عودة وشيكة لكامل أعضاء الحكومة اليمنية إلى عدن

خطوات لتعزيز الأمن.. ودعوات لتفعيل القضاء وضبط انتشار السلاح في الجنوب اليمني

عودة وشيكة لكامل أعضاء الحكومة اليمنية إلى عدن
TT

عودة وشيكة لكامل أعضاء الحكومة اليمنية إلى عدن

عودة وشيكة لكامل أعضاء الحكومة اليمنية إلى عدن

أكدت السلطات المحلية أن محافظة عدن اليمنية باتت جاهزة لاحتضان أول اجتماع للحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن وزراء الحكومة بدأوا في التوافد إلى مدينة عدن، التي كان وصل إليها وزيرا الإدارة المحلية والنقل، ومن المرتقب أن يصل باقي الوزراء الموجودين حاليا في الرياض خلال الأيام المقبلة.
وقال المتحدث باسم السلطة المحلية في عدن صلاح العاقل، لـ«الشرق الأوسط» إن «جهودا بذلت وتبذل، لتطبيع الأوضاع الأمنية والخدمية» في المدينة، منوها بأن السلطة المحلية وقوات الجيش الوطني، وبدعم ومساندة من دول التحالف، عملت في ظروف قاهرة على استتباب الأمن والاستقرار، وإعادة الخدمات الأساسية إلى سكان المدينة. وكشف أن أجهزة الأمن وبالتعاون مع قوات سعودية إماراتية تعمل الآن على بسط نفوذ أجهزة الأمن على كل مدن المحافظة، إذ شرعت مؤخرا بربط كاميرات مراقبة في الشوارع والأماكن الحيوية، إلى جانب إقامة غرف عمليات أمنية مزودة بتقنيات اتصالات حديثة، ونقاط مراقبة مزودة بوسائل وأفراد وعتاد، تمكنها من ضبط أي اختلالات خارجة عن النظام. وأعلنت الحكومة اليمنية، على لسان وزير النقل، بدر باسلمة، أمس، أن الحكومة ستكون بأكملها في مدينة عدن الأسبوع المقبل. وقال باسلمة أمس إن الإغاثة مستمرة في الوصول إلى عدن، منوها بأن القوافل تتوجه تباعا إلى محافظتي تعز والضالع وغيرهما. وأكد أن عدن أصبحت مركزا آمنا للخدمات الإنسانية.
من جهة أخرى، كشفت مصادر تابعة للجيش الوطني الموالي للشرعية أنه تم خلال الأيام القليلة الماضية العثور على ترسانة من الأسلحة والمتفجرات والألغام في عدد من المعسكرات والمواقع السكنية كانت تحت سيطرة المتمردين في محافظة عدن. وقالت المصادر إن نقطة تفتيش تابعة للقوات الجيش الوطني في منطقة العلم بشرق عدن، ضبطت أمس صواريخ من نوعية متطورة، أثناء تفتيشها لسيارة في المنطقة. وأضافت أن الصواريخ التي تم ضبطها تعد نوعية وجديدة ولم يعرف بعد ماهية تأثيرها، لافتة إلى أن قوات الجيش تحفظت على الأسلحة وما زالت التحقيقات جارية لمعرفة الجهة المتورطة في محاولة إدخال هذه الصواريخ الخطرة.
وأكدت المصادر أن كميات كبيرة من الألغام والقذائف والعبوات الناسفة محلية الصنع عثر عليها في معسكر بدر، المحاذي لمطار عدن الدولي، بمدينة خور مكسر جنوب شرقي عدن، مشيرة إلى أن قوات الجيش عثرت أيضا على أسلحة خفيفة ومتوسطة، في مساكن قيادات أمنية وعسكرية موالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في المدينة الخضراء، شمال شرقي عدن.
ويأتي العثور على هذه الأسلحة والمتفجرات والألغام، عقب حملة تفتيش قامت بها قوات الجيش الوطني، بالتنسيق مع قيادة السلطة المحلية، وضمن خطة لحفظ الأمن والسكينة العامة، في محافظة عدن، التي شهدت حربا ضروسا، انتهت بتحريرها من ميليشيات الحوثي وصالح، في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
في غضون ذلك، دعت شخصيات اجتماعية وثقافية، في عدن إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لتعزيز الأمن في المحافظة، محذرة من احتمال وقوع أعمال خارجة على النظام وتهدد حياة السكان في أعقاب عملية التحرير. وأكدت هذه الشخصيات في مذكرة وجهتها إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولنائبه خالد بحاح، ولمحافظ عدن نايف البكري، على ضرورة الإسراع بإعادة فتح مراكز الشرطة، وتعزيزها بدماء جديدة من أفراد المقاومة الشعبية، وتزويدها بالأسلحة والمعدات والتجهيزات اللازمة، والاستعانة بالجيش في تعزيز الأمن والاستقرار بين المدنيين. وأضافت أن المهمة العاجلة تقتضي البدء بنزع السلاح من المواطنين، حفاظا على الأمن والسكينة العامة، ووضع شروط صارمة في منح تراخيص حيازتها، والتشديد على إغلاق سوق السلاح في مديرية الشيخ عثمان، ومنع الاتجار به نهائيا، حتى لا يغدوا أمرا واقعا ينبغي التسليم به. ولفتت إلى أهمية توحيد وتنظيم النقاط الأمنية (المؤقتة)، وحصر مسؤولية إدارتها بجهة رسمية محددة، حتى يتسنى ضبط وربط أفرادها، والمساءلة في حالة الإخلال بالتزامات، وتسيير دوريات أمنية منتظمة في عموم المديريات بإشراف السلطة المحلية، ومعالجة ظاهرة انتشار الدراجات النارية، وفقا للنظام والقانون، بعد أن أصبحت وسيلة مسهلة لارتكاب الجرائم، إضافة إلى ما تسببه من إزعاج وحوادث. وأشارت إلى سرعة تفعيل النيابة والقضاء، والبت سريعا في القضايا المرفوعة، حيث إن الظرف الاستثنائي الذي فرضته الحرب يتطلب الفصل العاجل في المنازعات، حتى لا يلجا المتضررون، لأخذ حقوقهم بأيديهم، إذا ما تلكأت المحاكم في عقد جلساتها.
وفي محافظة الضالع، جنوب اليمن، التقى محافظ المنطقة فضل محمد الجعدي، أمس، بمكتبه العميد عيدروس قاسم الزبيدي، قائد المقاومة الجنوبية، الذي بحث معه عددا من القضايا، المتصلة بتطبيع الأوضاع الأمنية في الضالع والمحافظات الجنوبية. وناقش اللقاء آليات العمل والمعوقات التي تقف أمام العملية الأمنية في محافظة الضالع، وبحث الحلول الناجعة لها وفق الإمكانيات المتاحة وسبل تعزيز التعاون بين المقاومة وقيادة المحافظة. وأشاد المحافظ الجعدي بما حققته المقاومة من انتصارات عظيمة، قادت إلى دحر ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من الضالع، وباقي المحافظات الجنوبية، وبالدعم الكبير الذي قدمته قيادة دول التحالف العربي، مشيرا إلى أهمية الحفاظ على هذا المكسب الوطني، من خلال مواصلة العمل على حفظ الأمن واستتبابه، والعمل وفق خطط ورؤى مرنة تقديرا لحساسية المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد.
وأشار إلى أن الضالع أصبحت نموذجا يحتذى به في تقديم التضحيات وتحقيق النصر، رغم الظروف القاهرة لأبنائها، داعيا إلى قيادة العملية الأمنية والثورية بتلك العقلية الوطنية والناضجة، كاشفا عن سفر 22 شخصا من بين 116 حالة يتطلب سفرها إلى الخارج بحسب تقرير اللجنة الطبية بالمحافظة. ونوه بالدور الإنساني والوطني الذي لعبه الأطباء في الضالع طيلة فترة الحرب، حيث تحملوا معالجة أكثر من ألف جريح بإمكانيات بسيطة ووسط ظروف معقدة على كل المستويات.
وجدد المحافظ دعوته لدول التحالف العربي إلى الإسراع في دعم محافظة الضالع وإعادة النظر في الحالة الإنسانية الصعبة، التي تعانيها جراء الحرب، خصوصا في ما يتعلق بتوفير الاحتياجات الضرورية والملحة، وفي المقدمة الماء والغذاء والدواء والكهرباء، وإعادة إعمار مرافق العمل العامة والخاصة ومنازل المواطنين. ومن جانبه، أكد قائد المقاومة الجنوبية استعداده للعمل جنبا إلى جنب مع قيادة المحافظة، للحفاظ على الأمن والاستقرار وما تحقق للمقاومة، وتقديم كل ما يهم أمن المحافظة وسلامة أهلها على كل الأولويات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.