لقاء جدة الطارئ يدعو المجتمع الدولي إلى البحث عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري

إياد مدني: مشكلة اللاجئين السوريين تعد أسوأ أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية

لقاء جدة الطارئ يدعو المجتمع الدولي إلى البحث عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري
TT

لقاء جدة الطارئ يدعو المجتمع الدولي إلى البحث عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري

لقاء جدة الطارئ يدعو المجتمع الدولي إلى البحث عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري

حث لقاء طارئ مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى المندوبين الدائمين، عقد في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة، المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن، على استئناف البحث فورا، عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري، ودعا الأطراف كافة على تكريس جهودها لتحقيق هذا الهدف كوسيلة للتخفيف من التداعيات المتفاقمة للكارثة الإنسانية.
وأعرب الاجتماع الطارئ لمناقشة الأزمة الإنسانية في سوريا والتصعيد الخطير التي تشهده مأساة اللاجئين السوريين في المنطقة وخارجها، عن القلق العميق إزاء عدم الاستقرار السياسي والفوضى المستمرين في سوريا وما نجم عنهما من كارثة إنسانية تسببت في حدوث هجرة جماعية وتزايد أعداد السوريين الفارين من بلادهم المنهكة بالأزمات.
وتتألف اللجنة التنفيذية من ترويكا القمة الإسلامية، وهي: مصر والسنغال وتركيا، وترويكا وزراء الخارجية: المملكة العربية السعودية والكويت وأوزبكستان، بالإضافة إلى الأمين العام للمنظمة.
وشدد الاجتماع على المسؤولية المشتركة لجميع الدول، وبخاصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مشيرا إلى أن أعداد اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم عدد من الدول الأعضاء في المنظمة قد تجاوز سبعة ملايين لاجئ.
ولاحظ الاجتماع أيضا أن أكثر من نصف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، على الرغم من أن الكثير من هذه الدول تستضيف الملايين من اللاجئين على أراضيها.
ودعا لقاء جدة، دول منظمة التعاون الإسلامي التي لم توقع بعد على الاتفاقية إلى الانضمام إليها، كما دعا الدول الأعضاء إلى النظر في اعتماد وثيقة قانونية لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن اللاجئين تَنشأ عنها مسؤولية والتزام قانوني للدول الأعضاء في المنظمة من أجل المساهمة في التخفيف من وطأة أزمة اللاجئين في أنحاء العالم الإسلامي.
كما دعا النظام السوري والمجتمع الدولي إلى تحمل كامل مسؤولياتهما في حماية أرواح المدنيين وسبل عيشهم، ووقف موجات الهجرة الجماعية المتواصلة للمواطنين الأبرياء، ووضع حد لإراقة الدماء، وفي هذا السياق، طالب الاجتماع مجلس الأمن الدولي إلى التحرك على وجه السرعة من خلال النظر في إنشاء عملية متعددة الأبعاد للأمم المتحدة لحفظ السلام في سوريا تمهيدًا لاستعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وناشد الاجتماع أيضًا الدول الأعضاء والمنظمات الإنسانية الدولية ذات الصلة تعزيز مساهماتها على أساس مبدأ تقاسم الأعباء. وأقر الاجتماع بأن الاحتياجات الإنسانية في سوريا لا تزال هائلة وأنه لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، خاصة فيما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط التماس.
كما ناشد الدول الأعضاء توجيه بعض مساعداتها الإنسانية عن طريق منظمة التعاون الإسلامي في إطار تعزيز العمل الإسلامي المشترك وتزويد الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بتفاصيل عن مساعداتها الإنسانية المقدمة للاجئين السوريين وعن خططها الخاصة بتقديم المساعدات في المستقبل المنظور.
وأوصى بالإسراع بعقد اجتماع وزاري قصد مناقشة واعتماد خطة عمل أو استراتيجية فيما يخص قضايا اللاجئين في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وقرر الاجتماع إبقاء قضية أزمة اللاجئين السوريين قيد نظره.
وكان إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، قد ألقى في بداية الاجتماع كلمة قال فيها إن «أزمة ملايين اللاجئين السوريين، الذين فروا من سوريا إلى البلدان المجاورة، ونزح ضعفهم من ديارهم داخليًا ووصل إلى بلدان الاتحاد الأوروبي عشرات الآلاف منهم تعد أسوأ أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية».
وأشار إلى أن المعاناة الإنسانية للشعب السوري لن تنتهي ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية قابلة للتطبيق لهذا النزاع، مشيرا إلى أنه بات من الواضح أن المعاناة الإنسانية التي يتحملها أبناء الشعب السوري منذ سنوات، تمثل تجليًا واضحًا لفشل المجتمع الدولي في حل هذه المشكلة سياسيًا مما يطيل أمد المعاناة الإنسانية التي يشهد عليها العالم اليوم.
وثمن للبلدان التي ساعدت ملايين السوريين، وجهدها في التخفيف عن معاناة اللاجئين، وعلى رأسها السعودية والأردن ولبنان وتركيا والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء، مؤكدًا أن إحصائيات تشير إلى أن بعض الدول الأعضاء استقبلت مجتمعة ما يربو على سبعة ملايين من أبناء الشعب السوري منذ اندلاع الأحداث في سوريا، آملاً من كل الدول الأعضاء التي تستضيف أعدادا من اللاجئين بيان تلك الأعداد حتى تتم مخاطبة الرأي العام العالمي وإيضاح جهود دول منظمة التعاون الإسلامي فيما يخص اللاجئين السوريين.
وأكد مدني على أن الحالة الراهنة أبرزت مرة أخرى ضرورة النظر في إنشاء صندوق منظمة التعاون الإسلامي الإنساني للطوارئ، لمعالجة الأزمات الإنسانية التي تشهدها البلدان الأعضاء في المنظمة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.