بين أعيان بني أمية، ولكن هذه كانت سنة السياسية فكل رجل يفضل ولاية العهد لابنه حتى وإن كانت معقودة لغيره من الأقارب.
تشير المصادر التاريخية إلى أن عبد الملك كان شاعرا ورجل علم، يتمتع بكرم شديد، كما أن الله من عليه بما يمكن أن نطلق عليه في لغتنا الحديثة بـ«الكاريزما» حيث كان محببا لكل رجاله وكل من أتي في طريقه، إضافة إلى ذلك فقد كان الرجل حازما كل الحزم عند اللزوم، وقد بلغت حنكته السياسية أقصاها فلم يعزل كل من حاربه، بل إنه استعمل من القادة اللذين كانوا يحاربونه وعلى رأسهم المهلب بن أبي صفرة، وهو ما يعكس قدرة فائقة على استغلال الظروف والأشخاص وتوظيفها لصالح الدولة، وهي الصفات التي كفلت له القدرة على التعامل مع كل المشكلات التي واجهت حكمه وخروجه منها منتصرا، خصوصا حربه مع عبد الله بن الزبير والذي لم يكن من السهل مواجهته على ضوء شرعيته القوية استنادا إلى كون والده أحد العشرة المبشرين بالجنة، وجده أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقد أوردت كتب التاريخ لنا جملة شهيرة لعبد الملك يقارن فيها نفسه بعبد الله بن الزبير فيقول: «ما أعلم أحدا أقوى على هذا الأمر مني، فإن ابن الزبير لطويل الصلاة وكثير الصوم ولكن لبخله لا يصلح أن يكون سائسا».
تولى عبد الملك بن مروان الحكم في العام الخامس والستين الهجري في الفترة التي كانت الدولة الأموية تواجه المخاطر من اتجاهات كثيرة، فلقد واجه الرجل مجموعة من الانتفاضات التي كانت كفيلة باقتلاع الحكم الأموي على رأسها الخلافة الموازية لعبد الله بن الزبير وثورة المختار بن أبي عبيد فضلا عن القلاقل الداخلية في الشام واستعداد قيصر الروم لاسترداد الشام مرة أخرى، وكما لو أن هذه الأمور لم تكن كافية فلقد عانى الرجل من أزمة مالية حادة، ومع ذلك فقد احتفظ برباطة جأشه وحافظ على صفوف جيشه وقاد في بعض المناسبات جيوشه بنفسه ليدب الحماس في جنوده ويحمي دولته.
كانت خلافة عبد الله بن الزبير أخطر التهديدات التي واجهت حكم عبد الملك في ذلك الوقت، فلقد كان الرجل يتمتع بثقل سياسي كبير بين المسلمين، ولم يكن أمام عبد الملك إلا مواجهته بكل قوة وحزم، ولكنه تعثر بعض الشيء في البداية لا سيما وأنه اضطر لمواجهة عدو جديد له وللزبير على حد سواء وهو المختار بن أبي عبيد أحد مدعي التشيع وحارب كلا من عبد الملك وابن الزبير، وقد لقيت قوات الدولة الأموية هزيمة نكراء على أيدي المختار قتل فيها قائد الجيش الأموي، ومع ذلك لم ييأس عبد الملك فلم شمل جيشه لمواجهة ابن الزبير والذي كان أخوه مصعب قد هزم المختار وتخلص من شروره.
أدرك المسلمون أن المعركة الفاصلة باتت آتية بين الخليفتين في مكة والشام، وأن هذا الأمر سيحسم في العراق وليس في أي مكان آخر، فلقد انتزعت مصر من عبد الله، وبقي العراق في أيدي بن الزبير، ولو دانت العراق ومصر والشام ما استطاع الحجاز الوقوف أمام القوة الأموية المتجددة، لذلك فقد أصر عبد الملك أن يقود جيوشه بنفسه لمواجهة مصعب بن الزبير وواجهه في معركة قوية للغاية انتهت بهزيمة مصعب فدانت العراق لعبد الملك وأصبح الأمر مسألة وقت قبل القضاء على الخلافة الموازية لابن الزبير، وقد أرسل عبد الملك رجله القوى الحجاج بن يوسف ليحاصر الحرم ويضربه بالمنجنيق بعدما لجأ ابن الزبير إليه وتحصن به، فلما ظفر به حز رقبته وأرسلها لعبد الملك في الشام وصلب باقي جسده أمام الحرم ولم يدفنه إلا بعدما تدخلت أمه. وقد واجه عبد الملك أيضا مشكلات الخوارج وخروجهم عليه في مناسبات كثيرة، وقد صدر لهم ببصيرته النافذة أحد أبرع قواده وهو المهلب بن أبي صفرة، والذي استطاع أن يقهرهم في سلسلة من المواجهات، ولكن أخطر هذه الحركات كانت الحركة التي قادها شبيب بن يزيد والذي تصدى له الحجاج بن يوسف واستطاع بعد معارك ضارية أن يقضي عليه.
هكذا واجه عبد الملك كل هذه المشكلات والتي لم تثنيه عن الإصلاحات الداخلية، فلقد شهدت أغلبية الولايات التي كانت خاضعة له عمليات تطوير في بنيتها الأساسية حتى في العراق ذاتها والتي كانت مركزا لمشكلات الحكم الأموي، كذلك دأب الرجل على الإصلاحات الداخلية وعلى رأسها تعريب الدواوين والتي كانت بالقبطية في مصر وبالفارسية في بلاد فارس وباليونانية في الشام، وقد أصر الرجل على ضرورة توحيد لغة الدواوين لضمان وحدة الدولة وتثبيتا لكيانها السياسي، وينسب لعبد الملك أيضا أنه أول من أمر بصك العملة الموحدة، وهو ما ضمن مزيدا من السيطرة المركزية على أطراف الدولة الأموية.
استمر حكم عبد الملك بن مروان قرابة واحد وعشرين عاما، وقد عهد الرجل ولاية العهد لابنه الوليد بن عبد الملك قبيل موته في عام 86 هجريا بعد حكم دام طويلا استطاع خلاله أن يجدد دماء الدولة الأموية ويبعث فيها الروح مرة أخرى بعد الثورات والفوضى التي نالت منها، وهو ما يعكس حقيقة أن رجال الدولة عملة نادرة تحتاج إلى رباطة جأش وقدرة على المواجهة والموازنة في آن واحد، فها هو الرجل يحيي الدولة الأموية للمرة الثانية رغم المخاطر التي واجهته والتي قضت على ممالك كانت من قبله وممالك جاءت من بعده ولكن هذه سمة رجال الدولة المتميزين.



الدوري الإيطالي: إنتر ميلان ينفرد بالصدارة

لاعبو إنتر ميلان يحيون جماهيرهم الزائرة بعد الفوز على جنوا (أ.ف.ب)
لاعبو إنتر ميلان يحيون جماهيرهم الزائرة بعد الفوز على جنوا (أ.ف.ب)
TT

الدوري الإيطالي: إنتر ميلان ينفرد بالصدارة

لاعبو إنتر ميلان يحيون جماهيرهم الزائرة بعد الفوز على جنوا (أ.ف.ب)
لاعبو إنتر ميلان يحيون جماهيرهم الزائرة بعد الفوز على جنوا (أ.ف.ب)

فاز فريق إنتر ميلان على مضيّفه جنوا بنتيجة 2 - 1 ضمن منافسات الجولة الخامسة عشرة من الدوري الإيطالي لكرة القدم الأحد.

وسجل الألماني يان بيسيك هدف تقدم إنتر ميلان في الدقيقة السادسة، وأضاف الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز الهدف الثاني في الدقيقة 38، ثم قلص الفارق لجنوا البرتغالي فيتينها بهدف في الدقيقة 68.

وقفز إنتر لصدارة الترتيب مستغلاً تعثر منافسيه بعدما تعادل إي سي ميلان في وقت سابق اليوم مع ساسولو 2 - 2، بينما خسر نابولي أمام أودينيزي صفر - 1.

ورفع إنتر ميلان رصيده إلى 33 نقطة في المركز الأول بفارق نقطة عن ميلان الوصيف، ونقطتين عن نابولي الثالث، بينما يمتلك جنوا 14 نقطة في المركز السادس عشر.


«البريميرليغ»: برينتفورد يتعادل مع ليدز

 التعادل الإيجابي حسم لقاء برينتفورد مع ضيفه ليدز يونايتد (رويترز)
التعادل الإيجابي حسم لقاء برينتفورد مع ضيفه ليدز يونايتد (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: برينتفورد يتعادل مع ليدز

 التعادل الإيجابي حسم لقاء برينتفورد مع ضيفه ليدز يونايتد (رويترز)
التعادل الإيجابي حسم لقاء برينتفورد مع ضيفه ليدز يونايتد (رويترز)

فرض التعادل الإيجابي 1 - 1 نفسه على لقاء برينتفورد مع ضيفه ليدز يونايتد في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وجاء هدفا المباراة في الشوط الثاني، وفي غضون 12 دقيقة فقط، حيث بادر النجم المخضرم جوردان هندرسون بالتسجيل لمصلحة برينتفورد في الدقيقة 70، فيما أحرز دومينيك كالفيرت ليوين هدف التعادل لليدز في الدقيقة 82.

بهذا التعادل، تقدم برينتفورد، الذي لم يحقق أي انتصار للمباراة الثالثة على التوالي في المسابقة، للمركز الرابع عشر برصيد 20 نقطة، كما ارتفع رصيد ليدز عند 16 نقطة في المركز السابع عشر (الرابع من القاع).


ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود
TT

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

أظهر بحث جديد أن الطريقتين الرئيسيتين لاكتشاف الجينات المرتبطة بالأمراض، ليستا متنافرتين كما كان يُعتقد، بل تكشفان جوانب مختلفة ومكملة من علم الأحياء. ورغم أن كلتا الطريقتين شائعتان في الأبحاث الجينية فإنهما تحددان مجموعات مختلفة من الجينات، وهو ما يحمل آثاراً مهمة على تطوير العلاجات والأدوية.

ولطالما اعتمد العلماء على الجينوم البشري الذي يضم آلاف الجينات التي تصنع البروتينات، إضافة إلى مناطق تنظيمية تتحكم في تشغيل هذه الجينات، بهدف فهم أسباب الاختلاف بين الناس في السمات، مثل الطول ولون الشعر وخطر الإصابة بالأمراض. ومع ذلك فإن معرفة أي الجينات تلعب دوراً حقيقياً في المرض لم تكن مهمة سهلة، إذ غالباً ما تشير الدراسات إلى مئات الجينات المحتملة دون أن يكون واضحاً أيها الأكثر أهمية.

طريقتان .. ورؤيتان مختلفتان

ركزت الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 بقيادة باحثين من جامعة نيويورك وجامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجامعة طوكيو، على مقارنة الطريقتين الأساسيتين لاكتشاف الجينات المؤثرة في المرض وهما:

> أولاً- دراسات الارتباط على مستوى الجينوم (GWAS) التي تحلل ملايين المتغيرات الجينية الشائعة عبر الجينوم لتحديد ما يرتبط منها بالمرض أو السمة المدروسة وتشمل الجينات والمناطق التنظيمية.

> ثانياً- اختبارات العبء الجيني Burden Tests وتركز على المتغيرات النادرة التي تُحدث تغييرات كبيرة في البروتينات وغالباً ما يكون تأثيرها قوياً، لكن انتشارها قليل في السكان.

واعتمد الباحثون على بيانات 209 سمات من بنك البيانات الحيوية البريطاني Biobank الذي يضم سجلات وراثية وصحية لمئات الآلاف من المتطوعين. وتوصلوا إلى نتيجة واضحة هي أن كل طريقة تكشف جانباً مختلفاً من بيولوجيا المرض، وكلتاهما ضرورية ومتكاملة.

> جينات دقيقة أو صورة أشمل. كما وجد الباحثون أن اختبارات العبء غالباً ما تحدد الجينات ذات التأثير المباشر على المرض نفسه، وهي جينات تتأثر بمتغيرات نادرة ذات قوة كبيرة.

أما دراسات الارتباط على مستوى الجينوم فتحدد الجينات ذات التأثيرات الواسعة أي تلك التي تؤثر في عدة سمات أو أمراض في الوقت نفسه. وتعمل هذه الجينات كمفاتيح مركزية تتحكم في عمليات بيولوجية متعددة.

وقال الدكتور حكمانش مصطفوي المؤلف المشارك للدراسة مركز علم الوراثة والجينوم البشري بكلية الطب بجامعة نيويورك: «إن دراستنا توضح سبب اختلاف نتائج الطريقتين، ولماذا يمتلك كل منهما أهمية بيولوجية. كما تمنحنا رؤية أوضح حول كيفية استخدام الاكتشافات الجينية في تطوير الأدوية».

وحول السبب وراء الاختلاف بين نتائج الطريقتين، وجدت الدراسة تفسيراً تطورياً بسيطاً هي أن بعض الجينات لها أدوار واسعة في الجسم. وعندما تتعرض لمتغيرات عنيفة أو ضارة، فقد يؤدي ذلك إلى تأثيرات كبيرة تقلل فرص البقاء أو التكاثر. ولذلك تُستبعد هذه المتغيرات تدريجياً عبر الانتقاء الطبيعي، مما يجعلها نادرة جداً ومن الصعب اكتشافها في اختبارات العبء.

أما دراسات الارتباط على مستوى الجينوم، فيمكنها اكتشاف المتغيرات التنظيمية الصغيرة التي تؤثر في نشاط الجين دون إتلافه تماماً. هذه المتغيرات أقل ضرراً، وبالتالي أكثر انتشاراً في السكان.

وكشفت الدراسة أيضاً أن القيمة الاحتمالية، وهي مقياس شائع لتحديد قوة النتائج الإحصائية ليست مؤشراً جيداً على أهمية الجين بالنسبة للمرض. وهذا مهم لأن العلماء والشركات تعتمد عليها لترتيب الجينات وتحديد المرشحة منها لتطوير العقاقير.

وقال الباحثون لا يعني هذا أن الدراسات لا توفر معلومات مهمة لكنها لم تُفسَّر سابقاً بطريقة تكشف أهمية الجين البيولوجية.

تطوير علاجات أفضل

يقترح الباحثون أن ترتيب الجينات يجب أن يعتمد على ميزتين أساسيتين: الأهمية، أي مدى تأثير الجين على المرض إذا تعطّل، والخصوصية: أي ما إذا كان الجين يؤثر في مرض واحد فقط أم في عدة سمات مختلفة.

إن فهم هاتين الخاصيتين قد يساعد في تحديد أفضل الأهداف العلاجية وتقليل مخاطر الآثار الجانبية غير المتوقعة.

> دمج البيانات الجينية مع الذكاء الاصطناعي. يعمل الفريق الآن على تطوير أدوات جديدة تستخدم التعلم الآلي لتحسين كيفية تقدير أهمية الجينات. وبدمج نتائج دراسات الارتباط على مستوى الجينوم واختبارات العبء مع الكم الهائل من البيانات المخبرية عن وظائف الجينات يمكن للذكاء الاصطناعي كشف أنماط مشتركة تسهم في تحديد الجينات الأكثر تأثيراً.

وقال الدكتور جيفري سبينس أحد المؤلفين المشاركين من قسم علم الوراثة جامعة ستانفورد الولايات المتحدة الأميركية إن ذلك سيكون ثورياً لأنه سيساعدنا على الاستفادة من بيانات المختبر لفهم الأمراض البشرية وتحديد أهم الجينات المرضية وتسريع تطوير الأدوية.

> صورة أوضح للمرض. تؤكد الدراسة أن فهم الجينات المسببة للأمراض يحتاج إلى استخدام كل من دراسات الارتباط على مستوى الجينوم واختبارات العبء، لأن كل واحدة تُظهر طبقة مختلفة من التعقيد البيولوجي. ومع تطور البيانات والتقنيات يقترب العلماء أكثر من تحديد الجينات الأكثر تأثيراً مما قد يفتح الباب أمام علاجات أكثر دقة وفاعلية.