المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف

خلافات بين الفصائل بعد دخول «الفرقة 30» على خط المعركة

المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف
TT

المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف

المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف

بعد نحو ثلاثة أسابيع من الحملة العسكرية التي بدأها تنظيم داعش على منطقة مارع في ريف حلب الشمالي، لا تزال فصائل المعارضة تخوض حربا مزدوجة في هذه المنطقة، ضد «داعش» من جهة، والنظام الذي يعمد إلى قصف مواقعها بشكل شبه يومي من جهة أخرى.
وفي حين تتهم المعارضة النظام بمساندة التنظيم من خلال تجنب مواقعه وتركيزه على ضرب مراكزها، طرح الائتلاف الوطني السوري يوم أمس تساؤلات حول عدم اهتمام المجتمع الدولي بهذه المنطقة على غرار ما حصل في منطقة كوباني (عين العرب) الكردية، واصفا الوضع الإنساني بـ«المأساة» في ظل غياب أي مقومات للحياة. وهو ما أشار إليه القائد العسكري، في الجبهة الشامية، أبو تميم، لافتا إلى أن ضربات التحالف كانت «معدودة ومحدودة»، وهي لم ترق إلى المساعدة التي قدّمت للأكراد، بينما يعمد النظام إلى قصف المنطقة بالغازات السامة، وسجّل سقوط العديد من الإصابات، كانت آخرها وفاة طفلة.
وقال أبو تميم، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ينفذ التنظيم حصارا مطبقا على مارع من ثلاثة محاور، حيث عمد إلى زرعها كذلك بالعبوات الناسفة، فيما بقي المنفذ الوحيد للفصائل المعارضة للحصول على الإمدادات في الجهة الغربية باتجاه تل رفعت، وهي الهدف الذي يعمل عليه اليوم بهدف إسقاط المنطقة والسيطرة عليها بمن فيها من مقاتلي المعارضة». وأشار أبو تميم إلى أن المعارضة نجحت يوم أول من أمس في اقتحام حربل من الجهة الجنوبية، لكنها عادت وتراجعت أدراجها على وقع قصف النظام المستمر.
وفي هذا الإطار، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تنظيم داعش تمكّن من صد الهجوم الذي نفذته فصائل المعارضة على قرية حربل قرب مدينة مارع بريف حلب الشمالي، حيث حاول مقاتلو الفصائل استعادة السيطرة على القرية التي اقتحمها التنظيم قبل أيام. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل ما لا يقل عن 14 عنصرا من المعارضة، جثث بعضهم لا تزال لدى التنظيم. وأوضح المرصد أن معظم قتلى فصائل المعارضة قضوا في انفجار لغم بآلية كانوا يستقلونها بمحيط القرية، مشيرا كذلك إلى سقوط قتلى في صفوف «داعش».
وبعدما كان مجلس محافظة حلب قد أعلن مدينة مارع الخاضعة لسيطرة المعارضة وما حولها بالريف الشمالي «منطقة منكوبة»، أكّد أبو تميم خلو المنطقة من المدنيين بحيث لم يعد يوجد فيها إلا المقاتلون، مشيرا إلى أنّ العائلات الهاربة من القتال لا تزال مشرّدة في البساتين وتحت الأشجار لا سيما في المناطق الواقعة بين أعزاز والحدود التركية. وأشار أبو تميم إلى خلافات حالت كذلك دون توحيد وجهة بندقية فصائل المعارضة في مارع، لا سيما بعد دخول «الفرقة 30» على خط المعركة. وأوضح أن «هذه الفرقة تقاتل بشكل فردي ضد تنظيم داعش، وذلك بعدما نشأت خلافات بينها وبين المعارضة على خلفية حصر الأولى معركتها بالتنظيم وتجاهل النظام السوري».
وكانت «الفرقة 30» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية قد أعلنت عن إطلاق أولى عملياتها ضد «داعش» قرب مارع إلى جانب الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر الأسبوع الماضي. وأشارت معلومات إلى أن دور أعضائها الذين يبلغ عددهم 25 مقاتلا سيقتصر على التواصل مع طائرات التحالف وغرف العمليات التابعة لهم بهدف تحديد مواقع تنظيم داعش والإبلاغ عنها، على غرار ما كانت عليه مهمة وحدات حماية الشعب الكردي في كوباني.
ويوم أمس، أسف الائتلاف الوطني لعدم الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني في ريف حلب الشمالي مقارنة بما جرى في هجوم «داعش» على كوباني (عين العرب)، رغم عظم المأساة وكثرة النزوح من جحيم النظام والتنظيم. وفي مؤتمر صحافي له في مدينة غازي عنتاب التركية حول الأوضاع الميدانية في الريف الشمالي لحلب بشكل عام، ومدينة مارع بشكل خاص، أعلن الائتلاف أن «المعارك مع (داعش) على أشدها، وقد تعرضت مدينة مارع وحدها لـ23 مفخخة، واستخدمت فيها الغازات السامة مرتين، إحداهما في التاريخ نفسه الذي استخدمه نظام الأسد في غوطة دمشق قبل سنتين».
وفي بيان له، اعتبر الائتلاف أن أهمية المعركة في الريف الشمالي تكمن في أنه هو «خزان الثورة، ومنه انطلقت شرارتها الأولى بحلب، كما يمثل خط الإمداد الأهم للثورة السورية». ولفت الائتلاف إلى أن «المعركة القائمة الآن مع تنظيم داعش الإرهابي جاءت بعدما عجز نظام الأسد والميليشيات الطائفية المقاتلة معه عن السيطرة على المنطقة رغم استخدامه كل أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دوليا».
ووصف الائتلاف الوضع الإنساني الذي يعيشه المدنيون بـ«المأساة الحقيقية»، مشيرا إلى أن «المدنيين يقيمون الآن في العراء وبين الأشجار، فالحدود مغلقة تماما، ولا يوجد أي مقوم من مقومات الحياة من الغذاء والدواء وخيم للنازحين حتى الكمامات ومضادات الكيماوي معدومة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».