الرئيس المصري يدافع عن رئيس حكومته المستقيل ويبدي انزعاجه من قيود دستورية

مصادر مطلعة لـ {الشرق الأوسط} : التغيير يطال أكثر من نصف الوزراء القدامى

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
TT

الرئيس المصري يدافع عن رئيس حكومته المستقيل ويبدي انزعاجه من قيود دستورية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

في أول إشارة لانزعاجه من قيود دستورية، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس إن الدستور «كتب بنوايا حسنة، والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط». ومشددا على ضرورة معالجة ملف الفساد بـ«موضوعية وحذر»، ودافع السيسي عن رئيس الحكومة المستقيل إبراهيم محلب. يأتي هذا في وقت قالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء المصري المكلف شريف إسماعيل، يعتزم تغيير أكثر من نصف وزراء الحكومة المستقيلة.
وتحدث السيسي في كلمة تطرقت لعدد من الموضوعات أمام حشد من الطلاب ضمن فعاليات أسبوع شباب الجامعات المصرية العاشر، في مقر جامعة قناة السويس، ليستأنف تقليدا درج عليه رؤساء البلاد السابقون.
وفي مسعى على ما يبدو للدفاع عن رئيس حكومة تسيير الأعمال إبراهيم محلب، الذي قبلت استقالته أول من أمس، بعد أيام من القبض على أحد أعضاء حكومته في قضية فساد، قال السيسي إنه في حاجة لجهود محلب إلى جواره، مضيفا أنه «ليس من المعقول أن تتسبب مشكلة في ضياع جهد الناس.. لا بد كمصريين أن ننتبه لتعليقاتنا وردود أفعالنا».
ودعا الرئيس المصري إلى التعامل مع ملف الفساد بشكل موضوعي وبحذر دون الإساءة إلى أحد، مشددًا على أنه لا تستر على الفساد. وقال السيسي في إشارة للصعوبات الاقتصادية التي تواجهه: «لم يعد هناك شيء يأخذه الفاسدون».
وقال الرئيس في كلمته إن «الدستور المصري كتب بنوايا حسنة.. والبلاد لا تحكم بحسن النوايا فقط، إما إعاقة وإما فرصة جيدة لمستقبل أفضل»، مطالبا الشباب بالمشاركة الإيجابية في الاستحقاق النيابي المقبل.
وأكد السيسي أن مصر «قدمت رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة كل ما تستطيع لاستضافة أشقائنا من سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا».
وقال إن «هناك 5 ملايين لاجئ يعيشون في مصر بكل الحب ونقتسم معهم ما لدينا حتى لو كان غير كثير، ونتعامل معهم على أنهم جزء منا، ونستضيف على الأقل 500 ألف سوري، واستقبلناهم في هدوء دون ضجة إعلامية ولا نتحدث عن ذلك بالتفصيل حتى لا نسيء إلى أحد».
وأضاف السيسي أن هناك مؤسسات دولية توقفت عن رعاية اللاجئين لأن الأعداد ضخمة، مشددًا على ضرورة المحافظة على الدولة المصرية كهدف استراتيجي، قائلا: «لا نريد أن نتحول إلى أمة لاجئين».
وفيما بدا انتقادا لاحتجاجات موظفي الدولة على قانون الخدمة المدنية، قال السيسي إنه «عندما أجد البعض يريد تنظيم وقفات للمطالبة ببعض المطالب، فإني أدعوه لأن يدرك ما يقوم به، وهذا لا يعني رفض الاستماع إلى آرائهم ولكن لا بد أن يكون لدينا معرفة بالواقع الحقيقي لبلادنا حتى يمكن تفهم ما يواجهنا من تحديات»، مؤكدا أن البلاد إذا كانت تستطيع أن تلبي مطالب مواطنيها فإنها ستقوم بذلك لصالح شعبها وشبابها لتوفير مستوى مناسب من التقدم والرفاهية.
وأعلن الرئيس المصري عن إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، والذي يهدف إلى تخريج قيادات شابة قادرة على الإدارة وتولي المسؤولية والمناصب القيادية وفقا لأساليب الإدارة الحديثة.
وقال السيسي إن البرنامج يهدف إلى تأهيل 2500 شاب وشابة سنويا كمرحلة أولى، مشيرا إلى أن الدولة المصرية صادقة في تمكين الشباب، وأن مصر الجديدة ماضية نحو المستقبل الذي يمثله الشباب الواعد.
وفي غضون ذلك، قالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء المصري المكلف شريف إسماعيل، يعتزم تغيير أكثر من نصف وزراء الحكومة المستقيلة، والتي تتولى حاليا مهمة تسيير الأعمال لحين الانتهاء من التشكيل الجديد وأداء اليمين الدستورية، مع الإبقاء على وزراء المجموعة السيادية وهي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، موضحة أن مشاورات التشكيل قد تستمر يومين على الأقل من أجل الاستقرار على الأسماء النهائية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد كلف وزير البترول شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة الجديدة، عقب الاستقالة المفاجئة لحكومة محلب أول من أمس السبت، والتي جاءت بطلب من الرئيس. وقال بيان للرئاسة إن «السيسي كلف إسماعيل باتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو تشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع من تاريخه».
وكان إسماعيل قد بدأ مشاورات تشكيل حكومته أمس. وقال في تصريحات صحافية إن من أولويات حكومته «وضع برنامج عاجل ومحدد لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، وإنها ستركز على النهوض بالخدمات المقدمة للمواطن»، مشددا على أن حكومته «ستركز على تفعيل التعاون مع جميع الأجهزة المعنية للنهوض بجميع قطاعات الدولة وتحسين مستوى ونوعية الخدمات المقدمة للمواطن وللمستثمر».
وتوقعت المصادر بقاء الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، واللواء مجدي عبد الغفّار، وزير الداخلية، وسامح شكري وزير الخارجية، وهاني قدري وزير المالية، في مواقعهم. كما توقعت استمرار محمد شاكر، وزيرا للكهرباء والطاقة، بعد النجاح الكبير الذي حققه في القضاء على أزمة الكهرباء التي عاشتها البلاد على مدار الأعوام الماضية.
وضمن الوزراء المتوقع استمرارهم أيضا، حسام كمال وزير الطيران، وخالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، وحسام المغازي وزير الموارد المائية والري، والذي يتولى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي حاليا لحين تعيين وزير جديد.
وقالت المصادر إن أبرز الوزراء المشمولين بالتغيير هم (الأوقاف، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والصحة، والاستثمار، والنقل، والثقافة، والقوى العاملة، والآثار، والتعاون الدولي، والإسكان، والتجارة والصناعة، والاتصالات، والسياحة)، بالإضافة إلى تعيين وزير زراعة جديد وآخر للبترول.
في السياق ذاته، كشف استطلاع للرأي أجري قبيل استقالة حكومة محلب، عن تدني شعبيتها وعدم الرضا عن أدائها. وأظهر الاستطلاع الذي أجراه «المركز المصري لبحوث الرأي العام» (بصيرة) ونشره أمس أن 53 في المائة فقط من المواطنين يرون أن أداء رئيس مجلس الوزراء المستقيل إبراهيم محلب «جيد». وأجري الاستطلاع قبل استقالة محلب بيومين في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر (أيلول) الحالي على عينة حجمها 1545 مواطنا في الفئة العمرية 18 سنة فأكثر، بكل المحافظات، عن طريق الهاتف المنزلي والجوال.
وقال ماجد عثمان، مدير المركز، إنه خلال الفترة التي تجاوزت 18 شهرا شهد تقييم المصريين لأداء محلب «تذبذبًا»، مشيرا إلى أن أقل نسبة حصل عليها محلب هي 50 في المائة، بعد 6 أشهر من توليه الوزارة، في حين كانت أعلى نسبة هي 70 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي.
وبحسب الاستطلاع، اعتبرت نسبة لم تتجاوز 3 في المائة أن أداء محلب سيئ، مقابل 17 في المائة يرون أنه متوسط و26 في المائة أجابوا بأنهم لا يعرفون.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.