بغداد: خلاف حاد حول «الحرس الوطني» مع اقتراب الذكرى الأولى لتشكيل حكومة العبادي

التحالف الشيعي يرى أن الأولوية لحزمة الإصلاحات.. والسنة يرون استمرار التهميش والإقصاء

متطوع يتلقى معدات عسكرية للمشاركة في محاربة تنظيم {داعش} المتطرف في مدينة الرمادي (أ.ب)
متطوع يتلقى معدات عسكرية للمشاركة في محاربة تنظيم {داعش} المتطرف في مدينة الرمادي (أ.ب)
TT

بغداد: خلاف حاد حول «الحرس الوطني» مع اقتراب الذكرى الأولى لتشكيل حكومة العبادي

متطوع يتلقى معدات عسكرية للمشاركة في محاربة تنظيم {داعش} المتطرف في مدينة الرمادي (أ.ب)
متطوع يتلقى معدات عسكرية للمشاركة في محاربة تنظيم {داعش} المتطرف في مدينة الرمادي (أ.ب)

مع اقتراب الذكرى الأولى لتشكيل حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونيلها الثقة في الثامن من سبتمبر (أيلول) 2014 من البرلمان العراقي لا يزال يواجه أول قانون أراده العرب السنة أن يكون معادلا لقوات الحشد الشعبي ذات الغالبية الشيعية يواجه المزيد من العراقيل لإقراره. وفيما كان مشروع القانون على وشك التصويت عليه من قبل البرلمان العراقي بوصفه جزءا من وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها فقد بدأت سلسلة التراجعات الخاصة به بعد انطلاق المظاهرات في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية وإطلاق العبادي حزمة الإصلاحات الثلاثة.
وفي الوقت الذي لا يرى فيه السنة تضاربا بين الإصلاحات الحكومية والمضي في تنفيذ وثيقة الاتفاق السياسي فإن التحالف الوطني الشيعي يرى أن الأولوية يجب أن تكون لحزمة الإصلاحات التي باتت تشهد هي الأخرى عراقيل وعقبات. وفي هذا السياق أعلن مقرر البرلمان العراقي نيازي معمار أوغلو أن أبرز النقاط الخلافية في مشروع قانون الحرس الوطني تتمحور حول ما إذا كانت تشكيلات الحرس من أبناء المحافظات حصرا، أم ستكون خليطا من جميع المحافظات. وأضاف أوغلو في تصريح صحافي أن «الخلاف الآخر هو بشأن شخصية قائد الحرس الوطني بين أن يكون ضابطا أو قائدا بدرجة خاصة» مشيرا إلى أنه «هناك خلاف أيضا على ارتباط تشكيلات الحرس وتحريك قطعاته بالقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء أو بوزير الدفاع». وأوضح أن «الكتل السياسية مختلفة أيضا على صلاحية القائد العام للحرس الوطني بتحريك قطعات الحرس بين المحافظات أو أن يكون بقرار من القائد العام للقوات المسلحة». لكن تحالف القوى العراقية (الكتلة البرلمانية السنية) رفض هذه التبريرات. وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى رعد الدهلكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح لنا أن هناك تراجعا عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه طبقا لوثيقة الاتفاق السياسي التي تم تشكيل الحكومة الحالية في ضوئها وقد جاءت مشاركتنا في الحكومة على هذا الأساس» مبينا أن «تحالف القوى دعم حكومة العبادي في كل الخطوات التي قامت بها برغم كل العراقيل والعقبات التي ما زالت قائمة بشأن أسلوب مشاركتنا في السلطة وكيفية إدارة الملفات الهامة مثل الملف الأمني وغيره حيث ما زلنا بعيدين عنه وهو ما يعني استمرار التهميش والإقصاء برغم وجود نوايا طيبة لدى العبادي في تخطي سلبيات الماضي».
وحول الصلة بين وثيقة الاتفاق السياسي وحزمة الإصلاحات الحالية قال الدهلكي إن «موقفنا كان داعما للإصلاحات منذ البداية لأننا نرى أنها الوسيلة الوحيدة التي من شأنها إصلاح الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية فضلا عن إيقاف الهدر بالمال العام ومكافحة الفساد ولكن هناك جملة من القوانين المعطلة بسبب الخلافات السياسية خلال فترة الحكومة الماضية وبالتالي فإن الإصلاحات تعني فيما تعنيه تشريع القوانين المعطلة ومنها القوانين التي تهم المكون السني مثل الحرس الوطني والعفو العام والمساءلة والعدالة بالإضافة إلى قوانين الأحزاب والمحكمة الاتحادية والنفط والغاز وغيرها». لكن عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر يرى من جانبه أن «الخلاف حول قانون الحرس الوطني بات جوهريا». ويضيف جعفر أن «التحالف الوطني يريد أن تكون حركة قوات الحرس الوطني مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة حصرا بينما يريدها تحالف القوى أن تكون مرتبطة بالمحافظ وأن لا تنحصر تشكيلاته على أبناء المحافظة الواحدة بل من كل المكونات والمحافظات». رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري الذي ينتمي إلى تحالف القوى العراقية يرى من جانبه في كلمة ألقاها في ندوة حوارية ببغداد مساء أول من أمس أن «قانون الحرس الوطني هو اللبنة الأساس للشروع في عملية التحرير، وأن توافق الكتل السياسية على مضمونه وشكله يعد مهما للغاية وهو ما سيعطيه القوة في أن يلبي حاجة المحافظات المحتلة من قبل داعش بدعم انخراط أبناء تلك المحافظات في عملية المواجهة المصيرية ومنحهم شرف تحرير أرضهم والثأر من قوى الإرهاب لكل الشهداء الذين اغتالهم داعش بوسائل دنيئة ووحشية».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.