عملة «داعش» الذهبية.. دعاية جديدة بلا مقومات اقتصادية

شكوك بأنها مطلية فقط ما دفع البنوك لرفضها

عملة «داعش» الذهبية.. دعاية جديدة بلا مقومات اقتصادية
TT

عملة «داعش» الذهبية.. دعاية جديدة بلا مقومات اقتصادية

عملة «داعش» الذهبية.. دعاية جديدة بلا مقومات اقتصادية

بث تنظيم داعش شريط فيديو جديدا يظهر كيف يقوم التنظيم الإرهابي المتطرف بسك دنانير الذهب وتوزيعها، ومنذ ذلك الحين طرحت علامات استفهام حول خطط التنظيم على هذا الصعيد.
الموضوع في حد ذاته ليس بالموضوع الجديد، إذ سبق تداوله في بعض وسائل الإعلام خلال العام الماضي. وفي 29 أغسطس (آب) نشر الموقع الإلكتروني لإحدى كبريات الصحف العربية شريط فيديو يظهر أحد عناصر الجناح العسكري في التنظيم يتباهى بأن دنانير الذهب الجديدة ستجتاح الولايات المتحدة، «وسوف تدمر نظام الولايات المتحدة المالي»، ساردا تاريخ العملات النقدية، ومدينا «نشأة الأوراق المالية التي تعود إلى مخططات المصارف الشيطانية»، وفق زعمه. غير أن هذا الفيديو الذي أطلقت عليه تسمية «صعود الخلافة وعودة دينار الذهب»، ما لبث أن حذف بعد أيام قليلة فقط من بثه، ولم يبق سوى جزء بسيط فقط منه على شبكة الإنترنت.
تبلغ مدة النسخة الأصلية من الفيديو ساعة واحدة، وهو يتوجه إلى المناصرين المسلمين ويزعم أن غايته استرجاع «العصر الذهبي» و«عصر النبي محمد» (صلى الله عليه وسلم)، مؤكدا رفض «داعش» استخدام ما يصفه بـ«نظام الكفار»، أي العملات الورقية غير المدعومة من الذهب.
وتبين النسخة القصيرة من الشريط المصور مسلحين من التنظيم المتطرف أو بعض سكان المناطق التي يسيطر عليها - ويطلق عليها اسم «الدولة الإسلامية»، - وهم يشيدون بفكرة العملات الذهبية والفضية المسكوكة حديثا. كذلك، يزعم التنظيم أنه يتبع مبادئ الخليفة عبد الملك بن مروان في عملية سك الذهب.
يظهر الجزء المختزل من شريط الفيديو مجموعات من أفراد «داعش» وهي تجوب الطرق مستعرضة النقود المسكوكة حديثا على المسلحين والمدنيين، وبعض منهم يرافقهم أطفالهم الذين يبتسمون بمجرد رؤية الدنانير الذهبية. ويشرح أحد الرجال في شريط الفيديو أن هذه العملة سوف تحرر المسلمين من «المصارف الشيطانية التابعة للولايات المتحدة». ويظهر فيه الرجال وهم مبتسمون ومعجبون بالعملة الجديدة. ويشير أحد المسلحين إلى أن «هذا الدينار سيكون الضربة القاضية على الدولار، وهي بشرى خير»، في حين يعتبر آخر أن هذه العملة الجديدة ستهزم «الدولار الشيطاني». ويشرح ثالث كيف أن العملة الذهبية تحافظ على قيمتها وأن قيمتها تفوق قيمة الفئات الورقية في المصارف. وأخيرا، يظهر الفيديو طفلا مبتسما ينظر إلى العملة، يليه مقطع موسيقي مخصص لمقاتلي التنظيم.
تضم عملة «داعش» الجديدة المسكوكة من الذهب والفضة والنحاس عدة فئات. وكان «داعش» قد أعلن عن فئة الدينار عيار 21 قيراطا وتزن القطعة 4.25 غرام، في حين تبلغ فئة الخمسة دنانير 21 قيراطا وتزن القطعة 9.50 غرام. هذا وقد عمد التنظيم إلى سك ثلاث قطع من فئات الدراهم الفضية وفئتين من النقود النحاسية للمعاملات الصغيرة على حد قوله. وتجدر الإشارة إلى أن «داعش» كان قد أعلن منذ فترة طويلة إصداره عملته الخاصة، وأظهرت التصاميم التي ستعتمد في بيان أصدره في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعمم الصور المزعومة للعملة في يونيو (حزيران) الماضي. ويقول صاحب متجر وهو يعانق ويقبل أحد مقاتلي «داعش»، في الفيديو، إننا «نشهد عودة الأيام المجيدة تلك التي كانت سارية في عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)».
ولكن، على الرغم من ذلك، يشكك اليوم الخبراء بطبيعة هذه العملة الجديدة. إذ يعد تشارلي وينتر، وهو خبير في شؤون الإرهاب من مؤسسة «كيليم البريطانية»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المخطط مشبوه، كما أنه أداة دعائية أخرى يستعملها (داعش)». كذلك، يرى الباحث كولن كلارك، من مؤسسة «راند» وهي مركز أبحاث مقره العاصمة الأميركية واشنطن، أن «خطة داعش ليست واقعية أبدا، بما أن أيا من البلدان الأخرى سيستعمل عملته في الاقتصاد العالمي». ويضيف كلارك: «لا أحد يعرف ما هي في الواقع قيمة هذه القطع النقدية، وليس ثمة احتياطات مقابلها تدفع مستخدمي هذه العملة والمتداولين بها إلى الشعور بالثقة والاطمئنان. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ، مع ذلك، أن تنظيم داعش يجمع ويصرف معظم أمواله داخليا، وهذا على الأرجح أحد الأسباب الذي يدفع التنظيم إلى الاعتقاد أن هذه الخطة قد تنجح».
من ناحية ثانية، في الوقت الذي يعتد سك القطع النقدية أمرا سهلا نسبيا، فإن ثمة عقبات كثيرة تعترض «داعش» عند استبدال الدولار الأميركي أو الليرة السورية. وهنا يتحدث كلارك عن كثير من العقبات، مؤكدا أن إدخال عملة جديدة أمر صعب للغاية، ثم يشرح مفصلا «ما البنوك التي ستقبل هذه العملة؟ هل ستتقلب قيمتها مع الأسواق العالمية، أم تبقى ثابتة بغض النظر عن عوامل أخرى؟ من سيتحكم بإصدار العملة؟ وكيف سيستطيع هذا الكيان السيطرة على التضخم والإفراط في الإصدار؟ هذه ليست سوى بعض من الأسئلة البسيطة جدا التي لا تزال من دون إجابة. وعلى الرغم من أن التنظيم قد يضم في صفوفه بعض الأفراد من ذوي الكفاءة العالية، فإن التخطيط لكمين يتطلب مهارة مختلفة تماما عن طرح أجندة اقتصادية شاملة» وفق كلارك.
ثم هناك مشكلة ثانية، ترتبط بإصدار العملات تتمثل في ضرورة تأمين كمية كبيرة من المعادن، وهذا أمر عسير جدا على تنظيم مثل «داعش» يعد معزولا دوليا. وعن هذه النقطة يتساءل تشارلي وينتر «هل لدى التنظيم ما يكفي من احتياطات الذهب والفضة لإنتاج القطع النقدية لملايين من الناس يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرته؟». وكان الموقع العراقي «نقاش» قد أورد أخيرا أن العاملين المحليين في قطاع الذهب في الموصل، المدينة التي كانت تضم سوق الذهب الكبرى في العراق، يؤكدون أن دنانير «داعش» هذه ليست من الذهب الخاص، بل أخبروا الموقع أن «الأمر كله مجرد خدعة»، مضيفين أن هذه «الدنانير مصنوعة من معدن مطلي بذهب عيار 21 قيراطا». وشكلت هذه المعلومات وفق الموقع صدمة للسكان الذين كانوا قد بدأوا يستبدلون بعضا من أموالهم بالعملة المسكوكة. «وإذا ثبتت صحة هذا الأمر سيكون (داعش) في وضع محرج جدا ما سيؤدي إلى زعزعة الثقة فيه» وفق وينتر، الذي يتحدث عن مشكلة ثالثة هي القيمة المرتفعة المعطاة للعملات الذهبية والفضية، التي تجعل من استخدامها غير عملي إطلاقا.
من ناحية أخرى، سيواجه «داعش» صعوبات في فرض استخدام العملة الجديدة؛ إذ سيحاول التنظيم فرض ذلك من خلال الطريقة الوحيدة التي يعتمدها عادة، ألا وهي بث الخوف والذعر. وسيعتمد، على الأرجح، أسلوب إدماج العملة الجديدة ببطء، معاقبا الذين يرفضون استخدامها. ولكن، وفق كلارك «في نهاية الأمر، لا يدخل العنف والترهيب ضمن السياسات النقدية والمالية السليمة».
جدير بالذكر أن «داعش» يحصل على المال، في المقام الأول، عن طريق الابتزاز وفرض الضرائب والإتاوات، بالإضافة إلى عمليات الخطف والاستفادة من عوائد النفط. وفي الفيديو يقول المتحدث إن «التنظيم سيقبل الذهب فقط مقابل بيع النفط»، ولكن في رأي وينتر «إذا حاول (داعش) ذلك حقا ولجأ إلى استخدام الذهب حصرا في الأنشطة التجارية، ولا سيما بيع النفط، ستكون النتيجة زيادة تعقيد مهمته في بيع المنتج الأساسي الذي يمثل المصدر الرئيسي للدخل له، إن لم يكن عرقلتها تماما». ويختتم وينتر بالقول: «سواء جرى استخدام هذه العملة بالفعل أم لا، فإنها ستظهر مجددا في حملة الزكاة المقبلة التي سيقوم بها (داعش)، وسيكون من المفيد معرفة ما إذا كانت عناصره ستستخدم بالفعل الدينار الذهبي أم ستظل تتداول بالدولار الأميركي والليرة السورية».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».