رسالة عبر الهاتف تنقذ حياة لاجئين سوريين من الغرق

تسلمها قريب لهم في ألمانيا واتصل بخفر السواحل التركية لإنقاذهم

لاجئة أفغانية مع زوجها لدى وصولهم إلى جزيرة لسبوس في اليونان (أ.ب)
لاجئة أفغانية مع زوجها لدى وصولهم إلى جزيرة لسبوس في اليونان (أ.ب)
TT

رسالة عبر الهاتف تنقذ حياة لاجئين سوريين من الغرق

لاجئة أفغانية مع زوجها لدى وصولهم إلى جزيرة لسبوس في اليونان (أ.ب)
لاجئة أفغانية مع زوجها لدى وصولهم إلى جزيرة لسبوس في اليونان (أ.ب)

بينما كانت الأمواج ترتطم بمركب يحوي عشرات السوريين الفارين إلى أوروبا وسط البحر المتوسط، وعلى مقربة من سواحل اليونان، أرسل شاب سوري رسالة من على متنه إلى قريبه في ألمانيا عبر تطبيق «فايبر» يبلغه فيها بأنهم يغرقون.
المركب، الذي كان على متنه نحو 40 شخصا معظمهم سوريون بخلاف 7 باكستانيين، ظلت تعصف به الأمواج وسط البحر فاقدا بوصلته للوصول إلى اليونان، وبعد نحو ساعة وصل إليه خفر سواحل اليونان، الذي قام بفك الموتور ووجه المركب للعودة إلى منتصف البحر وترك من فيه دون مساعدة. المعاناة لم تنته، فبعد 6 ساعات من وجود المركب في منتصف البحر - أدرك خلالها راكبوه أنهم في عتاد الموتى - أرسل على دالي (47 عاما) رسالة إلى محمد بشير، يخبره فيها بأنهم في منتصف البحر ويغرقون، الأمر الذي دفع الأخير لإجراء اتصالات بأصدقاء سوريين داخل سوريا وتركيا للوصول لأرقام خفر السواحل التركي، وحدد موقعهم عن طريق «الإنترنت» وأرسله لخفر السواحل الذي وصل إليهم بعد ساعة واصطحبهم دون وقوع خسائر بشرية. وعقب وصولهم لتركيا قاموا باستجوابهم لمدة 6 ساعات ثم أطلقوا سراحهم، بحسب ما روى الشاب السوري لـ«الشرق الأوسط».
ولا تعد تلك القصة هي الأولى لإبراز أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف الجوال، التي أسهمت في عرض أزمات المهاجرين غير الشرعيين في العالم، ولعل أبرزها قصة الطفل السوري إيلان عبد الله الذي غرق مع أخيه وأمه بعد محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر مركب غير شرعي، وانتشار صوره على تلك المواقع أدى لتغيير سياسات الاتحاد الأوروبي في تعاملاته مع اللاجئين السوريين.
علي دالي (47 عاما)، سوري يعيش في تركيا، وهو من أرسل رسالة النجاة إلى قريبه محمد بشير، سافر هو وزوجته و4 من أبنائه على المركب الذي كان متجها إلى جزر اليونان، وغادر قبل 4 أيام مدينة بودروم التركية. لم تمنعه حادثة غرق الطفل السوري إيلان من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فكل ما يشغله هو توفير مستقبل أفضل لأبنائه حتى إذا كانت الضريبة مواجهة الموت. حاولت «الشرق الأوسط» الوصول إليه لكن هاتفه أصبح غير قادر على الاتصال بعد سقوطه في المياه لمرات.
وغرق الثلاثاء قبل الماضي نحو 12 مهاجرا سوريا بعد انقلاب المركب الذي كان ينقلهم من بودروم التركية نحو جزيرة كوس اليونانية، وتصدرت صورة الطفل إيلان - أحد الغرقى - مانشيتات الصحف الأجنبية والعربية ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه على ما يبدو فإن تلك الحادثة التي أحدثت ضجة في العالم لن توقف شلال مراكب الهجرة غير الشرعية.
بشير شاب عشريني يدرس في ألمانيا، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أرسل لي علي رسالة بأنهم يغرقون. تواصلت مع سوريين في تركيا وسوريا حتى أصل إلى أرقام خفر سواحل التركي، ثم انقطع الاتصال عنهم 24 ساعة، وبعدها علمت أنهم تم إنقاذهم وتحقق معهم الشرطة التركية، ومن ثم أطلقت سراحهم ليعودوا إلى مدينة أزمير (غرب البلاد)».
قبل 5 شهور هاجر بشير أيضًا بطريقة غير شرعية إلى ألمانيا، حيث سافر إلى الجزائر ومنها إلى أوروبا، ودفع نحو 6 آلاف دولار للمهربين، حتى يوفر لنفسه حياة أفضل من واقع مرير ووطن مدمر لا مستقبل فيه. يقول الشاب العشريني: «لا سبيل غير الهجرة. لا حياة في سوريا.. كل شيء مدمر. مواجهة الموت أفضل من أن تبقى وتنتظره». وتساءل: «هل نبقى فيها حتى نقتل؟».
وبحسب الإحصاءات الرسمية التركية، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا نحو مليون و800 ألف شخص، فيما شهدت سواحل عدد من الدول الأوروبية مؤخرا حالات غرق لسفن تقل مهاجرين سوريين، وسط نداءات منظمات دولية لتمكين السوريين من اللجوء رسميا إلى بلدان أوروبا.
فاطمة (53 عاما)، كانت على متن المركب نفسه الذي أُرسلت منه الرسالة إلى بشير، حينما حدثتها «الشرق الأوسط» أجابت على هاتفها ابنتها مهيارة (11 عاما)، لتسأل محرر «الشرق الأوسط»: «أنت مهرب؟»، وبعدها تمنح الهاتف لأفراد أسرتها، إلا أن فاطمة قالت: «خفر السواحل اليونانية لم يساعدونا، وتركونا نعود إلى البحر حتى لاحظنا خفر السواحل التركية، فأخذونا واستجوبونا لمدة 6 ساعات لم يقدم إلينا خلالها طعام ولا شراب، بعدها أفرجوا عنا ونحن الآن في أزمير، لا نعرف ماذا سنفعل».
وطلبت السلطات اليونانية المزيد من المساعدات الإنسانية من الاتحاد الأوروبي للتعامل مع أزمة اللاجئين، الذين يتدفقون يوميا بالمئات على جزرها. وتضم جزيرة ليسبوس أكثر من خمسة عشر ألف طالب لجوء.
ووفق الإحصائيات الرسمية الأوروبية، يبلغ عدد المهاجرين المسجلين رسميا ووصلوا إلى الاتحاد الأوروبي مائة وعشرين ألفا، ومن المفترض أن يتم توزيعهم على فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبولندا، وهو الأمر الذي سوف يناقشه الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة. ويقول بشير: «التكنولوجيا أسهمت في إنقاذ حياة أسرتي من الموت، فلولا تواصلهم معي وإرادة الله لما نجوا من هذا الحادث».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.