الجيش يتقدم وسط قتال عنيف وغطاء من التحالف.. وجثث الحوثيين في شوارع تعز

المنظمات الدولية قلقة جراء الوضع الإنساني وتطالب بمساعدات عاجلة

يمني موال للرئيس هادي يطلع على مخزن للألغام تركه المتمردون الحوثيون بعد فرارهم من لحج أول من أمس (أ.ف.ب)
يمني موال للرئيس هادي يطلع على مخزن للألغام تركه المتمردون الحوثيون بعد فرارهم من لحج أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش يتقدم وسط قتال عنيف وغطاء من التحالف.. وجثث الحوثيين في شوارع تعز

يمني موال للرئيس هادي يطلع على مخزن للألغام تركه المتمردون الحوثيون بعد فرارهم من لحج أول من أمس (أ.ف.ب)
يمني موال للرئيس هادي يطلع على مخزن للألغام تركه المتمردون الحوثيون بعد فرارهم من لحج أول من أمس (أ.ف.ب)

قالت مصادر في المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني في تعز لـ«الشرق الأوسط»: «إن ساعة الحسم لتحرير محافظة تعز بدأت، وإن عملية عسكرية واسعة النطاق تتم، حاليا، لدحر الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح عن المحافظة».
وبالتزامن مع المعارك على الأرض، كثف طيران التحالف العربي، أمس، غاراته ضد مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في مدينة تعز، التي تستمر فيها قوات الجيش اليمني في إلحاق هزائم متتالية بميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: «إن عشرات القتلى والجرحى قتلوا في مواجهات بعدد من مناطق تعز، بينها الحوبان وكلابة وجامعة تعز، في المواجهات وإن جثثهم شوهدت تنتشر في الشوارع».
واستهدفت طائرات التحالف الكثير من مواقع ميليشيات الحوثي وصالح، ومنها مبنى القيادة والسيطرة وبرج الاتصالات للواء 35 مدرع المؤيد للشرعية التي تسيطر عليه الميليشيات، ومبنى نادي الصقر الرياضي ومنزل في منطقة بئر باشا تتخذه الميليشيات المتمردة مقرا لها والقصر الجهوري ومنطقة كلابة، وسقط كثير من القتلى والجرحى الحوثيين وأنصارهم وحلفائهم، وأضاف شهود عيان أن الطيران نفذ، أيضا، غارات على عدد من مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في منطقة الحوبان وسمع دوي انفجارات كبيرة في المنطقة بالإضافة إلى تفجير منزل القائد السابق للواء 22 في الجند، علي عزيز، وإحدى المباني التي تتجمع فيها الميليشيات المتمردة بالجندية، وتجمعات أخرى لهم في جامعة تعز التي سيطرت عليه قبل ثلاثة أيام.
وبحسب المعلومات الميدانية، فقد مثلت غارات قوات التحالف غطاء جويا لقوات الجيش اليمني للتقدم في المواجهات الدائرة في محيط القصر الجمهوري وعدد آخر من جبهات القتال، وأفادت المعلومات بأن بين قتلى الميليشيات الحوثية، القائد الميداني في منطقة كلابة المكنى بـ«أبي محمد»، وأن عددا من عناصر الميليشيات وقعوا أسرى في يد قوات الجيش اليمني.
من جانبه، قال الناشط السياسي في تعز، محمد القدسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية، بمساعدة طائرات التحالف العربي، تمكنوا من تحقيق انتصارات كبيرة في عدد من الجبهات ولم يتبق سوى القليل لتحرير تعز كاملة». ورغم الدعم الذي تقدمه قوات التحالف، إلا أن القدسي طالب بالمزيد من الدعم، وقال إن «أبناء تعز ينتظرون من قوات التحالف العربي مساعدتهم في تحرير محافظتهم، كما حدث مع الجنوب ومساعدتهم في تقديم السلاح النوعي للمقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعي، بالإضافة إلى استمرار ضرباتهم الجوية التي تساعدهم كغطاء جوي لهم والتي جميعها تكون دقيقة جدا وتوقع أكبر الخسائر المادية والبشرية في صفوف الميليشيات».
وفي الوقت الذي تشهد فيه مدينة تعز، وللشهر الخامس على التوالي، وضعا إنسانيا صعبا للغاية، جراء الحصار الذي تفرضه الميليشيات على المدينة، حيث تمنع عنهم دخول الأدوية ومياه الشرب والمستلزمات اللازمة، مما زاد من تفاقم الوضع الإنساني، دعا منسّق الشؤون الإنسانية لليمن، يوهانس فان دير كلاو، جميع الأطراف إلى الالتزام بمسؤولياتها واحترام حياة وحقوق المدنيين وتأمين ممرات آمنة ووصول فعلي إلى تعز بالإضافة إلى منافذ إنسانية لإيصال المساعدات، وقال: «تعاني أوضاع السكان المدنيين في محافظة تعز من التدهور المتزايد، وقد وجد اليمنيون أنفسهم في الخطوط الأمامية بعد أن تحولت مدينة تعز إلى ساحة قتال يتعرض فيها المدنيون تقريبًا لعنف عشوائي وانتهاكات لحقوق الإنسان ترتكبها جميع أطراف النزاع».
ووفقا لسجلات المرافق الصحية، لقي 65 شخصا حتفهم خلال الخمسة أيام الأولى من القتال وأصيب أكثر من 400 شخص آخرين. كما انهارت خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية في مدينة تعز، وحرم أكثر من 300 ألف شخص من الحصول على الخدمات الأساسية، هذا إلى جانب انتشار أمراض معدية مثل حمى الضنك.
وأضاف كلاو: «أصبح أكثر من 3 ملايين شخص في محافظة تعز عرضة للخطر، كما أصبح من المستحيل تقريبًا إيصال المساعدات إليهم، كما لا تصل إمدادات الغذاء والوقود اللازم لتشغيل خدمات المياه والصرف الصحي ومولدات الطاقة للمستشفيات إلى وجهتها، وينطبق الأمر أيضًا على المساعدات الضرورية الأخرى».
ويتعرض العاملون في المجال الإنساني بشكل متزايد للاستهداف أو المضايقة أو الاختطاف، وحتى مركباتهم تتعرض لنهب، وذلك من قبل مسلحين ينتمون إلى جميع أطراف النزاع. وهذه تطورات غير مقبولة.
بدورها، أبدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، انزعاجها الكبير من ازدياد عدد الضحايا المدنيين في مدينة تعز والوضع الإنساني الذي وصلت إليه، وقال الناطق الإعلامي للمفوضية سيسيل بولي، في بيان صحافي واصفًا الوضع في تعز: «نحن منزعجون من الزيادة الحادة في عدد الضحايا المدنيين في تعز في الأسابيع الأخيرة، فضلا عن الوضع الإنساني، والذي يزداد سوءًا بسبب انسداد طرق الإمداد إلى مدينة تعز من قبل اللجان الشعبية التابعة للحوثيين».
وتابع بولي: «إننا قلقون حول الانهيار الوشيك لنظام الرعاية الصحية في تعز، حيث جميع المستشفيات العامة الستة لم تعد تعمل بسبب القتال بين أطراف النزاع في المناطق المجاورة، أو بسبب قيام اللجان الشعبية التابعة للحوثيين باتخاذ مواقع عسكرية في مكان قريب، أو بسبب نقص العاملين في المجال الطبي والإمدادات والوقود، ولقد طغى ذلك الوضع على المستشفيات الخاصة الصغيرة ذات القدرة المحدودة نتيجة لعدد كبير من المرضى ذوي الإصابات الشديدة، فضلا عن انتشار حمى الضنك في المنطقة».
وكانت وزارة حقوق الإنسان اليمنية ناشدت، في بيان لها، المجتمع الدولي ببذل أقصى الجهود لإنقاذ محافظة تعز من الوضع الصحي الكارثي الذي تمر به، في ظل حرب الإبادة البشعة التي تتعرض لها من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، مستنكرة ما آل إليه الوضع الصحي بالمحافظة، وانتشار حمى الضنك.
وأعربت الوزارة عن خشيتها من تفشي الأوبئة الفتاكة بالمواطنين، في ظل انعدام الأدوية والمراكز الصحية، وتدهور الوضع الصحي وتوقف معظم المستشفيات عن العمل وتوقف فرع الهلال الأحمر اليمني عن العمل، بعد اقتحام الميليشيات مؤخرا لمقره وسرقة محتوياته وترويع منتسبيه وسرقة سيارات الإسعاف التابعة له، مما ينذر بكارثة صحية وشيكة قد تودي بحياة المئات من المرضى والجرحى. وقالت في بيانها إن «محافظة تعز تنال النصيب الأكبر من عملية استهداف الأطباء، ابتداء من القتل المباشر، كما حدث للطبيب عبد الحليم الأصبحي، وهو يقوم بدوره في إسعاف الجرحى، إلى قصف المستشفيات المختلفة بالمدينة، وقد تعرض مستشفى الثورة العام وهو المستشفى المركزي تعز لثماني عشرة مرة من القصف المباشر، واشتعلت النيران في أجزاء منه».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.