المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم: «داعش» صناعة أجنبية

عبد الله محارب أكد في حواره مع {الشرق الأوسط} أن الثقافة العربية بريئة من الإرهاب.. وضعف مستوى التعليم يتحمل المسؤولية

الدكتور عبد الله محارب المدير العام  للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم («الشرق الأوسط»)
الدكتور عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم («الشرق الأوسط»)
TT

المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم: «داعش» صناعة أجنبية

الدكتور عبد الله محارب المدير العام  للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم («الشرق الأوسط»)
الدكتور عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور عبد الله محارب، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إن كل التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» وغيره ملفات مؤقتة لأنها صناعة أجنبية تخدم أجندات محددة، وإن المستفيد منها كل من إيران وإسرائيل، واعتبر أن الثقافة العربية إحدى ضحايا السياسية والأزمة التي تمر بها المنطقة، إضافة إلى الضعف الذي نال من منظومة التعليم على مدار السنوات الماضية.
ولفت مدير المنظمة في حواه مع «الشرق الأوسط» إلى تجربة كوريا الشمالية، فبعد أن كانت دولة متخلفة استطاعت أن تكون في مصاف الدول المتقدمة خلال سبع سنوات من خلال إعادة إصلاح الخلل الذي أصاب التعليم. وأشاد بما تقدمه المملكة العربية السعودية من مشاريع لمراقبة جودة العليم، واعتبره عملاً رائدًا في هذا المجال، خصوصًا أنه يحظى برعاية الديوان الملكي. كما أشار إلى تبرع المملكة لإعادة بناء مبنى المنظمة العربية للثقافة والعلوم المقر الدائم في تونس، وكشف عن مؤتمرات تعقد لجودة التعليم في الصومال وأخرى في البحرين يوم 21 شهر مارس (آذار) المقبل تحت اسم يوم الشعر العربي، كما أشاد بمركز الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية والذي يعقد مؤتمرات كل أربعة أشهر لتقييم ومراجعة كل ما يخدم اللغة العربية.. وهنا نص الحوار:
* هل تستفيد الثقافة العربية من النشاط السياسي؟ وما مدى التأثير والتأثر بما يحدث؟ وهل يمكن أن تساهم في جهود تطهير المنطقة من الإرهاب؟
- الثقافة إحدى ضحايا السياسة، بمعنى أنها تصنع في الخارج ولا نصنع سياستنا بأنفسنا، ويخطط لنا أشياء نحن غير منتبهين لها ومن ثم نقع فيها، وعلى سبيل المثال – تنظيم داعش – والذي يعد صورة واضحة لتآمر مجموعة من القوى الكبرى على الوطن العربي، ولم يكن أحد يتصور أنه سيأتي اليوم الذي نرى فيه المسلم يقتل أخاه المسلم بهذه البشاعة من الوريد إلى الوريد ويقوم بتصويره أمام التلفاز وهذا أمر مفزع.
* تقصد أن الإسلام والثقافة العربية بريئان مما يقوم به تنظيم داعش؟
- إطلاقًا الثقافة العربية بريئة من هذا الإرهاب الداعشي والذي يعد صناعة أجنبية – إسرائيلية – إيرانية، لأن هذه الأطراف لها مصلحة في السيطرة على الوطن العربي. الأمر الغريب أن «داعش» لديه قوة وتمويل مستمر حتى في ظل قيام قوات التحالف الدولي بمحاربتها، والسؤال هو من أين لـ«داعش» بالأسلحة والذخيرة والتمويل؟
* لماذا تتمركز قوة «داعش» في سوريا والعراق في تقديرك؟
- باعتبارهما البيئة الصالحة للتخريب، وكانت الخطط القديمة تتحدث عن إقامة دولة في شمال العراق يقيم فيها تنظيم يسمى وكر الدبابير وأن يجلب هذا الوكر مرتزقة من كل أنحاء العالم للقيام بأعمال تزعج المنطقة كلها لإشغال العرب، لكي لا يتوحدوا ضد إسرائيل وحتى يقتلوا بعضهم بعضًا.
* أين إذن دور الثقافة في تصحيح المفاهيم المغلوطة؟
- بداية من خطط لهذا استغل ضعف برامج التعليم في الوطن العربي وعدم الاهتمام بنقل المجتمع نقلة حضارية جديدة، والقضية لا تعني أننا نقوم ببناء إعمار متطور أو برج وإنما أن تعيد النظر في البرامج التعليمية ومستوى المعلم، هناك خلل في النواحي التعليمية متلازم معنا في المنطقة منذ أكثر من 30 عامًا وقد أفرز أجيالاً متعاقبة من العقول التي تفتقد التعليم الحقيقي، وانتقل هذا إلى الجامعات بسبب دورة فساد مغلقة يصعب كسرها إلا عبر قرار سياسي جاد يقوم بتفجير هذه السلسلة من الفساد ومن ثم القضاء عليها، حتى ننقذ الشباب من هذه الهجمة الشرسة التي يقوم بها تنظيم داعش في المنطقة، لأن أكثر المتأثرين بها هم طبقة الشباب خاصة من الأعمار 15 سنة وإلى 25 سنة، وبالتالي من المهم جدًا أن نقدم للشباب القيم التي يحملها الدين الإسلامي وقبول الآخر وهو أمر متجذر في الشريعة الإسلامية – مثلاً الشاعر البحتري المتوفى 285 هجرية، ابن عمه «بن عبدون»، كان راهب دير البصرة وكانا يتزاوران وهم من عائلة واحدة ولم يقل سوف أقتله لاختلاف المذهب، لقد كانت كل المذاهب متحاورة ولم نشهد حالة اقتتال واحدة، ومن هنا نقول هل من يسمون أنفسهم «داعش» وقتلوا المسيحيين وهدموا الكنائس هل هم أكثر تقوى من الصحابة الذين كانون يوصون خيرًا بالرهبان والأديرة والكنائس؟
* إذن أين الحل لتقديم الفهم الصحيح لقبول الآخر؟
- أدعو من خلال جريدة «الشرق الأوسط» جميع القيادات العربية السياسية الكبرى أن تجعل التعليم هو محور التنمية والتطور في المنطقة ولنا نماذج في كوريا الجنوبية – حيث كانت منذ ثلاثين عامًا أكثر تخلفًا من أي دولة عربية، وخلال سبع سنوات انتقلت إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال الاهتمام بالتعليم، وقامت بتسخير الجيش للبناء والتنمية، مثلاً شركة «هيونداي» كانت لبناء العقارات ومعظم عمالها من الجيش وعملوا لدينا في الخليج وقاموا ببناء أشياء كثيرة جدًا، وماليزيا نفس الوضع وغيرها.
* هل ترى أن الدول العربية لديها الرغبة في إحداث النقلة المطلوبة في مجال التعليم؟
- موجود اليوم في المملكة العربية السعودية مشروع رائد ومهم في هذا المجال وأتمنى أن تحذو كل الدول العربية حذوها – وهو مشروع مؤسسة مراقبة وتجويد التعليم وهى تابعة للديوان الملكي ويرأسها شخصية بدرجة وزير، وهذه المؤسسة تقوم بمراجعة الأداء التعليمي في المملكة على كل المستويات، من حيث صياغة الكتاب وإعداد المدرس وكثافة الفصول المدرسية والمواصلات، وإذا حدثت أي أخطاء تعطى التعليمات من الديوان الملكي للوزارة وتنفذ فورًا وميزانيتها مستقلة، وبالتالي البداية تكون تحت رعاية القيادة السياسية لإصلاح منظومة التعليم وفق المقاييس العالمية، فالأمة التي تعيش في خطر يكون ذلك بسبب الإهمال.
* سبق أن طرحت مشروع مارشال عربي لدعم مصر في مجال التعليم ماذا تقصد بذلك؟
- أعني أن المصدر الأساسي للمدرسين إلى دول الخليج يكون من مصر، حيث الكثافة والتنوع في التخصصات، واليوم مصر تعاني من ضعف مستوى التعليم، ولهذا دعوت لمشروع مارشال عربي تقوم به دول الخليج لمساعدة مصر في النهوض بإصلاح التعليم، ونظمت ندوة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وأطلقت هذا المشروع ولم يتصل بي أحد، ونشرت هذا المشروع في عدة صحف وكان هدفي كمنظمة عربية للعلوم والثقافة أن نقدم لمصر شيئًا بمشاركة الجميع، وأن نقوم بحملة بناء مدارس في العام لنصل إلى بناء خمسة آلاف مدرسة في العام حتى نقضي على ظاهرة التكدس في الفصول المدرسية في القرى والنجوع وكل مكان، وأن نقوم بإنشاء مراكز لتدريب المعلم وأن يتم توفير الكتاب المدرسي، وهذا في المقابل ينعكس على دول الخليج.
* وكيف ترى «داعش» في العراق؟
- كل هذه التنظيمات الدخيلة على مجتمعاتنا سوف تنتهي، والمشكلة هي في التدخلات الإيرانية التي تنشط وبشكل كبير في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأرى أن مشكلة اليمن في طريقها للحل مجرد شهرين ثلاثة لأن جماعة الحوثي تمثل واحدًا في المائة من مجموع الشعب اليمني ونسبتهم قليلة جدًا، ولولا مساعدة إيران لما تمكنوا من زعزعة أمن واستقرار اليمن.
* كيف ترى قضية تدمير الآثار خاصة في سوريا والعراق؟
- هذه كارثة وقد رأيت من يدعي الإسلام يمسك بأدوات بدائية لتكسير الآثار ولم يعلم المدعي والفاعل باسم الإسلام أن هذه الآثار كانت موجودة منذ مطلع فجر الإسلام وحتى في عهد الصحابة ولم يتعرضوا لها، وعليه أدعو كل المنظمات العالمية التي تقوم بجهود لحماية هذا التاريخ الذي يعد ملكًا للبشرية ومن جانبنا سنعقد مؤتمرًا للبحث في كيفية تعويض ما تم تدميره من خلال إعادة البناء طبقًا لأرشيف صور هذه الآثار وقد حدث ذلك في مدينة تمبكتو بمالي.
* ماذا قدمت المنظمة العربية للثقافة والعلوم للشباب العرب؟
- المنظمة أنشأت لجنة خاصة لاستقطاب إبداع الشباب من كل الدول العربية وأطلقنا موقعًا خاصًا بالمنظمة كي يضع الشباب كل الابتكارات الخاصة بالثقافة والبحث العلمي، وتلا ذلك عمل مسابقة تقدم لها نحو ألف شاب عربي، وسوف تختار اللجنة أربعة من كل دولة، وتم تخصيص 50 ألف دولار للفائز بالجائزة، ومع الانتقال إلى المبنى الجديد للمنظمة في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) سوف نقدم الكثير من الأفكار التي تعزز عمل المنظمة، خصوصًا أننا كنا نعمل في مبنى غير مناسب لإنجاز أي شيء، كان عبارة عن هيكل خرساني وقد ساهمت المملكة العربية السعودية بتقديم مليون دولار، والكويت كذلك، إضافة إلى مساهمات أخرى، وقد أنجزنا البناء، وسوف يتم افتتاحه بتونس بداية شهر ديسمبر وسوف يفتتحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.