ناشطون ينتقدون بطء الولايات المتحدة في دراسة ملفات اللجوء

رغم تعهد أوباما باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري خلال العام المقبل

سورية تغير ملابس ابنها بالقرب من مخيم مؤقت لطالبي اللجوء بعد عبور الحدود الصربية - المجرية بالقرب من مدينة روزك، جنوب المجر، أمس (أ.ب)
سورية تغير ملابس ابنها بالقرب من مخيم مؤقت لطالبي اللجوء بعد عبور الحدود الصربية - المجرية بالقرب من مدينة روزك، جنوب المجر، أمس (أ.ب)
TT

ناشطون ينتقدون بطء الولايات المتحدة في دراسة ملفات اللجوء

سورية تغير ملابس ابنها بالقرب من مخيم مؤقت لطالبي اللجوء بعد عبور الحدود الصربية - المجرية بالقرب من مدينة روزك، جنوب المجر، أمس (أ.ب)
سورية تغير ملابس ابنها بالقرب من مخيم مؤقت لطالبي اللجوء بعد عبور الحدود الصربية - المجرية بالقرب من مدينة روزك، جنوب المجر، أمس (أ.ب)

تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن تستقبل بلاده خلال 12 شهرا 10 آلاف لاجئ سوري، وذلك بعد تعرضها لانتقادات بعدم بذل جهود كافية في مواجهة أزمة اللاجئين السوريين.
وسيشكل ذلك زيادة كبيرة في عدد الأسر الوافدة إلى الأراضي الأميركية. فمنذ أربع سنوات على اندلاع النزاع في سوريا لم يتجاوز عدد اللاجئين الذين استقبلتهم الولايات المتحدة 1800 شخص. إلا أن العراقيل جعلت عملية قبول الذين تم تسجيل أسمائهم وحصلوا على موافقة مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين تطول حتى عامين تقريبا لكل حالة.
وفر أكثر من 4 ملايين شخص من النزاع الدائر في سوريا منذ العام 2011، يقيم غالبيتهم في مخيمات في الأردن وتركيا ولبنان وسوريا والعراق تابعة لمفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين. وتمت إحالة ملفات 18 ألفا من هؤلاء إلى الولايات المتحدة لإيوائهم نظرا لأوضاعهم العائلية أو لإصابتهم الجسدية.
وعند تسلم وزارة الخارجية لملفاتهم، تقوم بتوظيف متعاقدين من منظمات غير حكومية لدراسة ما إذا كان أصحاب الملفات يستوفون الشروط للحصول على وضع لاجئين، قبل خضوعهم لفحوصات طبية ومراجعات أمنية. كما يتوجه مسؤولون من هيئة الأمن الداخلي من واشنطن إلى المخيمات لإجراء مقابلات مع المرشحين على أمل استبعاد من وصفهم مسؤول أميركي بالقول «الكذابين والمجرمين والإرهابيين». كما أعلن مسؤول آخر في وزارة الخارجية الأميركية أمام صحافيين أن «اللاجئين يخضعون لأعلى مستويات التدقيق الأمني مقارنة بكل فئات المسافرين إلى الولايات المتحدة».
وفي الوقت ذاته، يخضع المرشحون لفحوصات طبية ويتلقى المصابون بأمراض معدية، وغالبا ما يكون المرض هو السل، علاجا طبيا قبل أن يتمكنوا من السفر إلى الولايات المتحدة مما يؤدي في غالب الأحيان إلى إطالة العملية أكثر. وتستغرق العملية حاليا بين 18 و24 شهرا منذ الوقت الذي ترفع فيه مفوضية اللاجئين توصية لإيواء لاجئ وسفره إلى الولايات المتحدة. وكلفة التحقق من ملفات اللاجئين السوريين ليست واضحة، إلا أن الحكومة الأميركية أنفقت 1.1 مليار دولار العام الماضي لإعادة توطين 70 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم أو قرابة 16 ألف دولار للشخص الواحد.
وأشار منتقدو الولايات المتحدة إلى أن عملية إيواء اللاجئين العشرة آلاف الذين تعهد أوباما باستقبالهم إذا كانت ستستغرق قرابة عامين لكل منهم، فإنهم لن يصلوا إلى الولايات المتحدة قبل انتهاء ولاية أوباما. إلا أن مسؤولة أميركية أشارت إلى أن عشرات آلاف الملفات هي قيد الدراسة حاليا وستكون عملية المراجعة أسرع. وتابعت المسؤولة «نقوم بإيواء أعداد صغيرة من اللاجئين السوريين منذ العام 2011 ولم تبدأ المفوضية العليا للاجئين سوى في يونيو (حزيران) برفع طلبات لاستقبال إعداد كبيرة تتراوح بين 500 وألف في الشهر».
وأضافت أن «هذه الإحالات تصل بشكل مستمر منذ يونيو الماضي حتى بات لدينا عدد كبير. فلقد أعددنا في وزارة الخارجية ملفات أكثر من عشرة آلاف شخص».
وبعد حصول اللاجئين على الموافقة، تدفع وزارة الخارجية الأميركية لمنظمة الهجرة الدولية كلفة سفرهم إلى الولايات المتحدة. ويوقع اللاجئون على تعهد خطي بإعادة تسديد بطاقة السفر بعد استقرارهم ويتم استقبالهم في المطار من قبل واحدة من هيئات إعادة التوطين غير الحكومية التسع التي تتعاقد معها وزارة الخارجية.
وهناك قرابة 180 مركز إيواء في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حيث تساعد المنظمات غير الحكومية الوافدين الجدد على الاستقرار والعثور على عمل ومكان للسكان في الأيام الـ30 وحتى الـ90 الأولى لوصولهم.
ويتم أحيانا إسكان اللاجئين الذين لديهم أقارب في الولايات المتحدة بالقرب منهم، بينما يتوجه القسم الكبير إلى مدن مثل أتلانتا وسان دييغو ودالاس حيث الإيجار أقل كلفة من نيويورك أو سان فرانسيسكو. ويتوجه آخرون إلى مدن صغيرة مثل بواز أو ايداهو أو بنسلفانيا، لكنهم يتمتعون بحرية الانتقال إلى مكان آخر بعد استقرارهم.
وبعد 90 يوما لا يعود يحق للوافدين الجدد الحصول على مساعدة من وزارة الخارجية عبر وكالات الإيواء، إلا أن بعضهم يلتحق ببرامج دعم تابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.