عشرات الجرحى في أسوأ تخريب إسرائيلي في المسجد الأقصى منذ عام 1969

اتهامات لتل أبيب ببدء تطبيق مخطط التقسيم.. وتحذير من حرب دينية

امرأة فلسطينية ترفع نسخة من المصحف الكريم بوجه عناصر أمن إسرائيليين يسدون شارعا يؤدي إلى المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)، فلسطيني يخرج سجادة محترقة من داخل المسجد الأقصى بعد الاعتداء الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية ترفع نسخة من المصحف الكريم بوجه عناصر أمن إسرائيليين يسدون شارعا يؤدي إلى المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)، فلسطيني يخرج سجادة محترقة من داخل المسجد الأقصى بعد الاعتداء الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الجرحى في أسوأ تخريب إسرائيلي في المسجد الأقصى منذ عام 1969

امرأة فلسطينية ترفع نسخة من المصحف الكريم بوجه عناصر أمن إسرائيليين يسدون شارعا يؤدي إلى المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)، فلسطيني يخرج سجادة محترقة من داخل المسجد الأقصى بعد الاعتداء الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية ترفع نسخة من المصحف الكريم بوجه عناصر أمن إسرائيليين يسدون شارعا يؤدي إلى المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)، فلسطيني يخرج سجادة محترقة من داخل المسجد الأقصى بعد الاعتداء الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)

نفذت القوات الإسرائيلية أمس اعتداء شرسًا على المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، أسفر عن إصابة نحو 50 شخصًا، بينهم نساء وأطفال. وجرى تخريب عدد من المعالم الأثرية وإحراق بعض السجاد، كما طردت قوات الاحتلال وللمرة الأولى الحراس الأردنيين في الموقع.
وجاء ذلك وفق خطة مرسومة سلفًا، بدأت بزيارة استفزازية للمستعمرين اليهود بقيادة وزير الزراعة، أوري أرئيل، وهو نفسه مستوطن مستعمر في الضفة الغربية. واعتبرت القيادات الفلسطينية هذا الاعتداء بمثابة تطبيق عملي لمخطط تقسيم الأقصى بين اليهود والمسلمين، كما هو حال الحرم الإبراهيمي في الخليل. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتهم إسرائيل الجمعة بالسعي إلى تقسيم المسجد «زمانيًا ومكانيًا»، مؤكدًا أن هذا «لن يمر».
وبدأ الاعتداء بانتشار قوات كبيرة تقدر بألف عنصر من الشرطة وحرس الحدود، إضافة إلى العشرات من رجال الشاباك (المخابرات الإسرائيلية)، منذ ساعات الفجر في البلدة القديمة، وطوقت الحرم القدسي الشريف من جميع جهاته، وأغلقت البوابات، ومنعت دخول المصلين. ثم بدأت تدخل المستعمرين اليهود كمجموعات، عبر باب المغاربة، إلى باحة الأقصى، للصلاة بمناسبة عيد رأس السنة العبرية، الذي بدأ أمس. وكان في مقدمة هؤلاء المصلين، الوزير أرئيل، المعروف بدعوته لتقسيم الأقصى وإتاحة الصلاة لليهود في باحاته، علمًا بأن اليهود يصلون عادة أمام حائط البراق (المبكى).
وعندما اقترب المستعمرون من المسجد، خرجت مجموعة كبيرة من الشباب الفلسطيني، نجحوا في التسلل إلى الأقصى، على الرغم من حصار قوات الاحتلال. وراحوا يهتفون «الله أكبر» و«بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، فاغتاظ رجال الشرطة، وأسرعوا في إخراج المصلين اليهود، وراحوا يطلقون الغاز المسيل للدموع والعيارات المطاطية، ويطردون الشباب والصبايا، وحتى الأطفال، ويعتدون عليهم بضرب انتقامي عنيف.
وقال الشيخ حسام أبو ليل، النائب الثاني لرئيس الحركة الإسلامية، الذي كان شاهدًا على ما جرى: «إن قوات كبيرة تابعة للاحتلال الإسرائيلي هاجمت المرابطين والمعتكفين في المسجد الأقصى، منذ الفجر، بشكل غير مسبوق. وبدا واضحًا أنه اعتداء مخطط سلفًا، فقد انهالت علينا مئات قنابل الدخان الخانقة وقنابل الصوت، وغيرها، وأخلوا المسجد من المرابطين بالقوة، وذلك من أجل اقتحام أماكن وجودهم داخل الحرم القدسي. وكان من نتائج اعتداءاتهم تدمير أبواب المسجد الأقصى وشبابيكه التاريخية والأثرية في الجهة القبلية، بواسطة قضبان حديدية، ومن ثم أطلقوا من خلال الفتحات قنابلهم باتجاه المرابطين».
ودارت اشتباكات تخللها كر وفر، وحضر في هذه الأثناء عدد من النواب العرب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، منهم د. أحمد الطيبي ود. جمال زحالقة، وأسامة السعدي من «القائمة المشتركة»، وتعرضوا للاعتداء عليهم أيضًا. كما اعتدوا على الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى المبارك، وكذلك على حراس المسجد الأقصى الأردنيين، ثم قاموا بإخراجهم من باحاته، في خطوة غير مسبوقة.
وذكر رضوان عمرو، رئيس قسم المخطوطات والتراث في المسجد الأقصى، أن 32 من نوافذ المسجد دمرت بالكامل أو لحقت بها أضرار وان أحد الأبواب دمر، بينما احترق السجاد في 12 موقعًا.
وأضاف في اتصال هاتفي مع وكالة «رويترز»: «ما حصل اليوم في المسجد الأقصى لم يحصل منذ عام 1969. أنا قمت بجولة مع رئيس قسم الإعمار في المسجد وقدرنا هذه الأضرار أنها بحاجة إلى ثلاث سنوات من العمل المتواصل». وتابع: «الأبواب الخشبية دمرت. أحد الأبواب قلع بالكامل ورمي على الأرض وهناك سبع أو ثماني نوافذ مدمرة بالكامل وهناك معظم النوافذ الخشبية والزجاج نحو 25 أو 30 مدمرة بالكامل. هناك حرائق في أكثر من 12 موقعًا في السجاد داخل المصلى القبلي، إضافة إلى حريق في غرف الحراس، وهناك تدمير كامل في الإنذار المبكر للحرائق في المصلى القبلي».
بدوره، قال قاضي قضاة فلسطين، د. محمود الهباش، إن الاعتداء بالطريقة التي تم فيها، يوضح بما لا يقبل الشك أن الاحتلال قرر التقسيم عمليًا. وأضاف: «هذا يعني أن إسرائيل تبادر إلى شن حرب دينية». وحذر الهباش العالم، والغرب بشكل خاص، من خطورة اندلاع حرب دينية، وقال: «إننا لا نريدها. لكن الصمت الدولي سيجعل هذه الحرب تتطور، إلى أن يبدأ لهيبها في إحراق الأخضر واليابس. والأحمق هو الذي لا يدرك أن حربًا كهذه ستصيب الغرب أيضًا، ولن تقتصر على الشرق الأوسط وفلسطين».
بدوره، قال النائب أحمد الطيبي، إن الاحتلال الإسرائيلي كان قد وعد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في عمان، قبل نحو السنة، بألا يتم تغيير الوضع القائم في الأقصى، وألا يدخل وزراء إسرائيليون إلى الحرم القدسي «وها هو ينكث العهد». وتوجه الطيبي إلى العالم قائلاً: «نحن نرابط في الأقصى ليل نهار. لكن الرباط، على أهميته القصوى، لم يعد كافيًا لحماية الأقصى. فهناك مخطط إسرائيلي واضح، أن يسرقوا قسمًا من الأقصى أيضًا، وإن لم يتم التصدي له فإنهم سيواصلون تنفيذه».
من جهة ثانية، أكد وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، الشبهات حين قال: «حان الوقت لتنظيم صلوات اليهود في جبل البيت (باحات الأقصى)». وطالب بسن قانون لفرض الاعتقال الإداري على المرابطين والمرابطات في الأقصى الذين يتصدون للمستعمرين.
وأدانت الحكومة الأردنية اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى. وعبر وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق، الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، عن رفض الأردن المطلق لهذه الأعمال، محذرًا من محاولات استمرار تغيير الأمر الواقع من قبل إسرائيل. وطالب المومني في بيان أصدره، الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن استفزازاتها ومنع الاعتداءات على الأماكن المقدسة، مؤكدًا أن الأردن سيستمر بالتصدي لكل المحاولات والإجراءات الإسرائيلية ضد الأماكن الإسلامية والمسيحية، والقيام بواجبه تجاه المسجد الأقصى. وجدد التأكيد على ضرورة الالتزام بنتائج اللقاء الثلاثي، بين الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بالحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال، واحترام الدور الأردني الهاشمي التاريخي في الحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس ورعايتها. وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. وقال فراس الدبس من دائرة الأوقاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه المرة الأولى التي يقومون فيها بإجلاء كل الحراس»، موضحًا: «أصيب اثنان منهم بالرصاص المطاطي». وأضاف: «أصيب مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني أيضًا وتم اعتقاله». وبحسب الدبس فإن «الشرطة التي كانت على السطح قامت بكسر نوافذ تاريخية من أجل إطلاق قنابل اليدوية داخل المسجد».
وفي وقت لاحق أمس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد المواجهات أنه يريد الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى. وقال نتنياهو في بيان، إن «إسرائيل ستتحرك بكل الوسائل للحفاظ على الوضع الراهن في جبل الهيكل»، الاسم الذي يطلقه اليهود على المسجد الأقصى. ونبه نتنياهو إلى أن «من واجبنا ونحن قادرون على التحرك ضد مثيري الشغب لإتاحة حرية الصلاة في هذا المكان المقدس. سنتحرك بحزم ضد رماة الحجارة وزجاجات المولوتوف».
والوضع الراهن الموروث من حرب 1967 يجيز للمسلمين الوصول إلى المسجد الأقصى في كل ساعة من ساعات النهار والليل، ولليهود بدخوله في بعض الساعات، لكن لا يجيز لهم الصلاة هناك. ويسمح لغير المسلمين بزيارة المسجد الأقصى من الساعة السابعة صباحًا حتى الحادية عشرة صباحًا يوميًا ما عدا الجمعة والسبت.
وجرت صدامات مماثلة في نوفمبر الماضي اتخذت السلطات الإسرائيلية على أثرها قرارًا نادرًا بإغلاق باحة المسجد الأقصى مما تسبب بأزمة دبلوماسية مع الأردن.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.