حزب الله يجدد تمسكه بعون ويطالب بـ«لبننة» الاستحقاق الرئاسي

البطريرك الراعي يعبر عن قلقه من «عدم الاكتراث» بالفراغ الرئاسي

حزب الله يجدد تمسكه بعون ويطالب بـ«لبننة» الاستحقاق الرئاسي
TT

حزب الله يجدد تمسكه بعون ويطالب بـ«لبننة» الاستحقاق الرئاسي

حزب الله يجدد تمسكه بعون ويطالب بـ«لبننة» الاستحقاق الرئاسي

لا تزال معظم المواقف السياسية تؤكّد على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وملء الفراغ المستمر منذ أكثر من سنة وأربعة أشهر بفعل الانقسامات السياسية حوله وارتباطه بقضايا إقليمية، فيما لا يبدو أن انفراجا قريبا سيطرأ على هذا الملف الذي سيكون كذلك موضوع بحث بين رؤساء الكتل النيابية بعد غد الأربعاء في الجلسة الثانية من الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكانت جلسة الحوار الأولى قد عقدت الأربعاء الماضي، من دون أن تصدر عنها أي نتائج في ظل تمسك كل فريق بموقفه، وارتكز البحث خلالها بين المتحاورين على «البند الأول في جدول الأعمال المتمثل بانتخاب رئيس والخطوات المطلوبة للوصول إليه»، وفق ما جاء في بيان مقتضب بعد انتهاء الجلسة.
ويوم أمس، أعرب البطريرك الماروني بشارة الراعي عن قلقه مما وصفه بـ«عدم الاكتراث» بموضوع رئاسة الجمهورية، سائلا خلال زيارة له لقرى قضاء عاليه في جبل لبنان: «كيف يمكن أن تكون هناك جمهورية من دون رأس وبمجلس نواب مشلول وحكومة شبه مشلولة والنفايات في كل مكان؟». ورأى الراعي أن «الهوة عميقة بين الشعب والمسؤولين، والمطلوب ردمها، وعلى السلطة المدنية والجماعة السياسية أن تواكب الشعب في مرحلة البناء».
من جهته، اعتبر النائب في حزب الله نواف الموسوي، أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون هو من يتمتع بالقاعدة الشعبية الواسعة ويستطيع إعادة الحق إلى أصحابه، بينما دعا وزير الصناعة حسين الحاج حسن، المحسوب على حزب الله، إلى «لبننة الاستحقاق الرئاسي بعيدا عن التدخلات الخارجية».
وقال الحاج حسن خلال تدشين «دوار شهداء غرب بعلبك»: «نحن أمام مرحلة صعبة، لذلك نحن مدعوون لإنجاح الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإنجاح بعض المخارج بانتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل عمل مجلس النواب والحكومة، ونحن في حزب الله نريد انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد». وأضاف: «الدولة أصبحت في زمن لا تحسد عليه، لا رئيس منتخب أو مجلس نيابي يجتمع ولا حكومة تنتج بفضل الأزمة السياسية التي تضرب بلدنا، وبفعل الضغوط الخارجية التي عطلت الحلول ومنعت الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية يمثل اللبنانيين جميعا».
بدوره، رأى وزير المالية علي حسن خليل، المحسوب على «حركة أمل»، أن «الدعوة إلى الحوار الوطني، التي أطلقها بري، ليست بديلا عن عمل أي مؤسسة من المؤسسات الدستورية، لأنه لا يريدها هكذا، لا بديلا عن المجلس النيابي ولا عن عمل الحكومة، بل هي إطار تلتقي فيه القيادات السياسية لتحاول مساعدة المؤسسات الدستورية في الخروج من أزمتها، والدفع في اتجاه معالجة القضايا الأساسية المتصلة بانتخابات رئاسة الجمهورية، وصولا إلى أصغر تفصيل يمكن أن نعطيه دفعا من خلال طاولة الحوار».
وقال خلال رعايته حفل تكريم طلاب في بلدة كفركلا الجنوبية قضاء مرجعيون «رغم كل المعوقات نتمنى أن يحقق هذا الحوار اختراقا حقيقيا في جدار أزمتها السياسية، وألا يفتح فقط أبواب التواصل، بل أن يفتح باب الحلول على القضايا المستعصية».
من جهته، شدد النائب أنطوان زهرا على «ضرورة بقاء الحكومة الحالية وعدم استقالتها إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، رغم عجزها عن إيجاد حلول للأزمات كافة من النفايات إلى الكهرباء وغيرهما بسبب الفساد المستشري»، معتبرا في حديث إذاعي أن «رفض الحراك المدني لجميع الحلول يظهر أن هذا التحرك لم يعد بهدف حل النفايات بل لإرباك الحكومة على المستويات كافة».
وسأل زهرا، النائب في كتلة «حزب القوات» التي قاطعت الحوار بعدما سبق لها أن رفضت المشاركة في الحكومة: «لماذا نشارك في الحوار إذا كان ممنوعا عقد جلسة تشريعية وانتخاب رئيس؟ في حين أن حل المشاكل يبدأ من هناك»، معتبرا أن «استيعاب الحراك في الشارع يكون بحل أزمة النفايات وليس من خلال طاولة الحوار». وإذ أوضح أن «القوات اللبنانية لا توافق على مقاربة التيار الوطني الحر للملف الرئاسي من خلال انتخاب الشعب للرئيس»، اعتبر أن «الرئيس القوي هو الشفاف والذي يتعاون الجميع معه لو لم يكن هناك إجماع حوله».
ونفى أن تكون زيارات رئيس «القوات» سمير جعجع إلى الخارج بهدف وصوله إلى سدة الرئاسة «بل لتأكيد الصداقات مع لبنان والمحافظة على الاستقرار».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.