مقطع من 3 دقائق يكشف مشاركة الروس في القتال إلى جانب النظام السوري

دبلوماسيون: روسيا تؤخر تحقيقًا للأمم المتحدة في هجمات بالغاز

مقطع من 3 دقائق يكشف مشاركة الروس في القتال إلى جانب النظام السوري
TT

مقطع من 3 دقائق يكشف مشاركة الروس في القتال إلى جانب النظام السوري

مقطع من 3 دقائق يكشف مشاركة الروس في القتال إلى جانب النظام السوري

كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية، في عدد أمس، عن وجود قوات روسية تقاتل بجانب جيش الأسد، اعتمادا على مقطع من 3 دقائق صوره أحد المقاتلين الموالين للنظام وبثه التلفزيون الرسمي السوري.
وذكرت الصحيفة في تقريرها أن قناة التلفزيونية السورية الرسمية بثت فيلمًا قصيرًا أظهر أشخاصا يتحدثون بالروسية، كانوا يطلقون الأوامر من خلف عربة مصفحة هي من الأكثر تطورا بين الأسلحة الروسية، وتبين أنهم قوات روسية تقاتل ضد المعارضة المتقدمة في جبال اللاذقية، المعقل الرئيسي للطائفة العلوية.
وطابقت الصحيفة الصوت المرفق للمقطع المصور بعد أن عرضته على الخبير في الشؤون العسكرية الروسية في «المعهد الملكي للقوات المتحدة» إيغور سوتياغين، فعلق بقوله: «صحيح.. تستطيع سماع اللغة الروسية». وقال سوتياغين إنه ليس متأكدا إن كان المتحدثون في اللقطات جنودا يخدمون في الجيش السوري، أم عسكريين سابقين، أم متعهدين أمنيين. ويظهر المقطع أسلحة روسية متقدمة بدءا من العربة المصفحة من نوع «BTR- 82A» التي تم إنتاجها العام الماضي فقط، وأنظمة المراقبة وطريقة إطلاق النار التي تعد الأكثر تقدمًا في الصناعة الروسية. ويبدو الصوت المرافق للقطات واضحا، وكان المتحدثون بالروسية يطلقون الأوامر. ويقول الخبير في الشؤون الروسية في المعهد الملكي للدراسات المتحدة إيغور سوتياغين: «تستطيع سماع اللغة الروسية، هذا صحيح». وعلى الرغم من اعتماد النظام السوري منذ مدة طويلة على خدمات المستشارين والفنيين الروس، كجزء من دعم روسيا له، فإنهم لم يشاهدوا من قبل يشاركون في العمليات العسكرية.
وكان موقع «نيقولاي فيلنشكوف»، الذي يتابع حركة السفن، التقط في 20 أغسطس (آب) الماضي صورة سفينة حربية روسية تعبر مضيق البسفور، يعتقد أنها متجهة إلى ميناء طرطوس، الذي تحتفظ روسيا بقاعدة عسكرية فيه.
ونشرت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام، الأسبوع الماضي، تقريرا يفيد بالتحضير لقاعدة عسكرية روسية في بلدة جبلة (جبال اللاذقية). ونقلت «التايمز» عن مصادر في الجيش الحر تأكيدها وصول الكثير من المسؤولين الروس إلى صلنفة (في جبال اللاذقية) في الأسابيع الأخيرة. وتكشف الصحيفة عن أن المعارضة السورية قد حددت المكان الذي التقطت منه الصور ببلدة صلنفة شرق اللاذقية. كما تحدث الجيش الحر عن طائرات من دون طيار روسية أسقطها في ريف إدلب. ونفت روسيا أول من أمس الأربعاء صحة الأنباء التي تحدثت عن مشاركتها في استهداف مواقع تابعة لتنظيم الدولة في سوريا.
وكان المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، قال في مؤتمر صحافي أول من أمس، إن روسيا لم تشارك في عمليات قصف مواقع تنظيم الدولة في سوريا، نافيًا الأنباءَ التي أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية وتناقلها عدد من المواقع، حول «اتخاذ موسكو قرارًا بإرسال طائرات إلى سوريا لمحاربة (داعش)».
في سياق آخر، قال دبلوماسيون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أول من أمس، إن روسيا تؤخر بدء تحقيق يهدف إلى تحديد المسؤول عن هجمات بالأسلحة الكيماوية في سوريا، رغم أن مبعوث موسكو لدى المنظمة الدولية قال إن التأخير يرجع إلى أسباب فنية.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن المكون من 15 عضوا الأسبوع الماضي، لخص الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خططه لإجراء تحقيق في هجمات بالغاز السام في سوريا تجريه الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وكان من المفترض أن يرد المجلس على رسالة بان في غضون خمسة أيام. وانقضت المهلة الثلاثاء الماضي ولم يرسل ردا.
وقال عدد من الدبلوماسيين بالمجلس إن روسيا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن هذا الشهر، مترددة. وعندما سئل بشأن ذلك في مؤتمر صحافي، هون السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين من المخاوف بشأن التأخير. وقال تشوركين إنه سعى إلى إيضاحات مكتوبة من الأمم المتحدة بشأن كيفية إجراء التحقيق على وجه التحديد.
ووصف ثلاثة مجالات محل قلق تحتاج إلى إيضاحات مكتوبة، لكنه ذكر واحدا فقط يتصل بالمساهمات الطوعية لتمويل التحقيق. وقال إن لديه مخاوف من أن تستخدم هذه المساهمات الطوعية في التأثير على التحقيق «ليحيد عن الموضوعية التي نأمل أن نراها خلال إجرائه».
وقال دبلوماسيون غربيون إن الروس أثاروا أيضا قضية العراق وإمكانية توسعة نطاق التحقيق الذي تجريه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ليشمل الأراضي العراقية، حيث ظهرت مزاعم بأن تنظيم داعش يستخدم الغاز السام. وقال تشوركين إن هذه قضية تبحثها روسيا مع الحكومة العراقية. ولمح دبلوماسيون بالمجلس إلى أن موسكو تريد في ما يبدو أن يكون للتحقيق تركيز أكبر على مزاعم بشن هجمات بالأسلحة الكيماوية من جانب «داعش» في العراق وسوريا.
وتقول القوى الغربية إن حكومة سوريا مسؤولة عن الهجمات الكيماوية بما فيها هجمات بغاز الكلور. وتتهم الحكومة السورية وروسيا التي تؤيد بقوة الرئيس السوري بشار الأسد، جماعات المعارضة باستخدام الغاز السام.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.