دعم عسكري للمعارضة في الزبداني يقلب الموازين

اشتباكات بين «جيش الإسلام» و«جيش تحرير الشام» في القلمون

دعم عسكري للمعارضة في الزبداني يقلب الموازين
TT

دعم عسكري للمعارضة في الزبداني يقلب الموازين

دعم عسكري للمعارضة في الزبداني يقلب الموازين

في تطور ميداني لافت، أفاد مقاتلون داخل مدينة الزبداني عن وصول تعزيزات كبيرة إليهم من الغوطة الشرقية قد تؤدي إلى «قلب كل الموازين»، في وقت اندلعت اشتباكات عنيفة بين «جيش الإسلام» و«جيش تحرير الشام» المعارضين في القلمون الشرقي بعد اتهام الفصيل الثاني بمبايعة تنظيم داعش.
وقال أبو عبد الرحمن، المقاتل في صفوف المعارضة والمتواجد داخل مدينة الزبداني لـ«الشرق الأوسط» بأنّهم استفاقوا صباح يوم أمس الخميس على أصوات مدفعية قوية تبين أنّها «تدك» مواقع قوات النظام وحزب الله، متحدثا عن وصول تعزيزات كبيرة من «جيش الفتح» و«جبهة النصرة» إلى داخل المدينة من عناصر ودبابات ومدفعية. وأضاف: «معنوياتنا حاليا عالية جدا خاصة بعدما سمعنا استغاثة عناصر حزب الله وسقوط الكثير منهم قتلى وجرحى، ونعتقد أن المستجدات الأخيرة ستقلب كل موازين القوى».
من جهتها، أفادت «الهيئة السورية للإعلام» عن شن «ثوار» الجبل الشرقي لمدينة الزبداني بريف دمشق الغربي هجوما «مباغتا» على نقاط وحواجز حزب الله المدعومة بعناصر النظام المتمركزين على المحور الشرقي للمدينة: «ما أسفر عن مقتل الكثير منهم وجرح آخرين».
ونقلت الهيئة عن الناشط الإعلامي في مدينة الزبداني عين الجابر، أن «اشتباكات عنيفة دارت بين الثوار وعناصر حزب الله المدعومة بقوات الأسد، أسفرت عن مقتل سبعة عناصر من الحزب والنظام إضافة لتدمير عدة آليات، في الوقت الذي ردت فيه قوات النظام بقصف عنيف على المنطقة براجمات الصواريخ وقذائف المدفعية». وأشار الجابر إلى أن «حالة من الهلع والذعر والتشتت تصيب مقاتلي حزب الله وقوات الأسد وسط مطالبتهم بتكثيف الغارات الجوية التي تراجعت بسبب حالة الطقس».
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات الفرقة الرابعة وحزب الله وجيش التحرير الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية ومسلحين محليين من جهة أخرى في مدينة الزبداني» لافتا إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
بالمقابل، نقلت وسائل إعلام حزب الله عن مصادر ميدانية أن «قوات الجيش السوري وحزب الله تصدت لهجوم شنته المجموعات المسلحة من خارج منطقة الزبداني بريف دمشق الغربي على استراحة قصر العلالي وقصر موزة شمال شرقي المدينة»، مؤكدة «وقوع 30 مسلحا بين قتيل وجريح». وفي القلمون الشرقي بريف دمشق، اندلعت يوم أمس اشتباكات بين «جيش الإسلام»، و«جيش تحرير الشام» المعارضين، في مدينة الرحيبة استخدم خلالها الطرفان الدبابات والهاون والرشاشات الثقيلة. وأسفرت المعارك التي تعتبر الأولى من نوعها بين الفصيلين، عن مقتل وإصابة عناصر من الطرفين، إضافة إلى إصابة مدنيين من أهالي مدينة الرحيبة التي تبعد نحو 45 كلم عن دمشق شمالاً.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط الإعلامي محمد الجيرودي، أن أصوات إطلاق الرصاص وقصفا متبادلا بين الجانبين، سمعت في جميع المدن والقرى المحيطة بالرحيبة، مشيرًا إلى أن «جيش الإسلام» سحب دباباته من المواجهات مع تنظيم داعش في منطقة البترا شرق القلمون، ووجهها ضد «جيش تحرير الشام»، فيما تشير الأنباء عن مقتل قيادي من «تحرير الشام».
وأما عن سبب المعارك بين الفصيلين، أوضح الجيرودي أنها تعود إلى اتهام «جيش الإسلام»، لـ«جيش تحرير الشام» بمبايعة «داعش» ومهاجمة حاجز له على أطراف الرحيبة، فيما اتهم «تحرير الشام»، مقاتلي «جيش الإسلام»، بفتح معركة معه، للسيطرة على «كامل» القلمون الشرقي كما فعل في الغوطة الشرقية.
من جانبهم، دعا وجهاء من منطقة القلمون الشرقي، قائد جيش الإسلام زهران علوش إلى سحب عناصره ووقف الاشتباكات، وقتال القوات النظامية التي تحاصر الغوطة.
وقال «مكتب أخبار سوريا» بأن اجتماعًا عُقد بين الطرفين المتقاتلين، ليل الأربعاء، بحضور قادة عسكريين من فصائل أخرى ووجهاء المنطقة تم الاتفاق خلاله على إخراج جميع «الغرباء» من المقاتلين، في إشارة إلى من يسمونهم «المهاجرين»، المتهمين بالانتماء إلى «داعش» سرًا.
وفي درعا، استمرت المواجهات لليوم الرابع على التوالي بين فصائل تابعة للجيش السوري الحر، ومجموعات مسلحة تابعة لتنظيم داعش، في أقصى شمال شرقي محافظة درعا، وإلى الغرب من محافظة السويداء.
يأتي ذلك ضمن عملية عسكرية أعلنت عنها فصائل عدة أبرزها: «ألوية العمر» و«تجمع أحرار عشائر الجنوب» قبل أيام عدة، وذلك لإنهاء ما وصفته «بوجود مجموعات التنظيم» في المنطقة وقطع طُرق تهريب السلاح إليهم، والسيطرة على مدخل المحافظتين الجنوبيتين من الناحية الشمالية.
وتحدث ناشطون عن مقتل وجرح العشرات من مقاتلي «داعش» في المنطقة المذكورة خلال المواجهات، ناقلين عن مصادر عسكرية «استمرار العملية العسكرية حتى لو امتدت زمنيًا وذلك للسيطرة على المنطقة بشكل تام وإنهاء تواجد التنظيم فيها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.