الإيزيديون «سلعة» يتقاذفها «داعش» والمهربون في أسواق {النخاسة}

ناجون لـ {الشرق الأوسط}: لم تسلم حتى العجائز من سياط المتطرفين

ناجية إيزيدية من «داعش» في أحد مخيمات النازحين أمس («الشرق الأوسط»)
ناجية إيزيدية من «داعش» في أحد مخيمات النازحين أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الإيزيديون «سلعة» يتقاذفها «داعش» والمهربون في أسواق {النخاسة}

ناجية إيزيدية من «داعش» في أحد مخيمات النازحين أمس («الشرق الأوسط»)
ناجية إيزيدية من «داعش» في أحد مخيمات النازحين أمس («الشرق الأوسط»)

على بعد 15 كيلومترا (غرب مدينة دهوك) في إقليم كردستان، يقع مخيم خانكي الذي يضم الآلاف من الإيزيديين الذين نزحوا الصيف الماضي من مناطقهم الواقعة في سهل نينوى وسنجار غرب الموصل، هربا من جرائم تنظيم داعش، نحو مناطق إقليم كردستان، «الشرق الأوسط» تجولت في المخيم الذي لا تكاد تخلو خيمة فيه من ناجية إيزيدية أو ناجٍ تم إنقاذه خلال مدة عام ونصف العام من تنظيم داعش.
عملية إنقاذ المختطفين الإيزيديين لدى «داعش» ليست سهلة، خصوصا أنها تمر بعدة مراحل لحين إعادتهم إلى أهاليهم، لكن مكتب شؤون الإيزيديين الذي أسسه رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني لهذا الغرض يواصل عمله من أجل إنقاذ العشرات من الإيزيديين يوما، وتمكن هذا المكتب وبحسب إحصائية رسمية لحكومة الإقليم نشرت بداية سبتمبر الحالي، حتى الآن، من تحرير 2129 مواطنا إيزيديا من قبضة التنظيم، بينما تتواصل جهود مكثفة لتحرير الآخرين.
فريال، امرأة إيزيدية تبلغ من العمر 25 عاما، وقعت مع زوجها وأطفالها الثلاثة وأخواتها وعدد من أقاربها بيد تنظيم داعش في قرية قنه التابعة لسنجار، أثناء هجوم التنظيم على قضاء سنجار في بداية أغسطس (آب) من العام الماضي، تم إنقاذها مع أطفالها بعد أن بقيت 11 شهرا لدى التنظيم، بينما مصير زوجها ووالديها وإخوانها وأخواتها وأعمامها وعوائلهم ما زال مجهولا، وهي تعيش حاليا في خيمة مع أهل زوجها.
وتقول فريال وهي متألمة وملامح حزن عميق تظهر على وجهها ما واجهته من متاعب واعتداءات من قبل التنظيم: «بعد أن اختطفنا مسلحو تنظيم داعش، الصيف الماضي في سنجار، فصلوا الرجال عن النساء وتم نقلنا في بادئ الأمر إلى منزل في مدينة الموصل، حيث بقينا فيها لساعات، ومن ثم نُقلنا إلى قضاء تلعفر (غرب الموصل)، مع آلاف الإيزيديين الآخرين، حيث احتجزونا في مدرسة، وبعد بقائنا عدة أيام نقلونا مرة أخرى إلى الموصل وتم احتجازنا في سجن بادوش».
كان التنظيم يعمل على الضغط النفسي ضد الطائفة الإيزيدية ونقلهم كل فترة وأخرى ومن مكان لمكان حتى يتم تخبئتهم، وهنا تقول فريال: «بقينا في سجن بادوش 15 يوما، وتم نقلنا إلى تلعفر مرة ثانية، واحتجزنا في إحدى مدارسه 29 يوما، ثم نقلونا إلى قرية (كسرة المحراب) الواقعة بين سنجار وتلعفر، وبعدها نقلونا إلى قاعة غالاكسي في الموصل، بقينا فيها 20 يوما».
النساء كنّ صيدا ثمينا لرجال «داعش» فيتم بيعهن أو أخذهن للخدمة أو اغتصابهن وفق أجندتهم، أو يتم إهداؤهن لبعض قياديي التنظيم لكسب الولاءات، وتضيف فريال: «تم بيعنا لأحد قادة (داعش) العرب غير العراقيين وكان يدعى (أبو عبد العزيز) بالجملة، ونقلنا إلى مزرعة في محافظة الرقة في سوريا وكان عددنا 122 امرأة وفتاة، وتم تقسيمنا إلى مجموعات مكونة من ستة أفراد، حيث تم بيعي مع خمسة فتيات أُخريات لوالٍ من ولاة (داعش)، الذي أخذنا معه إلى حلب، وفي حلب تم احتجازنا في منزل، حيث أغلق علينا الوالي الباب».
رجال «داعش» يعملون على إهداء النساء لمزيد من كسب الولاءات بين قياديي التنظيم، وإغرائهم بالنساء حيث تم إهداء فريال لأحد قياديي «داعش»، وتقول: «وهبني أبو عبد العزيز أنا وإحدى الفتيات الإيزيديات لأحد أصدقائه الذي كان أيضًا من قادة داعش العرب غير العراقيين، ويدعى أبو سعيد الجزراوي - قُتل فيما بعد في دير الزور - حيث بقيت لديه نحو شهرين وأربعة أيام، ثم أعادني مرة أخرى إلى منزل أبو عبد العزيز وبقيت فيه 18 يوما، ومن ثم تم بيعي لداعشي آخر عراقي الجنسية يدعى أبو علي العراقي، الذي باعني إلى مهرب، بعد أن عُرضنا من التنظيم للبيع في أسواق النخاسة في الرقة مرات عدة».
ولم يسلم الأطفال أو كبار السن من هذا الجحيم، بل يتم بيع الأطفال بأسعار تصل إلى 130 دولارا لكل طفل، أما النساء المسنات فتم بيعهن بثلاثين دولارا لكل مسنة واللاتي لم يسلمن أيضًا من الإذلال وسياط قادة «داعش»، فيما تحتدم المنافسة وترتفع الأسعار كلما كان عمر الفتاة أصغر أو شابة، حيث بيعت الفتيات والنساء الصغيرات في العمر بنحو 100 إلى 120 دولارًا للواحدة منهن.
وتضيف فريال: «مارس تنظيم داعش أنواع الاعتداءات ضدنا، ولم يبق شيء لم يجربه معنا، كانوا يعطون الأطفال الرضع نوعا من الدواء من خلال الماء يمنعهم من شرب الحليب لعدم توفر الحليب».
وتابعت فريال: «باعني القيادي في داعش (أبو علي العراقي) بـ4500 دولار للمهرب الذي باعني لأهلي بعشرة آلاف وخمسمائة دولار، وكلفت عملية تحريري مع أطفالي الثلاثة عشرين ألف دولار، حيث نقلنا من حلب إلى الرقة ومن الرقة إلى دير الزور ومنها إلى تركيا مشيا على الأقدام ومن ثم دخلنا إقليم كردستان».
بدوره، قال والد زوجها إن مكتب شؤون الإيزيديين الذي يدعمه رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني شخصيا هو الذي تحمل جميع تكاليف إنقاذ فريال وأطفالها، مبينا في الوقت ذاته أن هذا المكتب يدفع تكاليف إنقاذ كل الإيزيديين الذين يتم تحريرهم من «داعش»، كاشفا في الوقت ذاته أنه يواصل تقصي الأنباء والمعلومات عن ما تبقى من عائلة لدى داعش ليتم إنقاذهم مستقبلا.
وأثناء تجوال «الشرق الأوسط» في المخيم، وجدنا صبيا إيزيديا عرف لنا اسمه بـ«سيروان» لم يبلغ بعد الثالثة عشرة من عمره، تم إنقاذه مع إخوته الثلاثة وأربعة أفراد آخرين من عائلته من «داعش»، لكنه فقد والديه، سيروان أصيب بتوتر نفسي وحالة خوف مزمنة جراء ما شاهده من أساليب لا إنسانية من قبل التنظيم، وأضاف سيروان بالقول: «احتجزونا في بادئ الأمر في سنجار، وبعد تعرض مقارهم في سنجار لقصف مكثف من قبل طيران التحالف الدولي، اضطروا إلى نقلنا إلى مجمع دوغري (أحد المجمعات التابعة لسنجار)، ومنها نقلونا إلى تلعفر».
ويضيف الطفل: «في تلعفر احتجزونا في قاعات المدارس، حيث بدأوا بأخذ الصبية بالقوة إلى معسكرات التدريب الخاصة بالأطفال التي فتحها التنظيم لتدريبهم على تنفيذ العمليات الإرهابية، إلا أنني استطعت أن أُخبئ نفسي لساعات طويل في إحدى دورات المياه لحين انتهاء حملة أخذ الصبيان، بعد ذلك تعرضت هذه المنطقة لقصف جوي، فاضطر التنظيم إلى أن ينقلنا إلى سجن بادوش في الموصل».
الطفل كان محظوظا بالهرب من رجال تنظيم داعش بعد أن خبأته إحدى النساء يقول: «خبأتني زوجة عمي مع الفتيات لكي لا يأخذني التنظيم لمعسكراته، وبعد ذلك نقلنا التنظيم مرة أخرى إلى تلعفر حيث كانوا يضربوننا ضربا مبرحا وكانوا يسحلون النساء والفتيات الواحد تلو الأخرى إلى الخارج ويمزقن ملابسهن».
ويضيف الطفل سيروان إن التنظيم نقلهم فيما بعد إلى الرقة وحلب في سوريا، حيث تم بيعه هناك واشتراه رجل سوري مع ثلاثة من إخوته وزوجة عمه وأطفالها، وباعهم إلى أحد المهربين الذي اتصل بعمه الموجود في دهوك وطلب مقابل إنقاذهم مبلغ 35 ألف دولار، وبالفعل تم الاتفاق على المبلغ فنقلهم المهرب من سوريا إلى تركيا ومنها إلى إقليم كردستان.
بدوره قال شرف خلف، الذي يعمل معاونا للطبيب في المركز الصحي داخل المخيم: «الحالات النفسية للناجين والناجيات صعبة جدا، البعض منها معقدة، بسبب ما تعرضوا له من انتهاكات واعتداءات من قبل التنظيم، لدينا طبيب مختص بالأمراض النفسية داخل المخيم، حيث يواصل معالجتهم ومساعدتهم للخروج مما يعانون منه، نحن نطالب من المجتمع الدولي دعم حكومة الإقليم في مجال مساعدة النازحين خاصة في معالجة الناجيات الإيزيديات والعمل على إعادتهن إلى المجتمع، فما حدث للإيزيديين على يد (داعش) إبادة جماعية، وهي تعتبر كارثة القرن».
وشن تنظيم داعش في بداية أغسطس من العام الماضي 2014 هجوما موسعا على قضاء سنجار والمناطق ذات الغالبية الإيزيدية (غرب الموصل) ومناطق سهل نينوى المعروفة بموطن الأقليات الدينية في العراق، وقتل التنظيم الآلاف من الرجال والشباب الإيزيديين وسبى نساءهم وفتياتهم وأطفالهم، وباعهم التنظيم فيما بعد في أسواق النخاسة التي فتحها لهذا الغرض في مدينتي الموصل وفلوجة العراقيتين والرقة في السورية.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.