أليخاندرو مالدونادو رئيسًا جديدًا لغواتيمالا.. وإحالة أوتو بيريز إلى القضاء

غداة استقالة أوتو بيريز المتهم بالفساد وإحالته إلى القضاء، تولى أليخاندرو مالدونادو، نائب الرئيس المستقيل، رئاسة غواتيمالا حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد أن أدى اليمين أمام البرلمان مساء أول من أمس، في أجواء من الابتهاج الشعبي، وقبل يوم واحد من الانتخابات.
وكان مالدونادو حتى مايو (أيار) الماضي أحد الأعضاء الخمسة في المحكمة الدستورية، قبل أن يعين نائبًا للرئيس بدلاً من روكسانا بالديتي، التي استقالت قبل توقيفها في إطار قضية الفساد ذاتها التي يتهم فيها أوتو بيريز.
واتهم بيريز من طرف النيابة العامة ومن لجنة للتصدي للإفلات من العقاب، تابعة للأمم المتحدة، بإدارته لنظام للفساد داخل الجمارك، يتلقى من خلاله موظفون رشى لإعفاء بعض الواردات من الرسوم. ويجري استجواب بيريز، الذي حكم البلاد منذ 2012، منذ صباح الخميس من قبل القاضي ميغيل أنخيل غالفيز، الذي أصدر الأربعاء مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق، مما أدى إلى تسريع استقالته.
وأثناء الاستماع إلى بيريز بدا محرجًا مطاطأ الرأس حين بث الاتهام عددًا من التسجيلات الهاتفية التي تضعه موضع اتهام، وقد أصدر القاضي أمرًا باحتجازه في مركز ماتاموروس العسكري بوسط العاصمة لمنع فراره من العدالة، بينما اتهمه النائب العام أنتونيو موراليس بأنه «عضو في عصابة إجرام كانت تعمل منذ مايو 2014 بهدف سرقة أموال الدولة»، وقدر أن بيريز حصل على 3.7 مليون دولار كرشى. أما نائبته السابقة بالديتي فيشتبه في حصولها على 3.8 مليون دولار، خصوصا من خلال شيكات باسمها.
وأمام المحكمة تجمع عدد من المواطنين مبتهجين، وهتفوا «بيريز أيها اللص مصيرك بافون»، وهو أحد أكبر سجون غواتيمالا.
وفي مؤشر على انقلاب الوضع في مستوى الانتخابات، أصبح الفكاهي جيمي موراليس، مرشح الحزب اليميني الذي لا يملك خبرة سياسية، في مقدمة نيات التصويت في الانتخابات الرئاسية، بحسب استطلاع نشر أول من أمس، حيث بلغت نسبة النيات لهذا المرشح 25 في المائة، متجاوزًا مانويل بالديزون (يمين 22.9 في المائة) الذي كان حتى الآن الأوفر حظًا، وأيضًا الاشتراكية الديمقراطية ساندرا توريس (18.4 في المائة).
ويتوقع المراقبون أن تنحصر المنافسة بين هؤلاء الثلاثة من بين 14 مرشحًا، بينما دعي نحو 7.5 مليون ناخب من سكان غواتيمالا، البالغ عددهم 15.8 مليون نسمة، لانتخاب رئيس لهم غدًا الأحد، و158 نائبًا في البرلمان، و338 رئيس بلدية.
وفي الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية، ستفتح مراكز الاقتراع أبوابها في وقت مبكر من صباح غد للناخبين المشاركة في الانتخابات، وستعرف النتائج الأولية مساء بعد غد الاثنين، على أن يدعى المرشحان الرئاسيان اللذان حلا في الطليعة، إلى دورة ثانية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال كيفين بارتيناي، الباحث في مرصد أميركا اللاتينية للعلوم السياسية، إن «الرهان هو هل سيغادر الناس فعلاً منازلهم للإدلاء بأصواتهم أم لا» في هذا البلد الذي سجلت فيه المشاركة خلال السنوات العشرين الماضية مزيدًا من الارتفاع. وأضاف أن «ردة فعل ستحصل بعد ذلك، أيًا يكن المرشح الذي سينتخب في الدورة الثانية، أعتقد أنه سيواجه وضعًا معقدًا».
وسبب هذا التخوف حسب بعض المراقبين هو أن هذه الانتخابات تجرى في أجواء غير طبيعية، لأن آلافًا من أبناء الشعب الغواتيمالي طالبوا عبثًا بإرجائها، كما طالبوا طوال أشهر باستقالة الرئيس الذي يتولى الحكم منذ 2012، والذي استقال في نهاية المطاف، رغم أنه دأب على القول إنه لن يتنحى قبل انتهاء ولايته.
من جانبها، أشادت الناشطة الغواتيمالية ريغوبرتا مينشو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام سنة 1992 بـ«اليقظة الكبيرة للشعب»، وذلك بعد عقود من التقاعس عن التحرك. لكنها أعربت أيضًا عن قلقها ليوم غد الأحد، آملة في أن «يمضي يوم الاقتراع من دون سقوط نقطة دم».
وقد دفع هذا الغليان الشعبي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أن يدعو في بيان «جميع الغواتيماليين إلى أن يفعلوا كل ما في وسعهم حتى تجرى الانتخابات في أجواء سلمية هادئة»، في بلد يحصى فيه سنويًا سقوط ستة آلاف قتيل في أعمال العنف، ويسقط معظمهم في إطار الجريمة المنظمة.
أما مانفريدو ماروكان، مدير منظمة «أكسيون كويدادانا» غير الحكومية، وهي الفرع المحلي لمنظمة ترنسبرنسي إنترناشونال، فلم يخف تشاؤمه لأن شراء الأصوات يعتبر أمرًا مألوفًا، ذلك أن الحصول على أصوات الناخبين يتم على سبيل المثال عبر توزيع أكياس مليئة بالمواد الغذائية، أو عبر سحب القرعة خلال الاجتماعات لتقديم دراجات نارية أو دراجات هوائية، في بلد يعيش 53.7 في المائة من سكانه تحت عتبة الفقر، كما يقول البنك الدولي، بينما قال جوناتان مينكوس، مدير مؤسسة أميركا الوسطى للدراسات الضريبية، إن «50 في المائة من تمويل الأحزاب يأتي من الفساد.. والأغلبية الساحقة من الأحزاب السياسية لا يتوافر لديها مع الأسف إلا الكلام المعسول، لكنها لا تطرح أي خطة ملموسة» لمكافحة هذه الآفة.