القوى الأمنية اللبنانية تخلي وزارة البيئة من ناشطين يطالبون باستقالة المشنوق

السفارة الأميركية في بيروت تنفي تمويل الحراك الشعبي

ناشطون لبنانيون داخل وزارة البيئة في بيروت وعلم لبنان يرفعه أحدهم قبل أن يتم إخراجهم بالقوة من قبل رجال مكافحة الشغب اللبنانية (أ.ف.ب)
ناشطون لبنانيون داخل وزارة البيئة في بيروت وعلم لبنان يرفعه أحدهم قبل أن يتم إخراجهم بالقوة من قبل رجال مكافحة الشغب اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

القوى الأمنية اللبنانية تخلي وزارة البيئة من ناشطين يطالبون باستقالة المشنوق

ناشطون لبنانيون داخل وزارة البيئة في بيروت وعلم لبنان يرفعه أحدهم قبل أن يتم إخراجهم بالقوة من قبل رجال مكافحة الشغب اللبنانية (أ.ف.ب)
ناشطون لبنانيون داخل وزارة البيئة في بيروت وعلم لبنان يرفعه أحدهم قبل أن يتم إخراجهم بالقوة من قبل رجال مكافحة الشغب اللبنانية (أ.ف.ب)

أخلت القوى الأمنية اللبنانية مساء أمس الثلاثاء مستخدمة القوة وزارة البيئة في وسط العاصمة بيروت من ناشطي المجتمع المدني الذين اقتحموها ظهرا للمطالبة باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق الذي فشل برأيهم بمهامه كوزير وبالتحديد بحل أزمة النفايات المتفاقمة.
ولم يستجب عشرات الناشطين لدعوات قوى الأمن الداخلي المتكررة بالانسحاب من حرم الوزارة إلى الباحة الخارجية، وهم أصروا على البقاء في أحد الأروقة الداخلية حتى استقالة الوزير الذين بقي مطوقا في مكتبه حتى ساعات المساء.
وعمد الأمنيون إلى قطع الكهرباء وإيقاف وسائل التبريد ومنعوا دخول وخروج الصحافيين وناشطين آخرين إلى مبنى الوزارة للضغط على الموجودين أمام مكتب الوزير للانسحاب، إلا أنهم لم ينجحوا، فنفذوا مساء قرارا اتخذه وزير الداخلية بإخراج المعتصمين بالقوة بعد إجبار وسائل الإعلام على مغادرة مبنى وزارة البيئة.
وتجمهر العشرات من المتظاهرين في منطقة العزارية في وسط بيروت دعما وتأييدا للناشطين الذين استنكروا استخدام القوى الأمنية القوة لإخراجهم، علما أن عددا منهم تعرض لحالات إغماء.
وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق ظهرا أنه أعطى الأوامر بالتفاوض مع المتظاهرين «وإلا فلكل حادث حديث لأن ما يحصل هو احتلال لمرفق عام».
واعتبر مستشار وزير البيئة سعد إلياس أن الوزير محمد المشنوق يقوم بواجباته، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن للوزير أن يتحمل مسؤولية ملف النفايات وحده ونيابة عن الجميع». ولفت إلياس، في حديث تلفزيوني، إلى أنه «منذ اللحظة الأولى لتولي المشنوق وزارة البيئة عمل على تشكيل اللجنة الوطنية لحل أزمة النفايات»، مشيرًا إلى أن الخلافات السياسية قد منعت من معالجة هذا الملف.
ونفت مصادر السفارة الأميركية في بيروت لـ«الشرق الأوسط» ما تم تداوله في الأيام الماضية عن دور للسفارة بدعم وتمويل حملة «طلعت ريحتكم»، مؤكدة أن الحكومة الأميركية لا تموّل الحملة ولا علاقة لها بها.
وذكّرت المصادر بالموقف الذي أدلى به السفير الأميركي ديفيد هيل في 24 أغسطس (آب) المنصرم، والذي أكد فيه دعم الولايات المتحدة الأميركية لحرية التعبير والتجمع السلمي المنصوص عليهما في الدستورين الأميركي واللبناني. وأردفت المصادر نفسها قائلة: «إن الولايات المتحدة الأميركية تدعم بقوة جهود رئيس الحكومة لدفع الإجماع السياسي قدما كي تستطيع الحكومة أن تعمل على الكثير من المواضيع الطارئة. وأضافت المصادر، معبرة عن اعتقادها أن «هناك مسؤولية تتحملها كل الأطياف السياسية أمام ناخبيها بالعمل على تحقيق المصلحة الوطنية».
وشدّدت المصادر على أن «المواطنين اللبنانيين يستحقون أن تتوفر لهم الخدمات الأساسية التي يستطيعون الاعتماد عليها، تماما كما يستحقون مجلسا نيابيا يتخطى انقساماته وينتخب رئيسا للبلاد». وأضافت أن «الولايات المتحدة كانت وستظل واقفة جنبا إلى جنب مع لبنان فيما هو يواجه كل هذه التحديات».
ولفتت إلى قيام حملة سياسية في الأيام الماضية اتهمت المتظاهرين والناشطين بأخذ الأوامر والأموال من سفارات ودول محددة. وقال أحد هؤلاء السياسيين لـ«الشرق الأوسط» مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن الأموال التي تُصرف لدعم الحملة والبث المباشر 24 على 24 ساعة الذي تقوم به أكثر من وسيلة إعلامية متلفزة، يؤكد أن هناك جهات كبيرة تقف خلف الناشطين وتسيرهم لأهداف لا تزال مجهولة.
وفيما تحدث وزير الداخلية عن تحقيقات تثبت قيام «دولة عربية بدور فعال وسلبي في تحريض المشاغبين»، أعرب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عن تخوفه من أن يكون هناك ما يُحضّر للبنان على خلفية التحركات التي يشهدها الشارع. وقال في مؤتمر صحافي: «نحن مع الشباب الذين يتظاهرون لكن علامة الاستفهام هي حول الجهة التي تحركهم». وأضاف: «إنني أخشى الربيع العربي، وأنا أخاف على لبنان من الربيع العربي هذا الربيع الذي كان جهنم العرب، وما يخيفني أكثر بشارة الـ«سي إن إن» من أن لبنان صار على أبواب الربيع العربي».
ودعت سفارة دولة الكويت في لبنان يوم أمس الثلاثاء مواطنيها إلى «الابتعاد عن أماكن المظاهرات والاعتصامات والأماكن المشبوهة في ظل ما تشهده الساحة اللبنانية من تفاقم لأحداث أمنية مؤسفة».
وجددت السفارة دعوتها في بيان صحافي «المواطنين الكويتيين الموجودين في لبنان إلى ضرورة مراعاة الحيطة والحذر في تحركاتهم والتواصل مع السفارة عند الضرورة»، كما دعتهم إلى «مغادرة لبنان في ظل هذه الظروف الأمنية الحرجة وعدم القدوم للبنان حفاظا على أمنهم وسلامتهم».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».