الجرارات الزراعية تحاصر الطرق المؤدية إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي

بسبب تدني أسعار الحليب واللحوم.. مزارعون: نواصل الاحتجاج ما دامت المعاناة مستمرة

الجرارات الزراعية تحاصر المؤسسات الحكومية في وسط بروكسل وسط تواجد أمني («الشرق الأوسط»)
الجرارات الزراعية تحاصر المؤسسات الحكومية في وسط بروكسل وسط تواجد أمني («الشرق الأوسط»)
TT

الجرارات الزراعية تحاصر الطرق المؤدية إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي

الجرارات الزراعية تحاصر المؤسسات الحكومية في وسط بروكسل وسط تواجد أمني («الشرق الأوسط»)
الجرارات الزراعية تحاصر المؤسسات الحكومية في وسط بروكسل وسط تواجد أمني («الشرق الأوسط»)

عقد وزراء الزراعة في دول الاتحاد الأوروبي اجتماعات الاثنين في بروكسل، بالتزامن مع مظاهرات خارج المبنى بعد أن حاصرت الجرارات الزراعية الشوارع القريبة من مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وتجمع مئات المزارعين وهم يطالبون بتعديل أسعار الحليب، بعد أن ألغي نظام الحصص، وأصبحت عملية إنتاج الحليب غير محدودة الكميات.
ومن المتوقع أن تصدر بعد الاجتماع بعض المقررات والحلول لكن لا عودة لنظام الحصص، بحسب ما صرح فيل هوغان المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الزراعة لدى وصوله إلى مقر الاجتماعات.
وشهدت الطرق السريعة المؤدية إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، فجر الاثنين، تعطل حركة سير السيارات نتيجة للطوابير التي تسير فيها الجرارات الزراعية بسرعة بطيئة، وهي في طريقها إلى داخل المدينة للمشاركة في الاحتجاجات التي دعت إليها النقابات والتعاونيات الزراعية في دول الاتحاد الأوروبي.
وجاءت تلك الجرارات من عدة مدن أوروبية في الدول المجاورة لبلجيكا، وكانت جرارات أخرى قد وصلت مساء الأحد واستقرت بالقرب من مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي في منطقة شومان ببروكسل، للمشاركة في الاحتجاجات، وأدى ذلك إلى تعطل حركة سير بعض القطارات الداخلية والحافلات.
ويطالب المزارعون بزيادة أسعار الحليب واللحوم، وقال بيتفان تيماش من نقابة المزارعين البلجيكية، بأن أكثر من 1000 جرار زراعي يشارك في الاحتجاجات، وقدمت متحدثة باسم المزارعين اعتذارا لما تسببت فيه الاحتجاجات من اضطراب في حركة سير السيارات على الطرق وداخل بروكسل. ومن جانبها استعدت الشرطة بالأفراد وسيارات خراطيم المياه، لمواجهة أي محاولة للشغب على غرار ما حدث في مظاهرات واحتجاجات سابقة للمزارعين.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال مزارع بلجيكي يدعى باتريك في العقد الثالث من عمره، بأن «الاحتجاجات ستتواصل طالما لا أحد يستمع إلى أصوات المزارعين الذين يعانون ولا أحد يشعر بتلك المعاناة، وأضاف ستيفان وهو في العقد الخامس من عمره أن الوعود التي حصلنا عليها في الماضي لم تنفذ وطال الانتظار والأمور تزداد سوءا ولا أحد يتحرك».
وفي أغسطس (آب) الماضي أعلن الاتحاد العام للنقابات والتعاونيات الزراعية في دول الاتحاد الأوروبي، عن تنظيم مظاهرة احتجاجية كبيرة بالتزامن مع اجتماعات وزراء الزراعة حسب ما أعلن ألبرت جان مات، رئيس الاتحاد العام للنقابات والتعاونيات، في بيان صحافي.
ورحب فيه بإعلان المفوضية الأوروبية، نيتها وضع تدابير جديدة لدعم ومساعدة المنتجين والمزارعين المتأثرين من تدني أسعار الألبان واللحوم والخضر والفاكهة، في أعقاب الحظر الروسي على المنتجات الزراعية والغذائية منذ منتصف العام الماضي، ولكن البيان اعتبرها إجراءات غير كافية لمحو خسائر فادحة تعرض لها المنتج والمزارع الأوروبي.
ودعا البيان إلى ضرورة أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتكثيف المفاوضات مع روسيا، بحيث يتم رفع التدابير التقييدية المفروضة على لحوم الخنزير الأوروبية، منذ أوائل 2014. أما فيما يتعلق بمنتجات الألبان، فدعا البيان إلى ضرورة التدخل لرفع الأسعار التي تقل كثيرا عن تكاليف الإنتاج، كما دعا إلى اعتماد إجراءات قبل مطلع ديسمبر (كانون الأول) القادة من شأنها أن تساهم في تسهيل المدفوعات المباشرة للدول الأعضاء التي تساهم في السياسة الزراعية المشتركة. كما طالب البيان بالتدخل لرفع الحد الأدنى لأسعار المنتجات الزراعية، حيث كان آخر مفاوضات جرت حول هذا الأمر في 2008.
وجرت احتجاجات في بلجيكا قبل أسابيع، بسبب تدني أسعار الألبان واللحوم، وطالبوا بضرورة وجود حل أوروبي لإنهاء الصعوبات التي يواجهها المزارعون في عدة دول أوروبية، وخاصة التي تضررت من جراء الحظر الروسي على استيراد منتجات غذائية من الاتحاد الأوروبي، ومنها الخضر والفاكهة واللحوم والألبان، ردا على فرض عقوبات أوروبية ضد موسكو على خلفية الأزمة في شرق أوكرانيا.
وانعقدت مفاوضات بين الأطراف المعنية بهذا الأمر من جمعيات زراعية وإنتاجية للتباحث حول الخطوات القادمة لإيجاد الحلول ووقتها قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل، بأنها تقوم حاليا بوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل الخاصة، باعتماد قرارات تتعلق بتشريعات قانونية لتوسيع تدابير نطاق شبكة أمان لقطاعي الألبان والخضراوات والفواكه في عام 2016. على أن يتم الانتهاء من ذلك في غضون الأسابيع القليلة القادمة، وقال الجهاز التنفيذي للاتحاد، بأنه يدرك التحديات التي تواجه المنتجين الأوروبيين وأكد على أن هناك التزاما أوروبيا ببذل الجهود اللازمة لدعمهم.
وقال المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الزراعة والتنمية الريفية فيل هوغان، بأنه ينوي بالفعل تمديد بعض الإجراءات التي اتخذت في هذا الصدد خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء الزراعة الأوروبيين، مضيفا: «لقد أثبتت الخطوات الهامة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي حتى الآن، التضامن بشكل تام مع المزارعين الأكثر تضررا من الحظر الروسي على المنتجات الغذائية القادمة من التكتل الأوروبي الموحد».
وأشار المسؤول الأوروبي، إلى الدور الذي لعبته تلك الإجراءات في التخفيف من أثار الحظر الروسي على المنتجات الغذائية. وكانت روسيا فرضت حظرا على استيراد المواد الغذائية ومنها الخضر والفواكه واللحوم والألبان.
وقال المسؤول الأوروبي في بيان بأنه بعد مرور عام على الحظر الروسي، نحن بحاجة إلى توفير شبكة أمان أكبر بالنسبة للمنتجين الذين يواجهون صعوبات بسبب هذا الحظر، وأشار أيضا إلى أن الطلب العالمي على الألبان ومنتجاتها، قد تراجع في العام الماضي وفي النصف الأول من العام الجاري، في ظل تباطؤ في الواردات من الصين ونية الحكومة الروسية تمديد الحظر لسنة أخرى تنتهي في أغسطس 2016 وهو حظر غير مبرر وغير قانوني «بحسب ما جاء في بيان أوروبيي في بروكسل».
وفي مطلع الشهر الماضي، دعت الجمعيات والفعاليات النقابية في بلجيكا إلى ضرورة إيجاد حل أوروبي لهذه الأزمة، وقال دومينيك ميشال أحد قيادات الجمعيات الزراعية والإنتاجية، بأن قطاعي الألبان واللحوم في بلجيكا يواجهان مشكلة كبيرة ولا يمكن لنا أن نتدخل في تحديد الأسعار لأن هذا الأمر يتوقف على الطلب العالمي والقرار الأوروبي، وأشار إلى أن 60 في المائة من إنتاج لحوم الخنزير و50 في المائة من منتجات الألبان في بلجيكا، يتم تصديره للخارج، بينما تستفيد الأسواق التجارية في بلجيكا فقط من 10 في المائة من منتجات لحوم الخنزير و15 في المائة من منتجات الألبان.
وأشار إلى أنه في عام 2009 كان هناك أزمة في أسعار الألبان، واليوم زاد إنتاج بلجيكا بنسبة 12 في المائة، وبعد ذلك جاء الحظر الروسي الذي كان له تأثير على منتجات بلجيكا من الألبان ولحم الخنزير.
وقالت الجمعيات الزراعية البلجيكية، بأن الأسعار لا تزال ضعيفة والحالة تزداد سوءا للمزارعين، ولا أحد يشعر بهذه المعاناة وقال غي ديبراتييه من رابطة الجمعيات الزراعية البلجيكية «نريد ممارسة ضغط سياسي، ونطالب بتغييرات هيكلية، ولهذا قررنا أن نقوم بتحرك مشترك، وهو إقامة الحواجز على الطرق عبر الجرارات الزراعية، ونخشى أن يتسبب الأمر في إزعاج البعض، ونحن نعتذر مسبقا على هذا الأمر، لأننا نناضل من أجل البقاء على قيد الحياة».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.